عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2011, 09:24 PM
المشاركة 198
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (32)




الخَالِدَان




منابرُ الشعرِ ما للشعرِ يَختصرُ
والشمسُ ترقصُ والآفاقُ تعتمرُ


تُباركُ الشامَ مُذْ حلَّتْ ضفائرَها
وازَّينتْ فتبارى الشعرُ والوترُ


لقد تمخَّضَ فجرُ الشامِ عن أسدٍ
هو الذي في ضميرِ الغيبِ يُنتظَرُ


ألقتْ عليهِ عروسُ الشامِ مئزرَها
وأسفرتْ عن جمالٍ زانَهُ خَفَرُ


فأرهفَ الكونُ آذاناً وأفئدةً
وهبَّ يسألُ سِفرَ المجدِ ما الخبرُ ؟


تمايلَ الغارُ مزهوَّاً على بردى
وراحَ يقرأُ والتاريخًُ يفتخرُ



* * *


تسعٌ وعشرونَ يا تشرين راقصةٌ
فيكَ الأماني بأفْقِ الشامِ تزدهرُ


تسعٌ وعشرونَ ما زلَّتْ بنا قَدمٌ
وحافظُ العهدِ في أُفْقِ الهُدى قمرُ


سِرنا نصحِّحُ أهدافاً تُوحِّدُنا
يحدو مسيرتَنا الإشراقُ والزَّهَرُ


كأنَّ مُفتَرقَ التاريخِ واعدَنا
في شهرِ تشرين حيثُ المجدُ ينتظرُ


فالأرضُ من فرحٍ بالزهرِ حاليةٌ
بالطيبِ غارقةٌ بالحُسنِ تأتزرُ


إنَّا طلعنا على الدنيا عمالقةً
يا أمَّةَ العُرْبِ شُدِّي يَقدحُ الشرُ


شُدِّي تَريْ غابةَ الأشبالِ لاهبةً
وجحفلُ النصرِ كالطُّوفانِ ينفجرُ


* * *

كم حاولَ العابثونَ الليلَ فانكفؤوا
وجوههم بترابِ الخِزيِ تنعفرُ


باعوا الضمائرَ في أسواقِ سادتِهم
وأجمعوا أمرهم للكيدِ وأتَمروا


وجاء تشرينُ تصحيحاً ومَلحمةً
تجلو مواسمَهُ الآياتُ والسُّوَرُ


فاستيقظتْ حَلَباتُ النصرِ والتأمتْ
كلُّ الجراحِ وغنَّتْ باسمِنا العُصُرُ


وأبحرتْ في خِضَمِّ العصرِ بارجةٌ
يقودُ دفَّتَها للنصرِ مُقتدِرُ


هبَّتْ عليها رياحُ الغدرِ عاصفةً
بِجُنحِ داجٍ وحامتْ حولَها الغِيَرُ


لكنَّ أشرعةَ الإيمانِ ما فتِئتْ
تصارعُ الريحَ يلويها وينحسرُ


طَوراً تشقُّ عُبابَ الموجِ صامدةً
وتارةً لاجتلاءِ السَّمتِ تنتظرُ


حتى استقرَّتْ على التاريخِ رافعةً
بيارقَ النصرِ حتى صفَّقَ القدرُ


* * *

يا شهرَ تشرين كم أسكرتَ قافيتي
من غَرْسِ كرمِكَ راحُ الشعرِ تُعتَصَرُ


غنَّيتُ مجدَكَ يحدوني هوىً وهوىً
الخالدانِ دمُ الأطفالِ والحَجَرُ


طاروا أبابيلَ لم تُخطئْ حجارتُهم
رؤوسَ منْ بسلاحِ الغدرِ قد نَفروا


دكَّتْ معاقلَ صُهيونٍ أناملُهمْ
فجيشُ " باراك " عَصْفٌ راحَ ينتشرُ


هتافُهم شقَّ أبراجَ السماءِ ولم
يسمعْ هتافَهُمُ بالسلمِ مُتَّجِرُ


مضى إلى الخصمِ محمولاً على سُرُرٍ
من الخيانةِ حتى ناءتِ السُّرُرُ


يجرُّ أشلاءَ سِلمٍ راحَ صانعُه
ينضو الوَقارَ وبالتَّهريجِ يأتزِرُ


وراحَ يحلُمُ في حشرٍ يمنِّعُه
وذنبُه لم يعدْ في الحشرِ يُغتَفرُ


ويَدَّعي صحوةً في كرمِ من غَدروا
وكيف يصحو وفي أعصابِهِ خَدَرُ


معاصرُ الخمرِ حولَ الكرمِ قائمةٌ
لكلِّ من غابَ في أجوائها عذرُ


هذا يُقدِّسُ عنقوداً ويأكلُهُ
