عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2014, 03:00 PM
المشاركة 16
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الفصل الخامس
ذو القلب الاسود
تعجبت وانا اهم بغلق النافذة من تلك الرياح القوية التى ضربت وجهى فى ليلة من ليال الصيف ..ضحكة
صغيرة خافتة انبئتنى بوجودها ..بقفطانها الاسود المخملى وتلك الحلى الفضية البراقة على صدرها هذه
المرة .. تبهرنى وتفاجئنى فيروز دائما ..وصوتها الرخيم يقول دون مقدمات
اخذ الحلم بدولة لليهود برأس موشيه..ووقته...صار هذا هدفه الابدى ووجه له كل طاقته فى السفر
والترحال بين مملكتى الاخين المسلمين..ولا عجب ان تجدى قرية صغيرة هى مملكة اسلامية ..فقد كان
هم وطاقة الملوك المسلمين هو التفتت والتحارب والتأليب والتنافس واستجداء عطف الفونسو وفريننادوا
وغيرهم ..بينما طبينا اليهود الماهر يحاول جاهدا لملمة شتات قومه فى وطن يحتويهم ..وفى خضم هذا
نسى سارة ونسى عيد الفطير المقدس ونسى بطن سارة المتكور
الذى اخرج دون ميعاد طفلة ضعيفة تحمل الكثير من ملامح موشيه وعيونه السوداء وشعره الاسود
الفاحم
خرجت اوشرا للحياة خائقة مرتعشة بعد شهر من لقاء امها بموشيه عند البحيرة ..قبلت سارة يدها الصغيرة برقة ..سألتها القابلة بسخرية ..ماذا سيكون اسمها
اجابت سارة وبدنها كله يرتعش
اوشرا
نظرت للخرقة البالية التى لفت بها الطفلة وهى تقول دون مدارة او مراعاة لمشاعر المرأة المحمومة
عجباً ..اوشرا كيف ان يطلق على ابنة الزنا اسم من اسماء السعادة
صرخت فيها سارة وهى تلقى الصغيرة اليها
ابنة زنا ..ابعدوا ابنة الزنا..صرخت والحمى تأكلها وهى تعض الفراش بحسرة وقد اتى عفوديا لصراخها
طلب من القابلة ان تأخذ الطفلة وان تحرص عليها بعد رفض سارة ارضاعها واطعامها
وحتى بعد تعافت بعض الشئ لم تطلب رؤية اوشرا المسكينة
لم تفارق كلمة ابنة زنا شفتيها ..عافت نفسها الطعام حتى ان عفوديا وحزفيال كان يطعمانها غصباً خوفاً
من غضبة موشيه وسط صراخها واسنانها التى تنهش ايديهم واذرعهم حتى تسيل الدماء منهما فيضربها
حزقيال بقسوة ويربطها ثم يعاود عفوديا فك وثاقها وهو ينظر بين الحين والاخر ان يصل خبرها لموشية
كانت حالة سارة تسوء رغم مرور عدة اشهر على ولادة اوشرا ..صارت تهذى وتمضى ذاهلة فى القاهل
..كانت تسير على غيرهدى ولا يسمح لها بالخروج من البوابة ابدا الا انها استعطفت الحارس ان تذهب
للبحيرة برهة من الوقت ..رق لجسدها الناحل ووجهها الشاحب وهى تقف وحيدة يلفها البرد والالم
..ذهبت وهى تردد فى الطرقات ابنة زنا
..ابنة زنا حتى تربص بها احد اشرار المدينة وجرها من شعرها الاشعث لمكاناً قصى دون يستمع
لصراخها وعويلها
حينما عادت فى النزع الاخير من الليل البارد ممزقة الثياب مكشوفة البدن يسيل الدم من بين فخذيها
لطم عفوديا خديه وحزقيال يركلها بقسوة فى بطنها
فاجرة ..لعينة ..عاهرة اليهود
امسك به عفوديا وهو يلطم على خديه
- دعها دعها لن تدرك غضب موشيه اذا عرف
-هتف حزقيال
لم يزرها موشيه منذ عام
حتى لم يعترف بالطفلة او قل انها تغاضى حتى معرفة اى شئ عنها وكيف يعترف بابنة زنا
كظم عفوديا غيظه من اخيه الاحمق..ما كان له ان يزوجها هذا الاحمق ابدا ...امسك ذراعها فلفظته
وقامت تسير وحدها فى الممر الى حجرتها تتكئ على الجدران الباردة بلا وعى وترتجف بشدة حتى اذا
ابصرت المشكاة المعلقة بلهب ضئيل فى حجرتها انتزعتها
وهى تصرخ
النار
دفيئنى ايتها النار
دفئ سارة المسكينة قالتها والنيران تمسك بثيابها
وعفوديا وحزقيال يقفان مشدوهان
فقد حدث الامر سريعا وصارة سارة كتلة من نار
كانت تصرخ بجنون موشيه
موشية اين انت حبيبى موشية ..موشية
حينما وعت حارة اليهود على الصريخ والعويل ومحاولات حزقيال وعفوديا اليائسة
وقد التفت سارة فى رداء من النار
كانت قد انتهت
وقد توقفت عن الصراخ بينما يرتسم اسم موشية على شفاتها
وان كان هناك صراخ اخر من الطفلة البائسة التى لم تكمل شهور

......
