عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2013, 07:17 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السودان: من القمع الى الحرب الأهلية؟



رأي القدس

september 26, 2013




يجمع النظام السوداني الحالي المجد من أطرافه، فهو نتيجة زواج بين نظام عسكري أمني جاء رئيسه الفريق عمر البشير الى السلطة بانقلاب عام 1989، وحزب محسوب على الاسلام السياسي (المؤتمر الوطني)، في صيغة فريدة تمنع الصراع التقليدي الموجود في البلدان العربية الأخرى بين العسكر والاسلاميين.

اضافة لذلك، فان الرئيس البشير هو الزعيم العربي الوحيد (حتى الآن) المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي بتهم ارتكاب جرائم حرب، وقد حرمته المظاهرات الأخيرة التي اندلعت يوم الاثنين الماضي من انجاز تحدّيه الذي وعد الرأي العام به لهذه المحكمة وللمجتمع الدولي عموماً بزيارة امريكا وحضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة مثله مثل زعماء العالم الآخرين بعد ان بشّر مواطنيه بأنه أمّن حجوزات السفر والطيران والاقامة في نيويورك!
كما أنه النظام الوحيد الذي قدّم لشعبه انفصالاً ناجزاً قسم فيه بلده الى بلدين متعاديين، حرم من خلاله اقتصاد بلاده من ثلاثة ارباع انتاجه من الخام النفطي الذي كان المصدر الرئيسي للايرادات الحكومية والعملة الاجنبية، وجهّز بذلك الحبل الذي سيشنق به نفسه اقتصادياً، كما فعل سياسياً.
واضافة الى ميزاته هذه فان النظام السوداني تجمعه علاقة وطيدة بايران، الأنموذج الأمثل لزواج الدين بالعسكر والأمن، والتي هي نفسها تحت ضغط دولي كبير، كما أن دولة عظمى تحميه دولياً ممثلة بالصين، ولا تضير إسلاميّة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان في شيء أن حليفتيه، ايران والصين، تملكان سجلا واسعاً من انتهاكات حقوق الانسان ضد القوميات المسلمة، كما العرب والكرد والبلوش والأذريين في ايران، او الـ’هوي’ و’القازاق’ و’دونغ شيانغ’ في الصين.
ولعل نجاة النظام السوداني من حركات الاحتجاج السابقة في حزيران (يونيو) العام الماضي والتي قمعت بصرامة، جعلته يظنّ (وبعض الظنّ إثم) نفسه محصّناً كونه، كما ذكرنا، يجمع الحسنيين: قبضة العسكريتاريا الأمنية وعمامة الاسلام السياسي، ناهيك عن دعم عرّابتيه ايران والصين.
لكن النظام السوداني، على فرادته الاستثنائية، تحت قيادة البشير، تجمعه ببلدان الثورات العربية قواسم مشتركة كبيرة، فزعماء بلدان الربيع العربي يعانون من أزمة شرعية فكلّهم جاءت بهم الجيوش التي منعت عن شعوبها التعبير عن أنفسها سياسياً وأغلقت دائرة تداول السلطة على فرد دكتاتور وطبقة حاكمة ليسود الاستبداد السياسي فاتحاً الباب واسعاً للفساد الاقتصادي، وهما الوصفة المثلى للدول الفاشلة.
فات النظام السوداني أن بلداً مشتتاً وممزقاً وضعيفاً اقتصادياً ومدانا دولياً لا يستطيع ان يقيم حكمه بقوة الحديد والنار فحسب، بحيث يمنع عن شعبه الخبز والحرية معاً.
مثل شقيقاتها العربيات، تعاملت السلطات السودانية مع المظاهرات المدنية بالرصاص، واتهمت الاحتجاجات بانها ‘مدبرة’ وبأن المتظاهرين الذين فتحوا صدورهم للنار ‘مثيرو شغب’.
هدد النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان بانزال شباب حزب المؤتمر الوطني الحاكم قائلا: ‘سينزل شبابنا للشارع لحماية الممتلكات العامة والخاصة من المتفلتين والمخربين’، وبذلك فان النظام السوداني، مثل الأنظمة العربية الدكتاتورية الأخرى، يفتح الطريق الى الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر.
تريد الأنظمة العربية الدكتاتورية للشعوب أن ‘تتعلّم’ و’تتربّى’ مما يحصل للشعوب الأخرى من آلام الثورات والثورات المضادة وسيناريوهات الحروب الأهلية وآلاف القتلى والجرحى والمشردين واللاجئين، قاصدة بذلك اقتناع الضحايا بأن يستمروا ضحايا الى الأبد.
… ولا تريد الأنظمة بالمقابل أن تتعلّم درسها هي: لم تعد الشعوب قادرة على القبول بالطغيان.
لا يبدو، (باستثناء الحالة التونسية حتى الآن)، ان لدى الأنظمة العربية الانقلابية و’نخبها’ السياسية درسا آخر لشعوبها غير: لا خبز ولا حرية.

هل العرب محكومون بحروب الإفناء؟