عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2017, 12:19 AM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا باستاذنا الفاضل


أولا أرغب في الإشارة إلى أن الغزالي كتب تهافت الفلاسفة أما تهافت التهافت فهو من كتابة ابن رشد ، والغزالي لم يرفض المنطق بل جعله أساسا لكل استدلال بوصفه منطقا صوريا وآلة فقط لا يحمل أيّة أيديولوجية .

أما ماذا أفادت الفلسفة البشرية فأظن أن ما كانت تتناوله الفلسفة سابقا أصبحا اليوم علما حقيقيا من علوم الاجتماع وعلوم السياسة وعلوم القانون وعلوم التربية و علم النفس وغيرها الكثير ، ناهيك عن التوازي الذي يجمع علوم الطبيعة مع الفكر الفلسفي ، أضف إلى ذالك ما تقدمه الرياضيات كعلم ذهني صرف من مقاربات منطقية رياضية تفسر الظواهر الفزيائية .

ماذا أفادت الإنسان .

وهل الفلسفة إلا فعل إنساني ، منذ الطفولة و الطفل يسأل و يسكنه هاجس السؤال وخاصّة المعرفي منه ، إذا كان الدين يجيبه عن حقيقته الوجودية فالفلسفة تجيبه عن حقيقته المعرفية ، أن بعد كل سؤال سؤال وأن بعد صناعة صناعة و أن بعد كل نظام منطقي نظام منطقي آخر وأن هذا الجدل سيظل ساريا و منه ينتج التقدم .

هل يمكن أن تتصور نظاما سياسيا يسير بدون فلسفة ، فلسفة الدولة أو توجهها أو إن شئت أساسيات هذه الدولة وثوابتها و هل يمكن أن تتصور نظرية علمية دون رؤية فلسفية ، مثلا هل تعتقد أن نسبية أنشطاين كمقاربة جديدة للزمان والمكان لم تخلخل الفكر الإنساني ، و هل فزياء الكوانتوم لم تؤثر على مفهوم الحتمية ، كل فتح جديد في العلم يحتاج إلى رؤية فلسفية تؤازره و كل رؤية فلسفية تحاول وضع الإنسان في سياق معرفي معين به يوازن بين المعارف الجديدة والقديمة وخلق توازن نفسي ضروري للحياة .

المنهج هو أهم ابتكارات الفلسفة ، سواء الاستقراء أو الاستنباط أو الفينومينولوجيا ، أوغيرها من المناهج التي تساعد على تلمس بعض أجزاء الحقيقة .

من السهل جدّا أن نؤمن بلاجدوائية الفلسفة والعقل ، ولكن من الصعب أن تصنع حضارة بدون عقل و فلسفة . فالغزالي بتكفيره الفلاسفة ربما كان قد طمس العقل وكرّس مذهبه هذا الركون إلى الهوان والتواكلية دون أن يبغي ذلك ، لكن سيطرة مذهبه على الساحة الفكرية أنتجت تقهقرا مريبا في الحضارة العربية .
فعدم الإيمان بالعلية وجعلها مجرد اقتران رسّخ في الذّهن العربي أن المجد سيأتي دون مقومات علية سببية ، وهذا ضرب من المحال العقلي .