عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2020, 01:34 PM
المشاركة 1744
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... رُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ ....

يروى هذا المثلُ لِلُقمَان بن عَاد ، وذلك أنه أقبل
ذاتَ يومٍ فبينا هو يسير إذ أصابه عَطَشٌ ، فَهَجَمَ
على مِظَلَّةٍ في فنائها امرأة تُدَاعب رجلاً ، فاستسقى
لقمان ، فقالت المرأة : اللبنَ تَبْغِي أم الماءَ؟قال لقمان:
أيهما كان ولا عِدَاء ، فذهبت كلمته مثلاً ، قالت
المرأة : أما اللبن فَخَلْفَك وأما الماء فأمامَكَ ، قال
لقمان : المَنْعُ كان أوْجَزَ ، فذهبت مثلاً ، قال فبينا
هو كذلك إذ نظر إلى صبي في البيت يَبْكي فلا يُكْتَرَثُ
له ، ويَسْتَسْقِي فلا يُسْقى ، فقال : إنْ لم يكن لكم في
هذا الصبي حاجة دَفَعْتُمُوه إلي فكَفَلْتُه ، فقالت المرأة :
ذاك إلى هانئ ، وهانئ زوجها ، فقال لقمان : وهانئ
من العَدَدِ ؟ فذهبت كلمته مثلاً ، ثم قال لها : مَنْ
هذا الشاب إلى جَنْبك فقد علمته ليس بِبَعْلك ؟
قالت : هذا أخي ، قال لقمان : رُبَّ أَخٍ لم تلده أمك،
فذهبت مثلاً ، ثم نظر إلى أثر زوجها في فَتْل الشَّعَر
فعرف في فتله شَعْرَ البِناء أنه أعْسَر ، فقال : ثكَلَت
الأُعَيْسِرَ أمه ، لو يعلم العِلْمَ لطال غَمُّه ، فذهبت مثلاً،
فذُعِرَتِ المرأة من قوله ذعراً شديداً ، فعرضت عليه
الطعام والشراب ، فأبى وقال : المبيت على الطَّوَى
حتى تَنَالَ به كريمَ المَثْوَى ، خيرٌ من إتيان ما لا تَهْوَى ،
فذهبت مثلاً ، ثم مضى حتى إذا كان مع العشاء إذا
هو برجل يسوق إبلَه وهو يرتجز ويقول :


رُوحِي إِلى الحيِّ فَإنَّ نَفْسِي
رَهِينَةٌ فِيهمْ بِخَيْرِ عِرْسِ

حُسَّانَةُ المُقْلَةِ ذَاتُ أُنْسِ
لا يُشْتَرَى اليومُ لَهَا بِأَمْسِ


فعرف لقمان صوته ولم يَرَه ، فهتف به : يا
هانئ ، يا هانئ ، فقال : ما بالُكَ ؟ فقال :


يَا ذَا البِجَادِ الحلكه
والزَّوْجَةِ المُشْتَرَكَهْ

عِشْ رُوَيْدَاً أبْلُكَهْ
لَسْتَ لِمَنْ لَيْسَتْ لَكَهْ

فذهبت مثلاً ، قال هانئ : نَوِّرْ نَوِّرْ ، لله أبوك ،
قال لقمان : عليَّ التنوير ، وعليك التَّغييرُ ، إن كان
عندك نكير ، كل امرئ في بيته أمير ، فذهبت
مثلاً ، ثم قال : إني مَرَرْتُ وبي أُوَام فَدُفِعْتُ إلى
بيت فإذا أنا بامرأتك تغازل رجلاً ، فسألتها عنه ،
فَزَعَمَته أخاها ، ولو كان أخاها لجَلَّى عن نفسه
وكفاها الكلام ، فقال هانئ : وكيف علمت أن
المنزل منزلي والمرأة امرأتي ؟ قال : عرفت عَقَائِقَ
هذه النوق في البناء ، وبوهدة الخلية في الفِناء ،
وسَقْب هذه الناب ، وأثَرِ يدك في الأطناب ،
قال : صدقتني، فِدَاك أبي وأمي ، وكذبتني نفسي،
فما الرأي ؟ قال : هل لك علم ؟ قال : نعم
بشأني ، قال لقمان :كل امرئٍ بشأنه عليم، فذهبت
مثلاً ، قال له هانئ : هل بقيَتْ بعد هذه ؟ قال
لقمان : نعم ، قال: وما هو ؟ تَحْمِي نَفْسك ، وتحفظ
عِرْسَك ، قال هانئ : أفعلُ ، قال لقمان : مَنْ يَفْعَلِ
الخير يَجِد الخير ، فذهبت مثلاً ، ثم قال : الرأيُ
أن تقلب الظهرَ بَطْناً والبَطْنَ ظَهْرَاً ، حتى يستبين
لك الأمر أمراً ، قال : أفلا أعاجِلُها بكَيَّةٍ ، توردها
المنية ؟ فقال لقمان : آخرُ الدَّواءِ الكَيُّ ، فأرسلها
مثلاً ، ثم انْطَلَقَ الرَّجل حتى أتى امرأته فقصَّ عليها
القصة ، وسلَّ سيفه فلم يزل يضربها به حتى بَرَدَتْ .