عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2014, 01:57 PM
المشاركة 39
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصية اخرى للكاتب للقاص مبارك الحمود:

المبعثر
بقلم : مبارك الحمود

حينما استيقظت وجدتني مبعثرا في غرفة الفندق.. أعضائي متناثرة في كل مكان - يبدو أني انفجرت كالفشار فجأة, بالتأكيد أن ذلك ما حدث - حاولت أن أنادي على لساني بغباء فلم أستطع, شعرت به يتحرك كدودة, يحني وسطه للأعلى ويزحف... عيني الوحيدتان القابعتان على السرير أدرتهما لأنظر من خلف النافذة ومن تحت الباب, ولكنهما تدحرجتا بالقرب من حواف السرير.. أحسست بالرعب, "رباه هل سأصاب بالعمى".. قطة الجيران العدوة قفزت فجأة على النافذة.. ربضت بخبث و ماءت, خفت وأنا بالكاد أستطيع التحكم بأعضائي, وكأنها مربوطة فيما يبنها بخيط مطاطي, أتتني رغبة بالصراخ, ولكن لم أقدر فوضعي لا يساعد على ذلك, تمنيت أني أستطيع قرص نفسي..

ألقت القطة نظرة عامة على الغرفة.. يبدو أنها محتارة في اختيار عضو من أعضائي لأكله, اعتقدت بأنها ستختار قلبي الذي يتسارع نبضة الآن.. تقترب من شيء, أعتقد أنه أنفي فرائحتها النتنة تزيد قربا, يا إلهي لقد وثبت على السرير, تشتمم أعضائي فتخطف عينا من عيني, وتولي هاربة بها من النافذة ..مارة بأزقة حارتنا الضيقة, فأصبحت أرى مشهدين, مشهد داخلي هاديء للغرفة مع شاشة تلفاز لبرنامج صباحي, ومشهد آخر خارجي يتغير.. رأيت بداية جدران ملآ بالكتابة من فوق أحدها ظهر شابين يتناقشان ثم يتشاجران, ويجتمع جمع غفير حولهما.. انطلقت القطة بعدها وعرجت على حي فقير, وجوه العابرين فيه تبعث على البؤس, وعجائز بائعات متلفعات بالسواد يتحدثن.. ما الذي حدث لي, كل ما أذكره البارحة أني تناولت عشاءً خفيفا, وشاهدت نشرة أخبار التاسعة, فقط لا غير.

أصبح نظري بين ذلك البرنامج الذي يقدم أغنية وطنية وبين صبية يلاحقونني أقصد يلاحقون القطة, ويرمونها بالأحجار والعلب الفارغة, ثم مشاهد صامتة وصوت المغني بالغرفة يصدح لمحلات وسيارات وحفر ومطبات, ومباني عملاقة بجانب صغيرة, وشوارع وأحياء لم أتوقع يوما أن أمر منها.. مررت بذلك كله حتى دخلت إلى قصر كبير به حديقة لحيوانات, حيث وجدت أسدا هرما يقف أمامي وحيدا, قبل أن يبتلع المشهد ظلام شديد, وحينها وجدت أعضائي في غرفتي تلتحم معا.. تحسست مكان عيني اليمنى الذي أصبح فارغا ككهف, وبقي أمامي مشهد واحد بعيني الأخرى, حيث الجمهور الغفير, يقابل المغني الكبير بعاصفة من التصفير والتصفيق.