عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2011, 10:26 PM
المشاركة 191
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (25)



لَوْحَات



من منكمْ يعرفُ أنِّي أسكنُ في قبرٍ مهجورْ ؟!
من منكمْ يسمعُ صوتي يطربُ سكَّانَ الماخورْ ؟!
من منكمْ يعرفُ أنِّي لن أستجدي إشفاقاً
لن أطْلبَ إنعاماً
لن أقبلَ عرضاً ..
لا .. لكنِّي سوف أثورْ .
سأثورُ من القبرِ المهجورِ على الجثَّةْ .
سأثورُ بأروقةِ الماخورِ على الخسَّةْ .
وسأكتبُ تاريخاً أحمرْ .
بيراعٍ من أرضيَ أسمر .
تاريخاً يحكي للأجيالِ حكايةَ حربٍ هَمَجيَّةْ .
بينَ الأشباحِ وبين الذَّاتِ العربيَّةْ .
تاريخاً يستجدي العنوانْ ..
القدس ستبقى عربيَّةْ .. القدس ستبقى عربيَّةْ ..
وسأرمي أعداءَ الإنسانِ بعُرضِ البحرْ .
وأصلي في الأقصى فجراً في عيد النحرْ .
في حفلةِ سلمٍ مشؤومةْ ..
وأمامي امرأةٌ محمومةْ ..
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتْها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتْها الخيلُ المهزومةْ ..
في صومعةِ الفكرِ اختلطتْ ألوانُ الرسمِ الزيتيةْ
في لوحةِ صبرٍ فنيَّةْ
وكتبْنا تحت اللوحةِ بيتاً من شعرِ الأطفالْ .
الخطُّ رديءٌ لم يُقرَأْ ....
وأمامَ اللوحةِ أَشعلْنا شمعَ الميلادْ .
أحكمنا إغلاقَ الأصفادْ .
أحرقنا العتمةَ بالأبعادْ .
وأضعنا مفتاحَ التاريخِ ونحنُ نلوِّحُ للحاضرْ .
ونصفِّقَ للآتي الزاهرْ .
ونقيمُ النّصْبَ التذكاريَّ ونرقُصُ للنَّغمِ الثائرْ .
وزليخةُ تهوى الأهراماتْ
أهراماتُ السلمِ الأبديِّ تقامُ على كلِّ الجبهاتْ .
وجريمةُ يوسفَ إعراضُه .
يا يوسفُ أعرضْ عن هذا .
لا تعبثْ أبداً بالحُرماتْ .
السجنُ مصيركَ إن مزَّقتَ الإعلاناتْ
لتُؤوِّلَ أحلامَ السجناءِ المَنسيِّينْ
وتكيلُ الحبَّ لتطعمَ كلَّ الشَّحاذين
في عصرِ التَّهديدِ المُجدبْ
نستجدي كلَّ المُنتفعين
نسترضي حتى البيَّاعين
في لقمةِ عيشٍ مسمومةْ
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ .


* * *

في صدري أغنيةٌ قُتِلتْ
بحرابِ اليأسِ المسمومةْ
وبعينيْ صورةُ عاريةٍ سمراءَ تستَّرُ بالأوراقْ .
أوراقُ جرائد يوميَّةْ .
وبسمعي حشرجةٌ ونُواحْ .
لا تقتلني لستُ الفاعلْ .
لا تقتلني لستُ القاتلْ .
لا تقتلني لستُ السفَّاحْ .
فهناكَ بمحكمةِ الموتى عقدٌ ونكاحْ .
زوَّجنا الظلمةَ للمصباحْ .
وأقمنا في الدارِ الأفراحْ .
لكنَّ الظلمةَ عاتيةٌ والريحُ تُحطِّمُ كلَّ جناحْ .
هربَ الفرسانُ من الحلبة .
وبنوا من حبَّتِهِمْ قبةْ .
في قطعةِ شعرٍ منظومةْ .
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ


* * *

في بيتي أشباحٌ سكنتْ
تَستَرِقُ السمعَ من الجدرانْ .
في النومِ وفي الصحوِ أراها .
برغيفِ العيشِ أرى شيطانْ .
بالملحِ بقهوةِ سهرتِنا ،
بالسُّكَّرِ في عُلبِ الدُّخَّان .
لكنِّي أكتمُ أنفاسي
أختبئُ بجوفِ الأرماسِ ،
لأُعدَّ القهوةَ للسهرةْ
بين الأحياءِ الأمواتِ .
أَصِلُ الماضي برؤى الآتي
وبمقبرةِ الفكرِ الحرَّةْ ،
أتحدَّى الفكرةَ بالفكرةْ ،
في حفلةِ عُرسٍ مشؤومةْ ،
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ


* * *

بيديَّ سأنتزعُ الأشواكَ
من الأزهارِ الصيفيَّةْ .
وسأزرعها في جَوفِ الليلِ
بعصْفِ رياحٍ شتويَّةْ .
كي تزهرَ ناراً ونصولا .
وسأنقشُ صورةَ أبناءِ الشُّهداءِ
على علمِ الوحدةْ
علم التحريرِ المتحدِّي
في جبلِ الزيتونِ الأخضرْ .
ليقومَ البحرُ الميِّتُ ، قبلِ فناءِ البحرِ الأحمر،
ويمزِّقَ أكفانَ اليأسِ
المنسوجةِ في أقبيةِ العار
زنزانات العصرِ الغارقِ بالدُّولار
زنزانات الفكرِ الحرِّ يموتُ غريباً في الظُّلمةْ .
لتعيشَ خفافيشُ العتمةْ .
وتبيضُ الحيَّةُ في القمةْ ،
وأنامَ على جُرُفٍ منهار .
لكنِّي أُقسمُ : لن أُقبرْ ،
وسأوقدُ مصباحاً أحمرْ .
فالأخضرُ غابَ من اللوحةْ
وطريقُ الثورةِ مرسومةْ
رسمتْها أحجارُ الأطفالْ ،
رغمَ الفرسانِ المهزومةْ
وأمامي امرأةٌ مسجونةْ
واللوحةُ ناصعةٌ بيضاءْ
رسمتها الأيدي المشحونةْ .. رسمتها الأيدي المشحونةْ


* * *

انظرْ ... في الزاويةِ اليُسرى
شمسٌ حمراء اللونِ بغيرِ شعاعْ .
نقشتْ لتدلَّ على الإبداعْ ،
لتحاولَ باللونِ الإقناعْ ،
لتحوِّلَ أفكارَ المتفحِّصِ للألوان ،
لتشتِّتَ أفكارَ الإنسان ،
لتجمِّدَ فُوَّهةَ البُركانْ
كي تزهرَ أغصانُ الأشجارِ بغيرِ ربيع
وتسقسقَ أسرابُ سنونو
في أرضِ صقيعْ .
والدُّبُّ الماجنُ يتسلَّى
بصناعةِ كُرةٍ ثلجيَّةْ ،
قد وضعَ بداخلِها حَجَراً .
ليشجَّ1 بها رأسَ الثور
المتغطرِسِ في ميدانِ صراعْ .
الحَكَمُ
تحيَّزَ في الحَلَبةْ .
واللعبةُ صارتْ مكشوفةْ .
كشفتها جاريةُ السُّلطانْ ،
في ليلةِ عشقٍ مجنونةْ ،
واللوحةُ ناصعةٌ بيضاءْ
رسمتها الأيدي المشحونةْ .. رسمتها الأيدي المشحونةْ .