عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2022, 05:00 PM
المشاركة 4
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ظِلالُ التّغريبةِ الفلسطينيّةِ
(3)

حسن، فتى القرية وفارسها كان لهُ مصابهُ الخاصّ عندما جاءت نكبتهُ مبكّراً قبل نكبة فلسطين ببضع سنين، لم يكن ذنب حسن أعظم من ذنوب مختار القرية المتواطئ مع الظّلم ومع جَشع أبو عايد، ولم تكن أحلامهُ تضرّهم حين أصيب فؤادهُ النقيّ بسهام "جميلة" الحسناء الهاربة من ظلم ذوي القربى.

ولم يكن حسن فاجراً في محبّته لجميلة، ولم تكن جميلةُ إلا مثالاً للفتاة القرويّة العفيفة، ولم ترضَ حبّاً خارجاً عن حدود عاداتها وتقاليدها ولكنّها أحبّت حسن، أحبّته حتى الموت.

جميلة التي قالت لحسن عندما صارحها بحبّه:
"هاض مش مليح، مش مزبوط، شو يكولو علينا النّاس؟"

قدّمت الوفاء لدينها ومعتقداتها وعائلتها وبلادها، ولكنّ الغدر والظّلم لم ينصفاها.

عنجهيّة المختار ولؤم أبو عايد ومن تبعهُ من أذنابه ذبحوا حلم حسن أمام عينيه حتّى أنّهم لم يتركوا له فرصةً ليودّع جميلة حين خرجت طلقةٌ أردتها قتيلةً مغدورةً.

هامَ حسن في القريةِ يبحثُ لجسد المغدورة عن قبرٍ يسترُ عورة الظّلم ويبتعدُ به عن مقبرة القرية التي عافها حسن ولم يرضها مستقرّاً لجسد الجميلة حتى بعد موتها، ولم يجد حسن إلا زيتونةً تُظِلُّ القبر وتحرسهُ إلى لقاءٍ آخرَ في عالمٍ آخرٍ أكثر عدلاً وأنضج عقلاً.

لم يكن حبّ حسن لجميلته أقلّ شأناً وأخفّ وطأةً في قلبه من حبّ فلسطين، سيدة الأرض، الحبيبة المطلقة والمعشوقة المقدَّمة دائماً وأبداً، أخذ بندقيّةَ "العبد" وأكمل المسيرة، نكبة حسن تضاعفت بسقوط قريته على يد عصابات الصهاينة، وهي التي تضمّ في صدرها جسد الجميلة الطاهر، وأحلامه الفتيّة التي ذُبِحَتْ مبكّراً.

وتراهُ في مشهدٍ أدهشنا، يُدافعُ عن فلسطين وجميلة معاً حين استفزّهُ جهلُ الجنديّ المارق عندما همّ إلى الزّيتونة الحارسة مهيناً لها غير عابئٍ بالقبر ولا قدسيّة الأرض وما عليها.

غاب حسن مع من غابوا، وعادت بعد استشهاده البندقيّة من جديد، فدفع بها أبو صالح إلى رشدي موصياً إيّاهُ بحفظ الأمانة..

"يعني الثّورة ما انتهت"

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف
موسى المحمود