عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2011, 10:31 AM
المشاركة 42
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
8- رامة والتنينادوار الخراط – مصر


رامة والتنين


أول ما يستوقف القارئ في هذه الرواية، اللغة التي تشي بامتلاك الكاتب لها، وبقدرته على تصوير أحاسيس أبطال روايته من خلالها، وفي هذه الرواية تتداخل الأزمنة حيث تتداعى أحداث الماضي في تشابك مع اللحظة الحاضرة التي تشكل إطاراً زمنياً للرواية. وفي كل هذا يطل الإنسان برغباته ونزعاته وشهواته، حيث لا مفر من البحث عن نهاية يقنع عندها بأنه استنفد كل جهده، وطاقاته. "أحسن في نبرة هذ اول ما يستوقف القارئ في هذه الرواية، اللغة التي تشي بامتلاك الكاتب لها، وبقدرته على تصوير أحاسيس أبطال روايته من خلالها، وفي هذه الرواية تتداخل الأزمنة حيث تتداعى أحداث الماضي في تشابك مع اللحظة الحاضرة التي تشكل إطاراً زمنياً للرواية.
وفي كل هذا يطل الإنسان برغباته ونزعاته وشهواته، حيث لا مفر من البحث عن نهاية يقنع عندها بأنه استنفد كل جهده، وطاقاته. "أحسن في نبرة هذه الكلمة ما يوحي بأنك تريدين أن تضعي نهاية. كأن فيها نزوعاً نحو ختام وخطوة نحو شيء قد انطوى".

والرواية بعد ترصد تفاعلات النفوس الإنسانية التي ذاقت مرارة الهزائم والإنكسارات وتفجر مكامن الخوف في الإنسان الذي تتقاذفه أقداره دون طوق للنجاة يصل به إلى بر الأمان "ألا ترين أن العالم كله من حولنا يطفح بالقسوة. بمبرر أو من غير مبرر، سواء. والجدران والناس التي لفحها طيب الشهوات والإخفاق وضربتها الرياح واللامبالاة، جافة محروقة.

==
من رواية رامة والتنين
المصدر: الموسوعة العالمية للشعر
لم يقل لها: علمني حسي بفقدانك أننا نحب وحدنا. ونموت وحدنا. واستشرفت أنّه ليس حتى في الموت برء من الوحدة. بعد حياة الوحشة المحكوم بها علينا, نحن نموت. ولا نجد في الموت نجدة. ولا نلتقي فيه بأحد. الموت يطوي الكتاب و يغلقه ويكرس ختمه.
و الحب؟
الحب كذبة. هو الشهوة العارمة للخلاص من الوحدة, الاندفاعة التي لا توقف نحو الانصهار الكامل والاندماج والاشتعال المزدهر لكنه يدورأيضا في الوحدة. وينتهي بتكريسها, أكثرُ علقماً من الموت. نحن نحب وحدنا، الحب أيضاوحدة لا شفاء منها.
***

عندما يمتزج الحب كعاطفة صادقة بوجع الحياة، تضحيالحياة أجمل حتى بعذاباتها فهي تحمل في ثنايا تواترات ساعاتها وأيامها لحظات ساحرة،وومضات آثرة من ذاك الحنين الذي يترك داخل القلب، واعدا بآمال محققة.
***
قاللها دون أن يتكلم : يا حبيبتي ، نحطم بأيدينا كل بنايات عمرنا ، هذه الجدران التيأقمناها ، كل منا على حده ، طول السنين ، بتضحيات لا أحد يعرف ثمنها ، هذه السجونالتي نرتطم بأبوابها الموصدة كل يوم . حبنا نافذة في الشمس ، قطعة ممزقة من سماءالليل الفسيحة . العلاقات التي تبتر ، نظم الحياة التي تتقوض وتنهار . متاع خفيفوجوهري من الحب والكتب . قطع أخرى أيضاً من القلوب تمزق وتترك وراءنا . موسيقىالتوقع والتشوف .
- قالت: الجزائر تذكرني بالإسكندرية . هل تعرف ، سآخذك معي إلىالإسكندرية ، أليست بلدة حبيبتك ؟ وأغرقك بالبحر ؟
ماذا تقول لحبيبتك التي سوفتغرقك في البحر ؟ تقول : أغرقيني ... بالطبع هذه الأمواج التي نريد جميعاً أن نغرقفيها ، دون أن تغص حلوقنا بالماء المالح ، غرقاً ناعماً هادئ النبرة . أو غرقاًعاصفاً متقلباً يفقد به المرء نفسه وتطيش عيناه . تقول لا لن أغرق أبداً ؟ وأنت منذالآن قد خبطت القاع الرملي بالفعل ، واستقر جدثك واعي العينين تحت ثقل أطباق منالموج لا تطاق .
قالت : أنا كالعنقاء التي يحكون عنها ، تجدد ذاتها في مياةالبحر .
قال لنفسه : في مياة البحر ، في معمودية النار .
قالت : في ملح البحر، وصمته وشمسه المحرقة ، ونعومة قمره .
قال لها : دائمة الشباب ، تخرجين منالمياة المحرقة كل مرة في غضاضة الصبا الجديد .
وقال لنفسه : هذه المرأة باقيةلا تزول ، هي بنفسها تضع أرقام الزمن ، وفق ما تمليه حاجاتها الداخلية ، بِرْكةالحب المشتعلة هي الينبوع
الذي ترى فيه الزهرة وجهها القمحية مترقرقة أبداًقريباً من سطح الماء .وقال في نفسه : هي لا تعود أبدأً لشيء مضى ، ولا تذكر أبداً ،لا تقول إن شيئاً قد حدث وانقضى ، كل شيء عندها الحاضر ، كل لحظة تبدأ عندها منجديد ، كأن الماضي لم يحدث أبداً ، وبالتالي لم ينسى ولم يذكر لأنه لم يكن هناكأصلاً . كل حكاياتها في الحقيقة تجري بالفعل المضارع ، ولا تعرف المستقبل أيضاً ،لا تراه يوجد .
==
رامة والتنين
تأليف إدوارد الخراط
عندما فتح عينيه ، وقد انتفض من النوم فجأة، دون سبب، وجد أنه لم يغادر الحلم الفائق الذي كان قد نام في قبضته، وكأنما هتف باسمها . في شجي ملتاع، كما نام، وهو ينادي به، وكأنما قال لها: رامة، رامة، هل تسمعينني، هل تردين؟ أحبك، وكأنما ضحك من نفسه ، يمزق نفسه. حوائط غرفة نومه، بخشونتها العارية والشروخ الملتوية الدقيقة فيها، تصحو معه، مهددة وتميل عليه. الستارة على نافذة الحجرة لا تحجز عنه ضغط الوحشة التي تدخل عليه، وحدها، لا شيء آخر معها، من قصة السماء بين سطوح البيوت. هل الحب هو هذا الغداء الذي لا رد عليه أبدا؟ ولا ينقطع، لا يملك أن يرده عنه ملحا، يصحبه في صحوته ونومه، منذ أمد يبدو له قديما، قديما، لا بدء له ولا تبدو له نهاية؟ هل الحب هو هذه الوحدة؟ في كل ليلة يموت ميتة صغيرة، ويبعث في الصبح، ميتا. قال لها: ما كنت أظن في نفسي هذا الغدر من المراهقة بعد. وكان قد قال لها، بصوت جهد أن يكون خافتا ومعتدلا، كأن فيه ظل سخرية: كل هذه الخيالات، هذه الآلام، والحديث الذي لا ينقطع، بيني وبينك في حلم يقظة مستمر يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة” عندما يمتزج الحب كعاطفة صادقة بوجع الحياة، تضحي الحياة أجمل حتى بعذاباتها فهي تحمل في ثنايا تواترات ساعاتها وأيامها لحظات ساحرة وومضات آثرة من ذاك الحنين الذي يترك داخل القلب، واعدا بآمال محققة. في ” رامة والتنين” عطاءات روائية لطيفة، وإبداعات أدبية رائعة، تدع للقارئ مجالا واسعا للاسترسال، منطلقا مع الروائي لتلمس مساحات وجدانية تهفو لها النفس، وتأنس بصورها العين، ويتابع الذهن تلون مشاهدها بحس ناعم وشغف كبير.

معلومات عن رامة والتنين تأليف إدوارد الخراط
تأليف: إدوارد الخراطالناشر: دار الآداب
روابط تحميل رامة والتنين تأليف إدوارد الخراط


==
رامة والتنين :
منى العلي
قال لنفسه: أنت عندما تفقد شيئاً تعرف أنه لن يعوض، لا يعوض، وترفض ذلك،ترفض هذا الحس بالفقدان، تتمرد عليه كل جوارحك كما يتمرد شيء حي متوفز بالحياة ضدما يحمل إليه الموت، ترفض، كأنك تحطم السماء بيديك العاريتين، كأنك سقطت على ترابالقبر، تدق أرضه بقبضتك المضمومة، وتقول لا، لا، ومع ذلك تظل حفرة القبر مفتوحة، فيداخلك.

الفقدان هناك، قائم، شيء ما قد نهش مكانه، وانتزع من فلذة النسيج الذييغلف حياتك نفسها، لا أمل أبداً في استرداده، عليك أن تطيقه، أن تحتمل فجوة الضياعالذي لا يحتمل، وأن تعيش معه، لماذا تعيش؟ أنت ترى نفسك ميتاً، وتعيش مع الموت،تعيش الموت.

وتحمله معك، وتصبر عليه، وتعانيه، أنت تحمل ميتاً في داخلك. والميتهو أنت أيضاً، قبر متحرك يواري هذا المدفون من غير غطاء ولا كفن.

ليال غاضبة،حزينة وموحشة. ليال مضطربة عاصفة. طرقات تهد أرض القلب من التمرد والنداء المحبطوالرفض، في داخل الصمت المطبق.

...... الحب عندي هو المعرفة. والصدق شهوةمحرقة. لا أريد أن أقول أنني أقبلك. لماذا أقبل أو لا أقبل؟ أريد أن أقول أننيأحبك، أنت بكل ما هو أنت، دون شرط، دون حيطة.
وعندما أقول هذا أعرف أنني أكسر كلقواعد اللعبة. نعم، هي لعبة، الحياة، والحب أيضاً. كل ما فيها له قواعد وأصول. أناأرفض أصول اللعبة. أغامر. أضع قلبي كله، عارياً، مرتجفاً بنبضه، عنيداً بإيمانه،تحت وطأة الانكشاف، دون حماية.
ما الذي يحدث عندما تنهار الحواجز والسدود وتندفعالأمواج المحبوسة القلقة المحوط عليها، داخل المقاصير المسورة، وتجري متلاطمة تحملمعها أنقاض الأحجار؟ أهذا مخيف؟ نعم، أعرف دفء الظلمة المكنونة، وحماية السر، لكننيأعرف أيضاً مر الوحدة خلف الأسوار. ماذا يحدث عندما تسفر النفس عن اضطرابها الحميم،وأشواقها التي لا تفهم ولا تبرر، واندفاعات هوسها وتطلباتها المخبوءة؟
ولأن حبيهو المعرفة، هو اليقظة الكاملة أمام كل نأمة، كل اختلاجة في الصوت، كل ارتجافةجفن، لهذا أجد نفسي، وأنا أحبك، وحدي، ولست معي