عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
2300
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
05-19-2019, 01:26 AM
المشاركة 1
05-19-2019, 01:26 AM
المشاركة 1
افتراضي هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
السلام عليكم

اعود بعد غياب

مع هزلية غرناطة اسمها السابق فوق التلال الزرقاء

الفصل الاول
القاهرة 2011
تمنلئ احلامى بصورة ضبابية ..لتلال وجبال وجدوال ماء عذبة تارة متجمدة تارة اخرى..وسلاسل من
اصص الزرع على جدران البيوت..اماكن لم ازرها قط ..قصور فى عتمة الضباب غافية ومدن ثلح
وشمس وجياد تسايق الريح ونساء فرحات وباكيات واشجارباسقة ومياه تتالق بتوهج القمر وتتماوج صاخبة
فى عاصفة مفاجئة وثمة دماء نازفة تصبغ كل شئ باللون الاحمر القانى ثم تتلاشى بانوار مبهرة وصوت
أذان يدوى فى الاصيل واجراس كنائس وصليل ناطور كنيس اليهود

احلام واحلام تراءت لى حقيقة حينما عثرت عليها او عثرت هى على ذات لىلة تقف فى فضاء غرفتى
لم ينتابنى الخوف منها بقدر الفضول ..اعنى بها فيروز او فاروزة كما تحب ان تطلق على نفسها.. أمرأة
فانية منذ مئات السنين اختارتنى لتروى لى اسرار واسرار فى اخر أيام الاندلس..واوهن ايام الاندلس
تحكى لى فيروز عن كتاب اودعته فى باطن الارض فى سرداب عميق ..مازال البناء قائم ..لم يصل اليه
احد ..طال صمتها اكثر من خمسمائة عام ويزيد..سئمت الصمت وضياع القصة فهى من زمن ضاع فيه كل
شئ .حتى الاسماء ..امسكت يدى لأغوص معها فى اعماق السرداب المظلم واعماق قصتها..اعماق ما
دونت يأحرف مرتعشة واهنة تائهة
-تقول فيروز
حينما ابدأ تدوينى لقصتنا .. لم ابدأ من بيوت المسلمين ولا بيوت القشتالين فى الغرناطة ..بل ابدئها من بيته
هو..بيت رجل لم يكن له مقدرا من المشاركة فى قصتنا لكنه قبع خلف الاحداث ..كل الاحداث..بيت موشيه

هالفىحيث بدأت النهاية من قاهل اليهود(1) بيبوته المتلاصقة وممراته الضيقة واسواره الكئيبة العالية التى
تحجب شمس غرناطه عنه وتخفى اسرار اهله..وحراسه الساهرين المتوجسين دائما ..بيوت يسكنها
ليهود..وحدهم ولا يقطنها غيرهم بيوت عزلتهم وغربتهم عن البشر..هناك فى اخر ايام الاندلس على ما
اطلقوا عليه بلغتهم القديمة قاهال اليهود او غرناطة اليهود..حيث سارة هالفى وموشيه هالفى

