الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2016, 08:03 PM
المشاركة 1913
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
نفحاتٌ نبويّة على اللغة العربيّة !
يقولُ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: " أُوتيتُ جوامع الكَلِم" .
وعرّفَ البُحتريُّ جوامعَ الكَلِمِ قال : جوامعُ الكَلِمِ ما قلّ وجلَّ ودلَّ ولم يُملّ !
وعرّفه ابنُ الأثيرِ فقال : عظيمُ المعاني ببسيطِ العبارة !
وهذا عند العربِ غاية البلاغة، وقد سُئل الجرجانيُّ عن البلاغة فعرّفها بكلمةٍ واحدة، قال : البلاغة الإيجاز ! وقد بُعثَ عليه الصّلاة والسّلام في قومٍ أهل بلاغة، يأسرهم حَسَنُ العبارة، ويسحرهم بليغ القول، فكان بحسن عباراته آسراً، وببليغ قوله ساحراً ! ومن سحر بلاغته أنّه أضاف إلى اللغةِ العربيّة ألفاظاً لم يعرفها العربُ قبله باللفظِ وإن عرفوها بالمعنى !
ومن جميل قوله ما جرى بين العربِ مثلاً يقولونه إذا استعذبوا قولاً، أو فُتنوا ببلاغة : " إنّ من البيان لسحراً " وقد قالها صلى الله عليه وسلّم بعدما سمع بلاغة الزّبرقان بن عَديّ، فغدتْ من يومها في العربِ قولاً مأثوراً !
ومن أقواله التي لم تعرفها العربُ قبله : " لا ينتطحُ فيها عنزان " ! فصارتْ مثلاً يُقال في المسائل التي لا خلاف فيها، كأن يسألك أحدُهم : أَترثُ المرأةُ ؟ فتقول له : هذه مسألة لا ينتطحُ فيها عنزان ! أي هي من المُسلّمات التي ليست موضع خلاف .
ومما حفظت العربُ عنه قوله : " ماتَ حتفَ أنفه " ، وقد قالها لمن قعدَ عن الجهاد مخافة أن يدركه الموت، فأدركه على فراشه ! ثمّ اتخذتْ دلالة أوسع مع الزّمن فصارتْ تُقال لكلّ تارك أمرٍ فراراً من الموت فأدركه من غيره !
ومن أقواله التي لم تعرفها العربُ قبله في الحرب، رغم أنها أُمّة غزو، فشا فيها القتال، واستعرتْ بينها الحروب التي دارت رحاها أعواماً، كداحس والغبراء بين عبس وذبيان، والبسوس بين تغلب وذهل، والفُجَار بين مُضر وقيس، قوله : " الآن حميَ الوطيس " أي الآن اشتدت الحربُ، فأخذتها العربُ عنه، وصارت جملةً لا تخلو منها معركة ! ومن أقواله في الحرب أيضاً : " الحربُ خَدعة " ، وقيل الحربُ خُدعة، وهي بالفتح أصوب، وهي جملة تخطّت حدود العرب، وتستخدمها اليوم البشريّة قاطبة !
ومن أقواله التي جرت بين العرب مجرى المثل قوله : " المُستشار مُؤتمن " . وهذه مقولة تجمع أناقة اللفظ وأناقة الخُلق ! أي أنّ كلّ من استشارك بأمرٍ فكأنّه وضع عندك سرّاً ليس لكَ أن تفشيه !
ومن بليغ عباراته التي لم تعرفها العربُ قبله قوله : " السّعيدُ من وُعِظَ بغيره " . وتُقال لمن كان عازماً على أمرٍ فلما تفكّر في عاقبة أقوام أقدموا عليه قبله أحجم عنه !
ومن أقواله التي تجمع جمال اللفظ وجلال المعنى قوله: " حُبّكَ للشيءِ يعمي ويصمّ " ! وفيه يُنبّهنا إلى عدم المغالاة في الحُبّ، فالمؤمن لا يرضى بباطلٍ ولو أتى به أحبُّ النّاسِ إليه، ولا يردُّ حقّاً ولو أتى به أبغضُ النّاس إليه ! فالحُبُّ المفرط كالكراهية المفرطة تعمي، ففي الحُبّ المفرط لا نرى إلا الحسنات، وفي البُغض المفرط لا نرى إلا السّيئات !
وله أقوال كثيرة فتنَ بها أصحاب الألسن البليغة، ولكن لا يتّسعُ لها المقام كقوله " النّاس معادن " وقوله " الناس سواسية كأسنان المشط " وقوله " كلكم لآدم وآدم من تراب " ولكن لا يتسعُ لها المقام، فاخترتُ ما قرأتم والسّلام !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة