الموضوع
:
هل يجوز التبرك بالصالحين قياسا ً عليه صلى الله عليه وسلم
عرض مشاركة واحدة
09-11-2010, 03:36 PM
المشاركة
2
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 2
تاريخ الإنضمام :
Mar 2010
رقم العضوية :
8997
المشاركات:
2,945
ما سبب ترك الصحابة رضي الله عنهم هذا التبرك مع بعضهم ؟
إذ لم يثبت حصول ذلك النوع من التبرك من جهة الصحابة رضي الله عنهم مع بعضهم - وهم أفضل القرون - كما قرره الشاطبي رحمه الله تعالى
وغيره ( كابن رجب ) مع وجود مقتضيات هذا التبرك - طلب الخير والشفاء والبركة - وتوفر أسبابه , حيث الصحابة السابقين , والعشرة المبشرين
رضي الله عنهم جميعا ً .
كما أن الوفود التي كانت تبعث خارج المدينة لبعض المهمات - ومنهم كبار الصحابة - لم يحصل التبرك بهم من قبل من بُعثوا إليهم , مع بُعد الرسول
صلى الله عليه وسلم عنهم في حياته .
إذا كان الأمر كذلك , ما سبب إجماعهم على ترك هذا التبرك إذن ؟ ولماذا لم يفعلوه مع بعضهم كما كانوا يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟
إن السبب الرئيس في ترك الصحابة رضي الله عنهم ذلك التبرك مع بعضهم - والله أعلم - هو اعتقاد اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم به دون سواه
ما عدا سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
فقد اختص الله تبارك وتعالى الأنبياء والمرسلين بخصائص شريفة , لا توجد في غيرهم , ومنها وجود البركة في ذواتهم وآثارهم تشريفا ً وتكريما ً .
فذوات الأشخاص وصفاتهم غير متساوية , كما قال الله تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ ) والأنبياء هم أفضل الناس عليهم الصلاة والسلام .
وقد اصطفى الله تعالى أنبياءه , واجتباهم من بين سائر البشر , وميزهم عن غيرهم بخصائص كثيرة أمر مشهور لا يُنكر .
فهذه ونحوه هو الذي جعلهم يختلفون عن أولياء الله تعالى الصالحين , في هذه المسألة وغيرها .
ومع عظم فضل هؤلاء ورفعة قدرهم , إلا إن مرتبتهم دون مرتبة الأنبياء والمرسلين , ولا يمكن أن يبلغوا درجتهم في الفضل والثواب وغير ذلك .
ولا شك أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء والمرسلين , وأعظمهم بركة .
قال الشاطبي بعدما أثبت إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك ذلك التبرك فيما بينهم - مع فعلهم له مع النبي صلى الله عليه وسلم - قال رحمه الله تعالى
مبينا ً أحد وجهي هذا التبرك : ( أن يعتقدوا فيه الاختصاص , وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله , للقطع بوجود ما التمسوا من البركة والخير
لأنه عليه الصلاة كان نورا ً كله ... فمن التمس منه نورا ً وجده على أي جهة التمسه , بخلاف غيره من الأمة - وإن حصل له من نور الاقتداء به
والاهتداء بهديه ما شاء الله - لا يبلغ مبلغه , على حال توازيه في مرتبته , ولا تقاربه , فصار هذا النوع مختصا ً به كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع
وإحلال بضع الواهبة نفسها له , وعدم وجوب القسْم على الزوجات وشبه ذلك ) .
ثم قال رحمه الله مبينا ً حكم ذلك التبرك بغيره صلى الله عليه وسلم بناء ً على هذا الوجه :
( فعلى هذا المأخذ : لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه التي ذكرناها ( كالتبرك بجسده أم بشعره أو ريقه أو موضع أصابعه أو عرقه أو آثاره )
ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة , كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة ) الاعتصام للشاطبي .
وذكر في موضع آخر ما يرجح هذا الوجه وهو : ( اطباقهم - أي الصحابة - على الترك , إذ لو كان اعتقادهم التشريع لعمل به بعضهم بعده , أو عملوا به
ولو في بعض الأحوال , إما وقوفا ً مع أصل المشروعية , وإما بناءً على اعتقاد انتفاء العلّة الموجبة للامتناع ) .
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى في معرض سياقه للنهي عن المبالغة في تعظيم الأولياء والصالحين , وتنزيلهم منزلة الأنبياء :
( وكذلك التبرك بالآثار , فإنما كان يفعله الصحابة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم ... ولا يفعله التابعون مع الصحابة
مع علو قدرهم , فدل أن هذا لا يُفعل إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم , مثل التبرك بوضوئه , وفضلاته , وشعره , وشرب فضل شرابه وطعامه ومواضع أصابعه )
رد مع الإقتباس