1-فوق التلال الزرقاء
موشيه هالفى
نظرت سارة بعيون ملئها الدمع تتطلع لقامته المهيبة ووجهه الصخرى الوسيم الذى لا يحمل شئ من صفات
قومه ..يعدل هندامه ايذانا بالرحيل..قامت من فراشها..تداعب بخفة خصلة نافرة من على جبينه يلتف شعره
الاسود الفاحم فى تموجات حتى منتصف عنقه..تقول فى دلال:-
- موشيه
التفت اليها بحنان يمسك براحة يده الكبيرة وجهها الصغير :-
حسبك يا سارتى..ويمسح تلك العبرات الفجائية التى انهمرت على وجهها الزهرى..لا تبكى يا-
صغيرتى..لا تبكى يا سارة..يأخذها فى احضانه يطفئ لهيب لن ينطفئ..كانت جميلة كزهرة بريه يافعة
..شعرها المجدول يقارب منتصف ظهرها ..وقد فكته كغيمة قاسية تدارى جسدها الفتى الا من غلالة ضئيلة
تطيح بعقل موشيه كلما التقاها.. لها حاجبان مقوسان وفم داكن ممتلئ صغير كدائرة القمروعيونمنحرفة
غائمة دائما بدمع رقراق وقد افترش يدها كثير من الوشم بترانيم قديمة وحتى انفها المعكوف الذى ورثته
عن بنى قومها لم يعكر جمالها الطاغى تهاوى بخفة بين ذراعيه هامسه بلهفة:-
لا ترحل..لا تتركنى
حينها تنماى الىه صوت العجوز الغاضب فى حدة من حجرة مجاورة وهو يردد سفر التكوين بعبرية قديمة
غاضبة:-
فى الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ،. 2 وَإِذْ كَانَتِ الأَرْضُ مُشَوَّشَةً ومقفرة وَتَكْتَنِفُ الظُّلْمَةُ وَجْهَ الْمِيَاهِ، وَإِذْ كَانَ رُوحُ اللهِ يُرَفْرِفُ عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ،. 3 أَمَرَ اللهُ : «لِيَكُنْ نُورٌ». فَصَارَ نُورٌ، ...
ضحك فى فتور ..استيقظ ابوك العجوز وان كنت اشك فى انه قد نام – يقرأ التوراة – يا لك من
زنديق بثياب حبر يا عفوديا تتشدق بالتوارة كى تسمعنى صوتك ..هم بالانصراف فتمسكت به سارة اكثر وهى تزوى بين حاجبيها:-
دعك منه- مأفون مخرف
ربت على ظهرها بخفة:-
رفقا يا سارة –رفقا ايتها الغالية –لا شئ سيفرق بيناا- لا ابوك ولا زوجك ولا طائفتنا كلها –
حرص فى الجملة الاخيرة ان تعلو وتيرة صوته حتى يسمعها العجوز القابع فى الحجرة بجانبهم
وقد كف عن القراءة تماما ثم عاودها بصوت اكثر غضباً ولم يتوقف الا وهو يلمح طيف موشيه بعبر امامه فى الممر..نادى بصوت حاد
موشيه:-
لم ينصت موشيه له واكمل مسيرته حتى الباب فلحقه العجوز وهو يتكئ ع الجدار وقد قام فى
اثره باصرار:-
موشيه-موشيه يا اخى الصغير
التفت اليه موشيه فى بطء ولم تبين ظلمة الممر شئ من غضب وجهه..كل ما ظهرته امامه صورة العجوز
المتكئ على الجدار وشمعة باهته يحملها فى يده ..وصوت العجوز يردد تعالى موشيه تعالى يا اخى
الصغير- مر عام منذ فارقت منزلنا –تعالى لنتحدث قليلا-
اى موشيه – لاتخجل اخاك الكبير-
فى تلك اللحظة خرجت سارة من حجرتها وهى تصرخ فى غضب:-
اذهب موشيه لا تستمتع لهذا العجوز المخرف –كفانا ما نالنا من اذاه
كان صوتها يشق سكون الليل فى بيوت اليهود المتجاورة التى اذا سقط شئ فى احدهم يرن فى بيوت القاهال
كله.. وقد سمع بالفعل اصطكاك النوافذ التى فتحت على عجل تنصت بفضول معتاد منذ عام لسماع صوت
سارة المجلجل–فلطم العجوز على صدغيه وهو يوقع الشمعة ارضا .. يفكر فى هم عن الغمزات التى
سيستقبله بها جيرانه بعد سويعات.يا عار بنى هالفى يا عار بنى هالفى وهو ينظر من كوة الجدار على
الابواب التى بدأ ساكنيها فى الخروج بالفعل على صريخ سارة ابنته الغاضبة..امرها موشيه فى حدة
اذهبى سارة واغلقى فمك
-فطاوعته بانكسار –كانت تعرفه اذا كسرت له امر-خبرته سنوات طويلة وعرفت ابدا انه لايقبل بالرفض-
فتحت باب حجرتها وهى تشاهده يعود عبر الممرلحجرة ابوها عفوديا دون ان يساعده فى الوقوف
اغلقت حجرتها وهى تعود ذاكرتها لعام مضى تبكى محنتها وبؤسها وتتسأل عن مصيرها وهل سيهرب
موشيه هذه المرة ام يواجه ظلم ابيها وزوجها حزقيال تحاول بجهد الإنصات لحديث موشيه وعفوديا فى
الغرفة المجاورة جلس موشيه على الثرية الباهتة وعفوديا يجلس ببطء امامه يحمل سنوات عمره الواهنة
على ظهر منحنى:-
سمعت انك حظيت بمنزل فى قصر الامير-لا يقارن بمنزلنا الفقير
ضحك فى استخاف:-
حصلت عليه بنفسى دون مساعدة بنى اسرائيل-انا الطبيب الخاص لاكبر امراء بنى الاحمر
نظر اليه بعيون واهنة:-
وبنى اسرائيل تفخر بك موشيه
تجعد جبين موشيه بغضبة خفيفة ..اقترب بخفة من عفوديا وهو يغوص ببصره ف فى عينيه الناعستين
العجوزة ثم اتكا على رسغه وهو يغمز بعينة حالكة السواد باستهانة:-

