عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2012, 01:28 PM
المشاركة 466
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عبد السلامالعجيلي
طبيب ... أديب ... رحالة ... سياسي ... رسام ... إعلامي ... سوري ... برز اسمه كأحد أعلامالأدب الواقعي الحديث في سوريا خاصة وفي العالم العربي بعامة، ألف ما يزيد عن 45كتاباً بين رواية وشعر ومقالة ومقامات وقصص قصيرة وغيرها، وقد ترجمت معظم أعمالهإلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والروسية.
تتميز أعمالهبالبساطة والسلاسة ونكهة الحكاية والجاذبية، ولا غرابة أن أطلق عليه لقب حكواتيالفرات.

وتعلق بالرقة مسقط رأسه ومثواه الأخير، فقد ارتبط بها ارتباطاًوثيقاً، فقد سافر شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، لكنه كان يعود بعد كل رحلة إلىالرقة، وعاش ردحاً من الزمن في دمشق وزيراً، ولكن سرعان ما عاد إلى الرقة التيألفها وألفته، حتى لقب بأيقونة الرقة.

شخصياً (أنا طل الربوة) قرأت مجموعةكبيرة من كتب العجيلي وما زلت أحتفظ بمجموعة منها، ولإعجابي الشديد بالأديب الرائع ... أحببت أن

ولادتهونشأته

ولدفي الرقة 1918، ونشأ فيها وتعلم في مدارسها، وأكمل دراسته في حلب وجامعة دمشق،وتخرج منها طبيباً عام 1945.

يروى جانباً من سيرته الذاتيةفيقول:

أبحرتإلى كل الموانئ

مرفأ الذاكرة لدى كاتب هذه السطور،على اتساعه وطول أرصفته، يضيق بالأحداث والصور والأقوال التي تزاحم فيه وعليه، وليسذلك مستغربا على ما مر بي في ثمانين عاما من العمر قد انقضت لي، وعلى ظروف مختلفةعشت فيها ونشاطات مارستها في مجالات العلم والأدب، ومجالات السياسة والحرب، وفيعملي كطبيب، وفي الأسفار والعلاقات الاجتماعية ، وفي غير هذه وتلك وهاتيك.
أبعدما استقر في ذاكرتي من صور هي بلا شك صورة ترجع إلى سني طفولتي الأولى، وذلك حينفكنت في الثالثة من عمري أو حين خطوات أولى خطواتي في سنتي الرابعة، عرفت مبلغي منالعمر أيام هذه الصورة بعد ما كبرت وسمعت ما رواه من أبنا بلدتي الصغيرة من تاريخهذه البلدة، وهي الرقة على شاطئ الفرات في شمالي سوريا، ومن حكايات الأحداث التيمرت بها زمن طفولتي، تلك الصورة هي منظر جسم لامع، فضي اللون ، يرتسم على صفحة سماءخفيفة الزرقة ويسير على تلك الصفحة بخط مستقيم وبحركة تبدو بطيئة لبعدها عن عيني،ثم منظر قطع صغيرة، مستطيلة، تتساقط من ذلك الجسم اللامع ، قطعتان أو ثلاث أو أربع،لا أذكر اليوم كم كان عددها على الضبط ، تتساقط ويحجب عن بصري مكان وقوعها جدرانالمنازل اتلي كانت في الجانب المقابل للقبو الذي كنت أتطلع من بابه الضيق إلىالسماء فوقي. ذلك القبو الذي كنت فيه مع أمي، ومع نساء كثيرات معهن أطفالهن، كلهنيتزاحمن ليتطلعن من باب القبو إلى السماء وإلى تلك القطع المتساقطة من ذلك الجسمالفضي السائر على صفحة السماء.

بداية مع الحرب

عرفتعندما كبرت أن الجسم السائر ذاك كان طائرة حربية وأن تلك القطع المتساقطة قنابلمهلكة كانت الطائرة تلقيها على مواقع متفرقة من بلدتنا، وأن ذلك حدث في الأيامالأخيرة من شهر سبتمبر من عام 1921. هذه أبعد ما حفظته ذاكرتي من صور. ولعل استقرارهذه الصورة بهذه القوة في ذاكرة الطفل الصغير الذي كنته قد ترك في لاوعيي تأثيرااصطبغت به حياتي المقبلة في كثير من جوانبها، والجوانب الفكرية والسياسية منهابصورة خاصة . تلك الطائرة كانت واحدة من طائرات جيش فرنسا الذي غزا بلادنا واحتلهاباسم الانتداب بعدما غدر الحلفاء بالعرب وتقاسموا بلادهم . وإلقاء نقابلها علىبلدتي الرقة ، كان لأن هذه البلدة أصبحت في ذلك الحين مقرا الحركة وطنية أعلنتالرقة وما حولها دولة عربية مستقلة لا تعترف بانتداب فرنسا، ب جندت جيشا وجهته إلىحلب لمحاولة استنفاذها من يد المحتل الفرنسي، ذلك تاريخ مجهول لبلدتي الصغيرة بسطتهفي كتاباتي بعد مرور عقود طويلة من السنين على أحداثه، وليس هنا مكان روايته ،ولكنى أردت القول إنه قد يكون في استقرار هذه الصورة في خاطري طيلة ما يفوق ثلاثةأرباع القرن إرهاص لما ستكون عليه أفكار ذلك الطفل ويكون عليه سلوكه وتصرفه حينيغدو شابا وبعد أن يكتهل ثم يشيخ.
تتزاحم الصور على مرفأ الذكريات بعد تلكالصورة الأولى المفرطة في البعد، كبر الطفل في الخامسة من عمره ، وانتقل بذلك منحضن أمه إلى حضن المدرسة، كان انتقالاً مبكرا بالنسبة لانتقال أنداده الذين كانوايفوقونه في السن، فأكسبه ذلك مكاسب وعرضه لبعض الهشاشة في تكوينه العلمي لم يتخلصمنها إلا بعد عناء وزمن طويل.