عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2011, 04:53 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
*الفصل الثالث *


* المختار والنذالة *


في مساء اليوم التالي . . يلبس أبو أسعد أحسن ثيابه . . ويتجه إلى ديوان المختار . . الذي ما أن رآه حتى عرف أن لديه بوحاً مهماً . . وطلباً شــخصياً . . فأخذه جانباً واستفسر منه . .
** مابالك يا أبو أسعد . . ماذا لديك . . !
**يا مختار . . أريد أن أخطب حسنا . . ابنة أبو خضر لإبني أسعد . .
** نعم لقد رأيتها أكثر من مرة . . هي تشتري بنفسها جميع لوازم الأرض . . فلتخطبها . . وماذا في ذلك . . !
** يامختار . . أنت تعرف حالنا . . وليس بمقدورنا أن نقدم مايقدمه غيرنا عندما يزوجون أولادهم . .
** لم أفهم يا أبو أسعد . . أين المشكلة . . !
** أريدك يا مختار أن تتعطف علينا . . وتخطب لنا حسنا من أبيها . . وهو لن يرفض لك طلباً . .
** حسناً .. حسناً.. سأخطبها . . وماذا في ذلك . . !

المختار رجل ذو قوة ومنعة . . وهو من أغنى أغنياء المنطقة . . في ذمته زوجتان . . ولديه حشد من الأبناء والأحفاد . . ومع أنه رجل سيء وظالم . . ولكن الجميع تعودوا أن يقصدونه وقت الحاجة . .
مرت عدة أيام بعد ذلك . . واستطاع أسعد بجهد جهيد أن يخبر حسنا بما يفعل هو و أهله . . أخبرت الجميلة والدتها . . ولكنها بالطبع لم تستطع أن تسر لوالدها بشيء . .
فوجىء والد حسنا في المساء بزيارة المختار . . فقام مسرعاً بالواجب . . ورحب بالضيف الكبير . .
** أهلاً وسهلاً بالمختار . . اعتبر أنك في بيتك . . أنت على الرحب والسعة . .
وبعد القيام بجميع واجبات الضيافة الممكنة . . انبرى المختار متحدثاً :
** اسمع يا أبو خضر . . لقد جئت إليك طالباً . .
** اطلب يا مختار . . فمثلك لا يرد له طلب مهما كان . .
** إني أطلب حسنا . . ابنتكم المصونة . . زوجة لي . . وأنا على استعداد لأية طلبات تطلبونها . .
** ...... لقد فاجأتني بطلبك يا مختار . . أمهلني عدة أيام حتى أتصرف . . ولن تكون إلا راضيـاً بإذن الله . .
كانت الوالدة وابنتها سعيدتين . . تتسمعان من خلف الباب . . وما أن نطق المختار بطلبه . . حتى شهقت الوالدة . . ووضعت يدهـا على فمها لتمنع صرخة أوشكت على الإفلات . . أما حسنا . . فقد تجمدت بالكامل . . ولم تستطع أن تبكي . . أو تصرخ . . ولم تقو كذلك على الوقوف . .
مرت السـاعات ثقيلة. . حتى تمالكت الجميلة نفسـها . . وفكرت بما حصل . . وبأنها ستذبح . . لأن زواجها من المختار هو الذبح بعينه . . ولكنهـا لم تستسلم . . قامت . . لبست أحلى ثيابها . . أخذت بغلتها . . واتجهت إلى حبيبها تخبره بما حصل . . أليس هو حبيبها . ! أما عليه أن يجد بنفسه سبيلاً . ! بعد أن ضاقت السبل . !
** أسعد لقد جاء المختار عندنا البارحة . . وخطبني لنفسه . . ! ! لا أجد بيدي حيلة . . فكر معي . . هل يمكنك فعل شيء . ! !
أسقط بيد أسعد . . ولكنه لم ييأس . . فحبيبته قصدته في مشكلة تخص حياتهما . . فكيف ييأس . . ! ولكن ماذا بمقدوره وهو الضعيف أمام جبروت هذا الظالم . .
فكر كثيراً ووصل ليله بنهاره . . حتى هداه تفكيره إلى الاستعانة بابن عمه الذي يسكن في العاصمة . . ويعمل هناك بوظيفة مرموقة في البنك الكبير . .
**أكيد سيجد لي حلاً . . !
أما في القرية فقد علم الجميع بطلب المختار . . واضطر أبو خضر مرغماً إلى الموافقة . . وعاشت الجميلة على نار . .
فوجىء ابن العم في العاصمة بزيارة ابن عمه . . الذي لم يره منذ فترة طويلة . . ففرح وكان به سعيداً. .
** أسعد ابن العم . . كيف حالك وكيف حال القرية . . والله لقد اشتقت إليها شبراً شبراً . . ولكن . . أنت تعلم . . العمل في العاصمة لا يرحم . .
** ابن العم . . إني واقع في مصيبة . . وأريدك أن توجهني كيف أخرج منها . . وماذا أفعل . .