وبنى هالفى هل يشعرون بالفخر وانا اغزو بيتوهم ومخدع ابنتهم ليلا
عقد العجوز حاجبيه واشاح ببصره عنه:-
كفى موشيه
كفى ايها الشقى –نتغاضى جميعا –عن تدنيسك فراش حزقيال –كل ابناء الحى يتغاضون عن فعلتك الشنعاء
وانك الحقت العار بسارة ابنتى وبزوجها دون ان يطرف لك رمش
فضحك فى مرارة:-
اجبرتنى ان اجعل من سارة عشيقتى..طلبت منك زواجها فزوجتها حزقيال اخيك الاخر
زفر العجوز فى عمق:-
الشريعة تمنعنى ان ازوجك اياها انت عمها
وقف موشيه فى غضب:-
عن اى شئ تتحدث.. تمنعنى الشريعة ان اتزوج سارة ولا تمنعها ان تزوجها بحزقيال شقيقنا-
اى عبث تتحدث ايها المخرف.انا عمها وهو عمها –زوجتها اياه قهرا وانت تعرف ولعى بها وتحدثنى الان
عن الشريعة –ثم امسكه من ياقة قميصه:-
انك تتحدث الى موشيه ايها المخرف اعلم بنى اسرائيل بشريعتها
همس العجوز فى ضعف وهو يخشى قبضة شقيقه الفتى فلم يكن موشيه يتجاوز الثلاثون من
عمره.بل اتحدث عن شريعة المسلمين – انت تعمل لديهم ويرحبون بك وسوف تتبوا اعلى المناصب
كما فعلها هانجيد من قبل*(2)
–لماذا تظننا جميعا نتغاضى عن ذهابك لفراش سارة انا وحزقيال وكل الجيرة
نتركك تنفس غضبك يا موشيه- لم نحرمك سارة ابدأ ولن نسطيع .. امرا كهذا لا نفشيه ابدا-لكن
زواجك منها كان سيجعل المسلمين يتوجسون منك خيفة فلن يقبلوا ابدا بزواج العم من ابنة اخيه
انك عندهم موسى اللاوى ولست موشيه هالفى ..من تخدع يا موشيه انت لم تطلب يد سارة الا حين اردت
تزوجيها لحزقيال ..كان موشيه يفكر فى عمق وفى نفس المنطق الذى جعله ينطلق خارجا من القاهل منذ
عام تاركاً زفاف سارة القهرى لاخيه العجوز ذو الخمسون عاما حزقيال..والعجوز ينهض متكئا عليه
يخرجه من افكاره انهض موشيه الحبيب –تعالى اخى الصغير –فيتبعه فى صمت حتى مدخل الدار ثم
يصعد معه سلماً يؤدى لاعلى تتيح لهم رؤية غرناطة من فوقها ..تبعه موشيه فى صمت هو يحب دائما
رؤية غرناطة من هناك تحت اقدام اليهود انظر موشيه:-
هناك الى تلك التلال المشعة بالزرقة قبيل الفجر تحمل سماء وبحر غرناطة..احلامنا ترقد فوق التلال
الزرقاء غافية حتى اذا ما اشرقت الشمس علىها اينعت اشجار راسخة تغزو كلارض الاندلس وتعيد مجد
بنى عابر..احفظ يهويدتك فى قلبك فقلب اليهودى يغلق على اسراره لكن كن مع المسلمين فى شرائعهم حتى
تحظى بمكانة عالية ..ساعتها سنحصل على مبتغانا ..امارة تضم بنى عابر ..سنعود بوطن يضم كل اليهود..لنعيد مجد شلومو هذا هدفنا وانت املنا موشيه اخى

