عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2020, 02:57 PM
المشاركة 2612
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... صَارَتِ الفِتْيَانُ حُمَمَا ....

هذا من قول الحمراء بنت ضَمْرة بن جابر ، وذلك أن
بني تميم قتلوا سعد بن هند ، أخا عمرو بن هند الملك ،
فَنَذَرَ عَمْرو ليقتلَنَّ بأخيه مئةً من بني تميم ، فجمع أهلَ
مملكته فسار إليهم ، فبلغهم الخبر ، فتفرقوا في نواحي
بلادهم ، فأتى دارهم فلم يجد إلا عجوزاً كبيرة وهي الحمراء
بنت ضمرة ، فلما نظر إليها وإلى حُمْرَتِها قال لها : إني
لأحْسَبُكِ أعجمية ، فقالت : لا ، والذي أسأله أن يخفض
جَنَاحَكَ ، ويهدَّ عِمادَك ، وَيَضعَ وِسادَك ، ويَسْلبك بلادك ،
ما أنا بأعجمية ، قال : فمن أنت ؟ قالت : أنا بنت ضمرة
ابن جابر ، ساد معدًّا كابراً عن كابر ، وأنا أخت ضمرة بن
ضمرة ، قال : فمن زوجك ؟ قالت : هَوْذَةُ بن جَرْوَل ،
قال : وأين هو الآن ؟ أما تعرفين مكانه ؟ قالت : هذه
كلمة أحمق ، لو كنت أعلم مكانه حال بينك وبيني ، قال :
وأي رجل هو ؟ قالت : هذه أحمق من الأولى ، أَعَنْ
هَوذَة يُسْأل ؟ هو والله طيب العِرْق ، سمين العَرْق ، لا
ينام ليلةَ يَخَافُ ، ولا يشبع ليلةَ يُضَافُ ، يأكل ما وَجَدَ ،
ولا يَسأل عمّا فَقَدَ ، فقال عمرو : أما والله لولا أني أخاف
أن تَلِدِي مثلَ أبيك وأخيك وزوجك لاستبقيتك ، فقالت :
وأنت والله لا تقتل إلا نساءً أعاليها ثُدِيّ وأسافلها دُمِيّ ،
ووالله ما أدركت ثأراً ، ولا مَحَوْتَ عاراً ، وما مَنْ فعلتَ
هذه به بغافلٍ عنك ، ومع اليوم غد ، فأمر بإحراقها فلما
نظرت إلى النار قالت : ألا فتىً مكانَ عجوزٍ ؟ فذهبت
مثلاً ، ثم مكثتْ ساعة فلم يَفْدِهَا أحدٌ فقالت : هيهات !
صارت الفتيان حُمَمًا ، فذهبت مثلاً ، ثم ألقيت في النار ،
ولبث عمرو عامّةَ يومِهِ لا يقدر على أحد ، حتى إذا كان
في آخر النهار أقبل راكبٌ يسمى عماراً تُوضِعُ به راحِلتُه
حتى أناخ إليه ، فقال له عمرو : مَنْ أَنتَ ؟ قال : أنا
رجل من البَرَاجم ، قال فما جاء بك إلينا ؟ قال : سطع
الدخان ، وكنت قد طَوِيتُ* منذ أيام فظننته طعاماً ، فقال
عمرو : إنّ الشقيّ وافدُ البراجم ، فذهبت مثلاً ، وأمر به
فألقي في النار ، فقال بعضهم : ما بلغنا أنه أصاب من بني
تميم غيره ، وإنما أحرق النساء والصبيان ، وفي ذلك يقول
جرير :

وأَخْزَاكُمُ عمرٌو كما قَدْ خَزِيتُمُ
وأدركَ عَمَّاراً شقيَّ البَرَاجِمِ


ولذلك عيرت بنو تميم بحب الطعام لما لقي هذا الرجل ، قال
الشاعر :

إذَا مَا مَاتَ مَيْتٌ مِنْ تَمِيمٍ
فَسَرَّكَ أنْ يَعيشَ فَجِئْ بِزَادِ

بِخُبْزٍ أو بلحمٍ أو بتمرٍ
أو الشيءِ المُلَفَّفِ في البِجَادِ

تَراهُ ينقِّبُ الآفاقَ حَوْلاً
ليأكُلَ رَأسَ لُقمانَ بْن عَادِ


* طوى - بوزن رضى - جاع