سيدى موسى اللاوى
ماذا هناك يا جعفر
رجل يطلب مقابلتك
كان الرجل ضئيل القامة عرف فيه موشيه على الفور ميخا اليهودى
ارتجف موشيه من داخله فاى نذير سوء بعث به هذا الرجل- اى انباء سيئة يحملها
ترى ما الذى جعل عفوديا يرسله
لم ينبث ببنت شفة وهو قد فهم ان هناك امر جلل يستدعى ذهابه للقاهل
دخل بفرسه الاسود قاهل اليهود يحتويه الليل وليس اى ليل وقد ضرب سمعه صليل البوابة خلفه يغلق
فى سرعة ورهبة ..عصفت به رباح الحيرة اكثر من رياح تلك الليلة المظلمة الباردة وتلك العيون الزائغة
التى تهرب منه
عرف على الفور ان هناك ميت بيبت ال هالفى حينما اقترب وسمع عويل حزقيال
سأله
متى تم الامر
فاجاب باكيا
بالامس
اجاب موشيه لعله مات ميتة سريعة هل غسلتوهم كاوامر الكنيس اليهودى ولماذا لم تستدعونى على
الفور حتى اشارك بالأمر .. ان عفوديا اخى الاكبر وامر كهذا لا ينتظر يوما كاملا
اللعنىة عليكم هل نسيتم انى فرد من العائلة وانى انتمى لليهود
نظر حزقيال له محتارا وقد ذهبت دموعه ادراج الرياح التى تمخر بيوت القاهل بأكمله وارتجف بشدة
وصوت عفوديا المتعب ينعبث من الحجرة الداخلية
موشية
قد عقد موشية حاجبية فى شك وهويهرع لعفوديا الذى التزم فراشه متمارضا وقد فرد ذراعيه متابكياً
اه يا موشية اه يا اخى الصغير ..حلت علينا مصيبة يا موشية ..يا ضيعة بنى هالفى
الجم الصمت والذهول موشيه فلن يتلتفت اليه بل صارى يفتش حجرات المنزل فلم يجد سوى تلك
الصغيرة التى تقضم اناملها من الجوع
وقد اشتم رائحة الحريق واختفى اثر سارة اى اثر لسارته
صار يحطم كل ما تطاله يده وامسك بتلابيب عفوديا والقاه على الارض
اما حزقيال فقد جرى وموشيه يستل سيفه فى اثره وهو يصرخ انجدوينى
خرج كل رجال القاهل وهو يقفون بين موشيه ومبتغاه وقد استطاعوا مباغته وتكتيفه
وهو يصرخ ويبكى
حتى خارت قواه
جاءت العجوز لتدس لقيمات فى فمه
فرفض
همست باذنه
هذا افضل لها المسكينة البائسة
لقد عشقتك حتى لموت موشيه فلا يكون جزاؤها لفضيحة ونبش قبرها
كانت النار افضل حل لها
لاتغضب لموتها
فقد ماتت سارة منذ زوجوها لحزقيال
ان سارة هى ايقونة بنى اسرائيل
انها تضحية عظيمة من اجل هدف اعظم
فكوا وثاقه بعد ان هدا
لكن الحزن اكل قلبه فلم يطلب سوى زيارة قبرها
كانت الوقت قبيل الشروق وحينما وصل للقبر
فتحه
كانت هناك وقد احتر ق جسدها
اما وجهها وشعرها كما هو احتضن موشيه وجهها وهو يصرخ
ايتها الحبيبة الشقية الغالية اه يا سارة كيف تفعلين هذا بى
هل طاوعك قلبك على اذيتى هكذا ايتها الحمقاء
اه يا سارة انا ميت منذ اليوم ايتها الحبيبة حتى ان عشت بعدك الف عام
هل لشعلة اسرائيل ان تضئ بدماءك يا سارة
هل لشعلة بنى اسرائيل ان تضئ باحتراق قلبى يا سارتى
كانت الشمس بدات تشرق على تلال الاندلس وموشيه يقف بفرسه وحيدا وقد شق الحزن صدره يرقب
تلك التلال المتوهجة بشعلة زرقاء ثم الشمس تغمر البقاع رويدا رويدا
وقد شاركه الفرس حزنه
من يومها مات قلب موشية هالفى واكتسى السواد ..لم يرتدى سوى السواد منذ موت سارة ..كانت سارة حداده الابدى وسواد قلبه الذى لم يعرف الرحمة ابدا..ماتت سارة فمات موشيه معها ..بقى فقط عقله الاثم وقلبه الاسود
مسحت دموعى التى نزلت دون وعى
هل حزنت عليها
مسكينة
قالت فيروز بسخرية ليست وحدها المسكينة اليهود يبخسون المرأة حقها ليس لديهم سوى دنسا بدنس..هى لديهم الحية التى أخرجت ادم من الجنة
من خلف خمارها الاسود نظرت لى بتمعن
فى اندلسنا البائس الوف الحكايات الاليمة لنساءاً اكثر بؤساً من سارة
كنت مازلت ارتعش وهل هناك اكثر بؤساً من سارة
اجابت وهى تنتحب
نساء بربشتر .. بعضهن اغتصبن امام ابائهن واخوتهم وازواجهم وبعضهن تم اختيارهم ضمن سبعة الا ف فتاة بكر من اشراف العرب ليعشن جوارى فى قصور النصارى وما ادراك ما معنى كلمة جوارى
نظرت لها بغباء وليس لى قدرة على الاستعياب واين كان ملوك الاندلس!!
ضحكت بسخرية المأساة بدأت حينما استعان احد ملوك الاندلس بملك النصارى على اخوه وتم حصار بربشتر اربعين ليلة ..اربعين ليلة يستغيثون ويستصرخون نخوة العرب دون جدوى
اكملت وهى تغيب عنى والاكثر مأساة من قصة سارة اليهود سارة الاخرى