تراقصت شياطين الجحيم امام موشيه وافتر ثغره عن بسمه غادرة وهو يرمق بنى قومه وقد نظروا اليه من
خلفات شرفاتهم وكأنه املهم الاخير همس عفوديا بصوت كالفيحيح:-
يولد فى بنى اسرائيل كل مائة عام من يقودهم وانت المختار يا موشيه
زفر بعمق واحلامه تتراقص امامه بشراهة تطلع مرة اخرى للتلال الغافية فى فجر الاندلس وصوت الجامع
القريب يؤذن فى عمق وصوت رخيم :-
الله اكبر الله اكبر
عقد حاجبيه فى عمق ويد عفوديا الواهنة تغوص فى ذراعه يوما سنمع صليل كنيسنا بفضلك انت موشيه
بصوتاً اعلى واقوى ولن يعلو صوتاً غيره ..لم يجبه موشيه بشئ
انت املنا موشيه نريدك ان تتبؤا اعلى المناصب ثم فى لحظة.. ما... لحظة ستأتى على يدك تكون لنا أمارة
خاصة بنا كل النبؤات تشير اليها يوضوح وكلها تحمل صفاتك. لم يجبه موشيه بشئ
لحظة الخلاص تقترب يا بنى فلا تخذلنا- سينهار العرب والملكة هناك فى الشمال وعدت الحبر الاعظم بهذا
الأمر وبيوت بنى الاحمر تتقاتل بينها وستنهى وجودهموالنساء يشعلن الحرب بضرواة فى قلوب الاباء
والابناء فالاحمر الصغير يقاتل ابيه وعمه ..هى فرصتنا يا موشيه فلا تضيعها وستظل سارة لك ..اين
ستذهب..هز كنفيه باستهانة وموشيه ينزل مسرعا من سلم الدار وكلام عفوديا يضرب راسه فهو يعى هذا
تماما والمراسلات بينه وبين الحبر الاعظم ابراهام سنيورلا تنقطع فهو يسيطير على ملكة قشتالة سيطرة
تامة ..وقد زوجها بملك ارجون وهو من ساعدها للتخلص من شقيقها لتصل لحكم قشتالة دون منازع..وقد
وعدته بأمارة خاصة باليهود يكونون حكامها ارتج الامر على موشيه وهو ينظر للتلال الزرقاء مرة اخرى
ويتنفس نسيم هواء الفجر..تراءى له جسد سارة باهتا امام كل هذا عند االباب..تذكر قصة يوسف هانجيد
وما وصل اليه وكيف كانوقاب قوسين او ادنى من تحقيق حلمهم..امتطى جواده بعنف وطار به لا يلوى على
شئ فصرخت سارة مذعورة وطيفه يتلاشى بينما اطبقت يد عفوديا على فمها وشدتها يد اخرى
قاسية عجوز شعرها بقسوة – يد حزقيال زوجها الذى يختفى دائما..خوفا من موشيه عند زيارته
و يسكن حجرة اخرى يتوارى فيها كلما اتى موشيه..وقد امسك فمها وكتمه رغم سنه فقد كان ذو هامة جبارة
مكتنزة –همس لعفوديا وسارة تقبع تحت قدميه مشتنجة باكية مرتعشة كالشاه
اذهب عفوديا لتتلو صلاتك
بينما سحب سارة المنتحبة الصارخة الى حجرتها عبر الممر الذى اضاءت شمس الصبح جنابته
وهو يلطمها بعنف وقسوة.و يصرخ بنشوة ويمزق ملابسها الواهنة:-
اصرخى ما بدا لك عاهرة بنى اسرائيل ويتشفى فى عريها وجسدها الذى ينزف – ويصرخ اصرخى يا
سارة اصرخى فكلما ضربتك عرفوا ا انى اؤدبك كلما ضربتك نسوا ان ذيل حزقيال مدنس يا عاهرة بنى
هالفى.كانت صرخاتها تترد فى حى اليهود وموشيه ينتظر بجواده حتى يخرج من القاهل حيث اعتادوا
اغلاق حيهم بابواب حديديه وصوتها يدوى معذباً فى أذنه لكن احلامه كانت واسعة خصبة احلامه تعنى
وطن لبنى قومه وطن فقط لليهود..امارة هو حاكمها0 بل مملكة هو ملكها – سيعيد مجد شلومو مهما كلفه
الامركانت افكارة متلاطمة متلاحقة كامواج الاطلسى حتى انه لم يشعر بالوقت وجواده يقف امام قصر
الامير حيث فتحت له الابوب بكل تبيجيلوقد بدات الشمس فى السطوع على غرناطة كلها كاسرة امامها
الليل الذى اخفى حزن سارة وقهر سارة ودمائها النازفة وجسدها الذى راح فى اغماءة عميقة نتيجة ضرب
حزقيال وتخاذل موشيه