عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2011, 07:56 PM
المشاركة 22
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بسم الله



عاطل

ل
مشيت قليلا على الطريق, وأنا أشعر بتلك النوافذ الصفراء التي تراقبني, وبوجوه المحلات المعتمة التي للتو استيقظ أصحابها.. سألت نفسي: هل هناك بمؤخرة رأسي شعرات بيضاء.. وأكملت طريقي.
ل
هذه القطة التي تحتك بقدمي ماذا تريد؟!.. ليس ذنبي أنها وحيدة, وليس ذنبي أن قدمي تركلها إلى مكان معاكس لي, أبعد مني.
ط
كم أكره هذا الجو الفجري.. قبل الذروة وقبل النشاط الذي يصبح عليه العالم حولي إلا أنا.. بعد قليل ستشرق الشمس ليشتد ضوؤها النحاسي أكثر وسأشعر بالوحشة.. كم أكره النهار.. النهار الشتوي ذي السماء العارية.. برياح متدلية تستمر حتى العصر.. أشعر به قاسيا كشفرات حلاقة لامعة, خصوصا إن لازمه انفلونزا كالعادة.. بدأت أشعر بذلك منذ تخرجي من الثانوية, وشعوري بالفراغ القاتل.. لقد تحولت لثقبٍ أسود للهموم.
ا
ها أنا أقف عند المطعم.. "بيض بالجبن وكوب حليب لو سمحت".. لا أدري لماذا أشعر بالخجل وأنا آمره بذلك, لقد وضع شطة, حسنا لا بأس.. أحب الحليب بالشاي جدا, وخصوصا إن كان سكره زيادة.. أتخيل وأنا أرتشفه أني ممثل كلاسيكي في فيلم أربعيني بالأبيض والأسود, تنقصني سيجارة فقط..
ا
أفكر بشطيرة أخرى ولكني أحجم عن ذلك.. الفتاة التي أراها كل يوم تقف عند الباب بعباءتها الفضفاضة, ومعها أختها ذات السبع سنوات.. طريقة شربي للحليب تتغير, ونسيت بأي طريقة كنت أشرب..
طلبت شطيرة أخرى.. أشعر بتصنعي..
ا
"سته ساندوتش, 3فلافل بطاطس بدون سلطة, وكثر الكاتشب, ووحدة بدون كاتشب" بالكاد يسمع صوت الفتاة.. "أبي ببسي معاها" تقولها الصغيرة بعد فترة من الوقت, "ببسي على الصبح, سوينا حليب بالبيت يكفي" تهمس أختها كاظمة غضبها, وهي تشد مريول الطفلة من الكم.. أفكر أن أدفع عنهم لكني خائف من ردة الفعل..
ع
أكمل طريقي بعد دفعي لحسابي متأخراً بعد خروج الفتاة.. أصل البيت وأدخل المفتاح بثقل لأتفاجأ بالخادم يسبقني بفتح الباب لي, ولأجد أبي يستعد للخروج, والخادمة تقدم له فنجان القهوة السوداء الثقيلة.. يشير إلي والفنجان في فمه, ويقول بعد رشفة سريعة: (جهز نفسك ستذهب معي الليلة لعشاء وزير العمل).. زوجة أبي الثالثة تجلس على الأريكة, تبتسم باتجاهي كقطة فارسية سمينة.. قدمي تحكني.. سحقا ً.