وذاكَ يلعنُ عنقوداً ويَعتصِرُ


ما بالكمْ يا ثعابيناً مُحنَّطةً
تَجمَّدَ السُّمُّ فيها وانتهى الخطرُ


أتدخلونَ جحورَ الخوفِ مظلمةً
وترقصونَ إذا ما ساءكمْ خبرُ


فلا فحيحُ الأفاعي باتَ يسعفُكم
ولا التلوِّي على مزمارِ من غَدروا


تشقَّقتْ صخرةُ المِعراجِ وانطلقتْ
أشلاؤها في كهوفِ الجُبنِ تنفجرُ


وأذَّنَ الفجرَ طفلٌ شابَ مُذْ نَبتتْ
أسنانُه ونما في كفِّهِ ظُفُرُ


وراحَ يَملا زُجاجاتِ الرِّضاعِ لظىً
أَكْرِمْ بطفلٍ كما البركان يستعرُ


تزهو بكفَّيْهِ أزهارُ الفتوحِ وفي
عينيهِ يبتهلُ الإيمانُ والظَّفَرُ


لا تسلبوا الطفلَ أحجاراً يفجِّرُها
لا ترسموا الليلَ في عينيهِ يا صُوَرُ


شُدُّوا على يدِه هاتوا له حجراً
يزغردُ التُّربُ والأشجارُ والحجرُ


* * *

يا حاضِنينَ جنينَ السِّلمِ في رَحِمٍ
مات السلامُ به في عُرسِ منْ كَفَروا


ماتتْ زهورُ الأماني في مواسمِكم
وأينعَ الشوكُ حتى اسَّاقطَ المَطَرُ


وأرعدتْ سورةُ الإسراءِ قائلةً
يا ويحَ قوميَ كم هانوا وكمْ صغروا


غداً ستُقتَلُ آلافُ النذورِ على
صخرِ المُحالِ فهل تُغنيهُمُ النُّذرُ


غداً ستولدُ أشباحٌ على دمِهمْ
تحتَ الظلامِ ويروي غرسَهم كَدَرُ


أَيوأَدُ الحقُّ في قبرِ السلامِ ولا
سمعٌ لمُجتمعِ الدنيا ولا بصرُ


وأيّ راعٍ لشاةِ السلمِ يذبحُها
بنَصْلِ " فيتو " على عَمْدٍ ويعتذرُ


ويغسلُ الرايةَ الحمراءَ من دمنا
حتى إذا حانَ وقتُ الذَّبحِ تنتشرُ


ويدَّعونَ سلاماً أيّ مهزلةٍ
هذا الذي باسمِ حقِّ النقضِ ينكسرُ


* * *

يا عاقدينَ سلاماً في مظلَّتكم
يقضي السلامُ ويحيا الغدرُ والأَشَرُ


يُقهْقِهُ العارُ في ماخورِ مجلسِكم
والعدلُ تحت سريرِ الأمنِ ينتحرُ


تَرهَّلَ القومُ أفكاراً وأفئدةً
فكلُّ قولٍ عن التحريرِ مُختَصَرُ


* * *

ماذا أقولُ لأحفادي وأصغرُهم
منذُ الرضاعِ يهودَ الكونِ يحتقرُ


ماذا أقولُ لهم بل كيف أزجرُهم
إذا تحفَّزَ في أيديهُمُ حجرُ


أبكي على الشعرِ أعواماً حملتُ بها
كبرَ النضالِ فشابتْ في دمي الفِكَرُ


منْ لي بسيفٍ شآميٍّ أُجرِّدُهُ
على الرقابِ فلا يُبقي ولا يَذَرُ


* * *

غنَّيتُ فجركَ يا تشرينُ قافيةً
عذراءَ يسكرُ فيها النايُ والوترُ


سَلْسَلْتُها من دمي حمراءَ لاهبةً
وما شربتُ وجرحي راعفٌ عَطِرُ


تغزو الهمومُ شراييني مُسمِّمةً
فينزفُ القلبُ في صدري وينفطرُ


وأقطعُ الليلَ في البُؤسى أُداعبُها
وفي النهارِ أرى الأحلامَ تُحتَضَرُ


حتى أفقتُ على صوتِ البشيرِ وقد
تنفَّس الصبحُ فالأضواءُ تنتشرُ


ودَمْدَمتْ في سماءِ الشامِ راعدةً
اللهُ أكبرُ هذا الغيثُ ينهمرُ


هذي الشآمُ وحيَّا اللهُ حافظَها
فالنورُ بالغارِ في تشرين ينضفرُ


غداً تعودُ على الجولانِ رايتُنا
خفاقةً ويعودُ الأُنسُ والسمرُ


غداً نُجهِّزُ للفاروقِ ناقتَهُ
وتهتفُ القدسُ أهلاً عُدْتَ يا عُمَرُ