عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2011, 08:44 PM
المشاركة 193
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (27)




حِكَاياتٌ بَائسَةٌ





لا تقولي قُتلَ الحبُّ وماتْ ..
يا بلادي ..
نحنُ في دربِ الهوى أشلاءُ حبٍّ تنتظرْ
وشظايا من دمىً ملتهبةْ .
بين أنقاضِ البيوتْ .
نسهرُ الليلَ ونحكي عن بطولاتِ الجدودْ .
عن كُليبٍ وأبي زيد الهلالي .
عن بطولاتِ ابن شدَّاد المغامرْ .
ونُفاخرْ .
كلُّنا يحكي ولكنْ أيّ معنىً للكلام ؟!
شيخُنا فأرٌ يخافُ السُّمَّ
كسرةِ خبزٍ يابسةْ
كلُّنا أنقاضُ أجسادٍ
براها الجوعُ والحرمانُ في أرضِ النفوسِ البائسةْ .
إنَّنا نمشي عراةً خلفَ أثوابِ المبادئ .
نُلْبِسُ الجدرانَ آلافَ العباراتِ المضيئة .
نرفعُ الأعلامَ في ضوءِ المصابيحِ الحزينة .
نوقظُ الأطفالَ في اللَّيلِ
على صوتِ الأناشيدِ القديمة .
وعلى أرصفةِ اليأسِ نبيعُ الأمنياتْ .
ونتاجرْ ..
سلعٌ نحنُ .. وتجَّارٌ بأطفالٍ
نُقامِرْ ..
بشفاهٍ جفَّفتها عضَّةُ الجوعِ
نُقامِرْ ..
بأَكُفٍّ شقَّقتها قبضةُ الفأسِ
نُقامِرْ ..
ونلوكُ الصمتَ في الليلِ الشتائيِّ
المُخيفْ ..
ونُقامِرْ ..
حول نارِ المدفأةْ
أيضاً نُقامِرْ .
نرسمُ الأبعادَ في جَوفِ الفراغاتِ الكئيبةْ
ونُقامِرْ ...
نتمنَّى أنْ يطولَ الليلُ كي نُنهي الحكاياتِ العتيقةْ .
ونُقامِرْ ...
نملأُ الجوَّ سُعالاً ودخاناً
ورِياءْ ...
نحن لسنا أنبياءْ
نحن لسنا أتقياءْ
إنَّما نحنُ جذورُ الوهمِ
يروينا الفناءْ .
لمحةٌ نحن من الماضي بتاريخٍ مُعاصرْ .
فكرةٌ زُجَّتْ بسِفرٍ ساذجِ الأفكارِ
كافرْ ..
قطرةٌ نحنُ ببحرٍ زاخرِ الأمواجِ
ثائرْ ..
وجراحاتٌ تُغنِّي ..
في سراديبِ الشَّقاءْ .
مرحباً يا أصدقاءْ .
ليلنا همٌّ وغمٌّ
نحنُ لا نهوى الضياءْ .
نحن نسْجٌ في الزوايا
من خيوطِ العنكبوتْ
قد وُلدْنا لنموتْ
إنَّما عشنا لتحيا في دمانا الأوبئةْ .
جثثٌ نحن تحنَّطْنا فأغْرَيْنا
الحضارةْ .
لم نزلْ نحلمُ بالكفِّ التي تهدي الحياة
نبدأ التاريخَ طفلا
بعدما يمضي الغزاة
ونُغنِّي
لا تقولي قُتلَ الحبُّ وماتْ
يا بلادي
نحن في دربِ الهوى أشباحُ حبٍّ تَنْتَظرْ .
لم نزلْ نحلُمُ بالكفِّ التي تهدي لنا أسيافَنا
حُمْراً خَضيبة .
أيُّها الغارقُ بالدُّولارِ
في أرضِ الحكاياتِ العجيبة .
أيٌّها الرافعُ صرحاً
من تواقيع كئيبة
وغريبة ..
سوف تأتي الكفُّ حتماً سوف تأتي
عندها يشهقُ تُجَّارُ القماقم
ونقاومْ ..
كلُّ نبضٍ في دمانا سيقاومْ ..
رغمَ تجَّارِ القماقمْ
سنقاومْ
آهِ يا خبزَ المآتمْ ...
آهِ يا عصرَ الجرائمْ ...
مثلما جئتَ ستمضي دونَ مَغنمْ
وسَتعلمْ
يومها حتماً سَتعلمْ
أيُّنا في الساحِ أقوى قَدَما
أيُّنا في الساحِ أعلى عَلَما
أيُّنا في القولِ أمضى قلما
لا تقاومْ
لا تُساومْ
قصةُ السلمِ طلاسمْ
لا تقاومْ
زغبُ الأمسِ قوادمْ
لا تساومْ
إنَّني أصبحت نَسرا
أَقحَمُ الأجواءَ جهرا
لا تقاومْ
إنَّني أطلبُ ثأرا
إنَّني أُوقظُ فجرا
إنَّني أصنعُ نصرا ... وأُغنِّي
لا تقولي قُتِلَ الحبُّ وماتْ ...
يا بلادي
نحنُ في دربِ الهوى (أضواءُ فجرٍ تنتشرْ)




1979