الموضوع: كلمة…
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
2169
 
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9


ياسَمِين الْحُمود will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
35,006

+التقييم
5.45

تاريخ التسجيل
Oct 2006

الاقامة
قلب أبي

رقم العضوية
2028
09-15-2021, 02:13 PM
المشاركة 1
09-15-2021, 02:13 PM
المشاركة 1
افتراضي كلمة…
لماذا الكلام؟
يقولون لي مستغربين: الكلام في هذه الأيام سلاح ذو حدين،
فما ببالك تمتشقين الصوت بعد صمت الدهور؟!
ويقولون لي محذرين: القوم اليوم يغلقون آذانهم
لأن الإنصات تهمة لا تقل خطورة عن الكلام،
فما بالك اخترتِ الكلام الآن كي تتكلمي؟!
ويقولون لي متهكمين:
امتلأت الريح بأصداء المواعظ والقصائد،
واكتظت البطاح بالمنابر والمنشدين
فماذا ستضيفين، وعلى أي منبر تقفين ؟…
ويقولون لي مشفقين :
الكلام اليوم كنقش حروف اسمكِ على رمل الشواطئ
لا تأملين لها أن تبقى إلى الغد… فلماذا العناء؟!
وأقول:
يا سادتي العارفين…
إن كان الصمت من ذهب، فالكلام من نور
هو الفرق بين الموت والحياة،
العدم والوجود…
يجب ألا تروعنا الكلمة، ولو كانت بألف حد
لأن كلمة الصدق حين تجرح، فيها الدواء…
لست أمتشقها سيفًا يهاجم في الظلام
بل أرفع صفحته مرآة صقيلة تعكس وهج النجوم البعيدة
ربما تضيء عتمات الدرب…
غدا تشرق الشمس، ولكن حتى نلمس الفجر بأيدينا
الأجدى أن نشعل جذوة صغيرة، من أن نلعن الظلام!
أتكلم لأنني أؤمن بأن المضمون أهم من الإناء
وأن الباحثين عن صدى الحقيقة في متاهات المعرفة
يتوالدون مع انبعاثات الحرف
وإذا سدوا آذانهم عن هزيم الريح ووعيد الرعود
فهم يفتحون آذانهم لنداءات العقل وأنغام العاطفة
ولو لم يكن هناك من يستمع ،
لما بقيت لنا القدرة على الكلام ولا الشوق للغناء…
أتكلم، لارغبة في الإضافة ولا إثباتًا في الوجود
بل لأن العين يُبكيها ما ترى، والقلب يشطره ما يعاني
والعقل يهدده الجفاف
فلا الدمع في الصمت يتوقف
ولا الجرح في الصمت يلتئم
ولا الغيث في الصمت ينهمر
يحاصرنا الصمت بالموت البطيء
دفاعًا عن النفس يا سادتي تنفجر الكلمة
علها تغسل الصدأ عن العيون، فتعيد أبصارها
وتلتحم بشظايانا ، فترأب تصدعاتنا
وتبني جسورًا للمستقبل
وتفتح مسارب للوعي
فتروينا لنتبرعم، نبتًا جديدًا
يا سادتي العارفين
من يستطيع الوقوف على قدميه ويتكئ على إيمانه
لا يحتاج إلى ارتقاء منبر ولا إلى مكبر صوت…
ها أنتم تسمعون همسات الأعماق تعبر كل المسافات
وتنتشر في الآفاق، في الريح تضيع الصرخات المتشنجة
التي لا يتعدى منبعها الشفاه
تضيع… لأنها إذ لا تأتي من القلب لا تحمل شعورًا ولا معنى…
أتكلم… لأنني في الحروف لا أجد نفسي فقط، بل أجدكم أيضًا
وأجد معالم الوطن، والطريق إليه وعندئذ قد نستطيع أن نبنيه معًا
ليست الحروف هي المهمة وإنما المعاني التي تحملها
للقدرة الكامنة في الأصابع
تتولد حين نمسك بالقلم، تفتح مصاريع الحقيقة
وتغلق الأبواب في وجه الظلال المشبوهة
ألم تكن " إقرأ " هي كلمة البدء؟!
فليكن بدء غدنا في الكلمة…



التعديل الأخير تم بواسطة ياسَمِين الْحُمود ; 09-16-2021 الساعة 12:24 AM