عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2019, 09:02 PM
المشاركة 130
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
وكان محمد بن جعفر بن أبي طالب معه، فاستجار بأخواله من خثعم فغيبوه. وكان سيد خثعم يومئذ رجلاً في ظهره بزخ من كسر أصابه، فكان إذا مشى ظن الجاهل أنه يتبختر في مشيته، فذكر لمعاوية أنه عنده، فقال له: أسلم إلينا هذا الرجل: فقال: ابن اختنا لجأ إلينا لنحقن دمه، عنك يا أمير المؤمنين. قال: والله لا أدعه حتى تأتيني به. قال لا والله لا أتيك به. قال: كذبت. والله لتأتيني به، إنك ما علمت لأوره. قال: أجل، إني لأوره حين أقاتلك على ابن عمك لأحقن دمه، وأقدم ابن عمي دونه تسفك دمه. فسكت عنه معاوية وخلى بينه وبينه.
الشيباني قال: قال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد دولته وجعل لمن دله عليه أو جاءه به مائة ألف درهم. قال: فأقام الرجل حيناً متوارياً ثم إنه ظهر بمدينة السلام، فكان ظاهراً كغائب، خائفاً مترقباً. فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه، فأهوى إلى مجامع ثوبه، وقال: هذا بغية أمير المؤمنين؛ فأمكن الرجل من قياده، ونظر إلى الموت أمامه. فبينما هو على الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره، فالتفت فإذا معن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد، أجرني أجارك الله؛ فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك؟ قال: بغية أمير المؤمنين، الذي أهدر دمه وأعطى لمن دل عليه مائة ألف. فقال: يا غلام، انزل عن دابتك، واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس، يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين! قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي. فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب، فدخل إلى المهدي فأخبره، فأمر بحبس الرجل، ووجه إلى معن من يحضر به. فأتته رسل أمير المؤمنين وقد لبس ثيابه، وقربت إليه دابته، فدعا أهل بيته ومواليه فقال: لا يخلصن إلى هذا الرجل وفيكم عين تطرف. ثم ركب ودخل حتى سلم على المهدي، فلم يرد عليه. فقال: يا معن، أتجير علي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ونعم أيضاً! واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفاً، ولي أيام كثيرة قد تقدم فيها بلائي، وحسن غنائي، فما رأيتموني أهلاً أن تهبوا لي رجلاً واحداً استجار بي؟ فأطرق المهدي طويلاً، ثم رفع رأسه وقد سري عنه، فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن: فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله فيكون قد أحياه وأغناه فعل. قال: قد أمرنا له بخمسين ألف. قال: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء تكون على قدر جنايات الرعية، وإن ذنب الرجل عظيم، فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها. فدعا لأمير المؤمنين بأفضل دعاء، ثم انصرف ولحقه المال. فدعا الرجل، فقال له: خذ صلتك، والحق بأهلك، وإياك ومخالفة خلفاء الله تعالى.