*الفصل الرابع*


* نهاية الشقاء*


وقص أسعد على ابن عمه تفاصيل مصيبته ولم يترك منها شيئاً . . واستمع ابن العم باهتمام وعطف . . ووعد ألا يقصر أبداً في التدخل لحل المشكلة . .
في الصباح الباكر . . أيقظ ابن العم أسعد وهو يصيح . . وجدتها . . وجدتها . .
** ماذا وجدت ياابن العم . . !
** اسمع . . البشر من صنف المختار . . نحن نعاملهم بالطيب والود . . وهم أبعد ما يكونون عن ذلك . . هؤلاء البشر تغلغل الشر في عروقهم . . وعلينا أن نعاملهم بما يستحقونه . . لنكون أقوى منهم . .
** ابن العم . . أنا لم أفهم شيئاً . .
** علينا أن نجعل المختار خائفاً على نفسه وعلى مركزه وعلى ممتلكاته . .
** ابن العم . . ماذا تقول . . إن علاقات المختار بالمسؤولين الكبار جاوزت القرية ووصلت العاصمة . . إن كل شيء بيده . . ولديه جيش من التابعين . .
** لا عليك . . عليه أن يخاف . . وسوف ترى ما سوف أفعل به . .
** لا تخاطر بشيء يؤذيك أو يؤذينا يابن العم . .
** اسمع . . سأجمع لك بعض الوثائق والحسابات والأرقام . . التي تثبت كثيراً من تلاعبات المختار . . وتضعه أمام مسؤوليه الكبار في موقف قاتل . . وأضعها في مظروف . . وأرفق معها خطاباً قصيراً . . وما عليك إلا أن تضع المظروف كاملاً في دارة المختار . . تدفعه تحت الباب . . في الليل . . دون أن يراك أحد . . هل تفعل ذلك . . !
** أفعل ذلك . . ! ! بالطبع أفعل أكثر من ذلك . . ولكن الخطاب . . ماذا ستكتب فيه . . !
** تعال وانظر . . سنكتبه سوياً . .
(( أيها المختار . . علمت أنك طلبت حسنا ابنة أبي خضر لتتزوجها . . وهي في سن أحفادك . . لو لم تبتعد عنها فوراً وتخبر القرية بذلك . . فسوف أنشر على الملأ جميع ماتراه بيدك من وثائق وأرقام . . وسأجعلك تحتفل بزواجك في السجن بإذن الله . . ))

بعد مضي عدة أيام . . وفي الليل الحالك . . بعد أن غاب القمر . . تسلل أسعد صوب دارة المختار . . لم يخبر أحداً بخطته . . لما فيها من مسـؤولية كبيرة . . راقب الطريق وتأكد من خلوه . . ثم أسرع ودس المظروف تحت عقب الباب . . وعاد منتصراً إلى بيته ينتظر الغد بلهفة . . ليخبر محبوبته بما فعل . . ويطلب إليها ألا تخبر أحداً على الإطلاق بهذا السر الخطير ..
في الصباح . . تجد الخادمة مظروفاً غريباً في مكان غريب . . وتخبر سيدتها بالحال . . احتارت زوجة المختار . . وذهبت من فورها توقظ المختار وتعطيه المظروف وتخبره بما حصل . .
قام المختار من نومته . . وفتح المظروف . . الذي ما إن قرأه حتى امتقع لونه وأحس بالاختناق . . وأسرعت زوجته تحضر له كأس ماء . . ولكنه أحس بالمرض والإعياء فجأة . . وسقط على السرير . . وشعر أن أجله قد حان . .
بعد مرور يومين لا أكثر . . تحامل المختار على نفسه بصعوبة بالغة . . تتشح بالذل والألم . . وقصد دار أبي خضر . .
** أبو خضر . . يبدو أنه ليس لي نصيب في ابنتك . . اعتبرني منسحباً من طلبي . . وكل ما أعطيتك حتى اليوم لا أريده . . اعتبره هدية . .
أسقط في يد أبي خضر . . ومع سعادته بأنه تخلص من الورطة . . فإن انسحاب المختار المفاجىء من الخطبة . . يلقي ظلالاً من الشك عليه وعلى ابنته . . ومن سيتزوجها بعد ذلك . . إنها فضيحة كبيرة له ولأسرته . . فضيحة ستغمس رأسه بشكل دائم في التراب . .
ولكن كلا . . هنالك في الأفق قلوب محبة . . لن تسمح للذل أن يصيبك أيها الرجل . .
عشية اليوم التالي . . أسعد وأمه و أبيه . . يلبسون أحسن ثيابهم.. ويتجهون إلى دار أبي خضر ..
الذي يستقبلهم بحفاوة مبالغ فيها . .
** تفضلوا أيها الأحباب . . لقد مضت سنوات طوال . . وأنتم في القلب دوماً . . أهلاً بكم . .
** أبو خضر نحن جيران منذ زمن طويل . . وهذا أسعد ابني وحيلتي . .أتمنى لو تقبله زوجاً لابنتك . .
** أقبله . . ! طبعاً أقبله . . سأبني لهم بيتاً وأفرح بهم . . تعال يابني . . اجلس بجانبي . .
ومضى قطار العمر . . يستر مافات . . ويهيء الوداد للحبيبين لكل قريب آت . .


** أحمد فؤاد صوفي **