الموضوع
:
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
02-02-2014, 09:37 AM
المشاركة
483
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
والان مع العناصر التي شكلت الروعة
في رواية -
22
ـ مدام
بوفاري، للمؤلف جوستاف
فلوبيرت
- تمتاز رواية مدام بوفاري
بواقعيتها وروعة أسلوبها، والتي أثارت
قضية الأدب المكشوف.
-
ويعتبر فلوبير مثلاً أعلى للكاتب الموضوعي، الذي
يكتب بأسلوب دقيق، ويختار اللفظ المناسب والعبارة الملاءمة
.
-
ينتمي الكاتب الفرنسي
إلى المدرسة
الواقعية
الأدبية
وعادة ما يتم
النظر إلى روايته المشهورة
(
مدام
بوفاري
Madame Bovary)
،
باعتبارها أول
رواية واقعية
،
-
وهو الذي تابع
المشروع الروائي الواقعي، الذي بدأه كتاب فرنسيون آخرون، وأرسى قواعده، إلا أنه
بالرغم من انتمائه إلى المدرسة الواقعية،
-
يظل ذلك الكاتب الذي زاوج بين واقعيته،
وبين ميله الرومنطقي، الذي ظهر جليا في روايته (سالامبو
Salammbo)
، وفي تضاعيف
رواياته الأخرى، التي حملت عناوين: (إغراء القديس أنطونيوس) و(التربية العاطفية
)
،
بالإضافة إلى روايته (مدام بوفاري
).
-
على خلاف الكتاب الرومانتيكيين، الذين
يعتمدون على الخيال، والعواطف المتقدة، في التعبير الأدبي، تميز جوستاف فلوبير
:
-
بقدرته على الملاحظة
الدقيقة،
-
وعلى توصيف النماذج البشرية العادية،
توصيفا دقيقا،
-
والاستعانة بالعقل،
والرؤية الموضوعية، بدلا من نظيرتها الذاتية، التي يتصف بها الكتاب الرومانتيكيون
عادة،
-
والواقع أنه الكاتب الذي لم يكن ينفر
من الواقع على غرار الرومانتيكيين، بل كان يعتقد أن الفن الحقيقي هو الفن الموضوعي
Objective
وأن الفصل بين
الفنان كذات، وفنه كموضوع، ضروري،
-
ومع ذلك، فإنه الكاتب
الذي يمثل المذهبين الواقعي والرومانتيكي، بطريقة أو بأخرى
.
-
وفي رواية (مدام
بوفاري
(
،
يصور جوستاف فلوبير التطورات الطارئة على بطلة
الرواية، إيما بوفاري، من الناحيتين السيكولوجية والأخلاقية، وبالإضافة إليها
كنموذج بشري أنثوي، عادي،
-
كما انه يصور طبائع وأمزجة عدد من الشخصيات الأخرى، وكلها
نماذج عادية، تحيا في الواقع الاجتماعي، وتنتمي إلى الطبقة الوسطى
Middle-class
ولها اهتماماتها، وأهدافها،
ومشاريعها العادية، وبالفعل فإن توصيف النماذج التي تحيا الواقع، ليس عملية يسيرة،
-
جوستاف فلوبير وفق هذا المنظور، روائي وفنان واقعي بامتياز، وهو قادر على رصد
الطبائع البشرية، ومعرفتها، معرفة عميقة، على خلاف الرؤية الفلسفية، التي تؤدي
بالفيلسوف عادة، إلى معرفة الإنسان، ودوافعه، وحوافزه، والأخلاقيات التي يؤمن بها،
بأكثر من معرفة الأفراد، وطبائعهم، التي تتميز بها فردانيتهم،
-
وهذه الظاهرة
موجودة على نطاق واسع، لدى الفلاسفة، بالرغم من طاقاتهم الكبيرة على التحليل
السيكولوجي للطبائع البشرية، على أن جوستاف فلوبير لم يكن فيلسوفا، بل روائيا،
وفنانا واقعيا
.
-
ومما
تتصف به بطلة الرواية إيما بوفاري، ميلها إلى التعالي الذاتي، على الطريقة
الرومانتيكية، وكانت قراءاتها في الأدب الرومانتيكي، وإطلاعها على رواية (بول
وفرجيني
Paul and Virginia)
، للكاتب الرومانتيكي
برناردين دي سان بيير
(1814-1737)
، بالإضافة إلى أشعار
ألفونس دو لامارتين
(1869-1790)
العاطفية، والحكايات التاريخية
للكاتب الإنكليزي سير
والتر سكوت
(1832-1771)
، قد أدت إلى تعلقها بهذا النوع من
الأدب
، وإلى ميلها إلى الارتقاء بذاتها، والتطلع بأمل، إلى
المستقبل، والنفور من الحاضر، الذي يتصف بالافتقار إلى الفاعلية، والنشاطية. وإن
زواجها من الطبيب التقليدي شارل بوفاري، أدى إلى زيادة إحساسها بالفراغ، ورغبتها في
الانعتاق من القيد الاجتماعي، الذي يكبلها، ويمنع روحها من التعالي والارتقاء
.
-
ومهما يكن من
أمر،
فإن مشروع البطلة إيما بوفاري، يفشل فشلا شاملا، بعد
إخفاقها في الحب، مع عشيقيها، رودولف وليون، وهو الإخفاق الذي يتجلى بانكسارها
السيكولوجي، وبموتها، على هذا المستوى، مما يجعلها تقرر الانتحار، ولا تتردد في
الإقدام عليه، لا بل أنها تشعر بالارتياح والسعادة، لأن متاعبها آيلة إلى الزوال،
ومعاناتها في طريقها إلى الانتهاء
.
-
وإنه لمن التراجيدي بالفعل، أن يشعر المرء بأن
موته هو سبيله إلى الخلاص من المعاناة، وبالرغم من أن المفكر والشاعر الإيطالي
جياكومو ليوباردي (1837-1898
) Giacomo Leopardi
، قد وصل إلى اختبار حالة الموت
السيكولوجي، والتصق بها، إلا أنه اعتبر الانتحار خيارا مرفوضا، وهو بقراره هذا،
إنما يؤكد الحالة، كواقع سيكولوجي، ومن ناحية أخرى، فإن حقيقة كونه مفكرا، وليس
شاعرا فقط، قد مكنته من اتخاذ قراره، باحتمال الحياة، حتى
النهاية
.
رد مع الإقتباس