عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2011, 08:57 AM
المشاركة 84
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
غربال الذاكرة : فؤاد التكرلي

فيصل الياسري

غربال ذاكرتي هذه المرة يختلف عن سابقاتها ، فقد كنت كل مرة اكتب عن معايشة ذاتية عن قرب لمبدع غادر الدنيا قبل سنوات او اشهر على الاقل ، هذه المرة اكتب عن مبدع عرفته عن قرب : الروائي فؤاد التكرلي (1927 ) وغادر الدنيا قبل ايام قليلة وما زال صوته يرن في اذني وذكرياتي الودودة معه ما زالت متجسدة في مخيلتي ، وقبل ساعات فقط من وفاته كانت هند كامل تجلس جوار سريره برفقة زوجته التونسية السيدة حياة !!
وعادت هند الى البيت لتنقل لي تحيات فؤاد التكرلي وتأكيده انه مستعد لتصوير البرنامج التلفزيوني الذي خططنا له ، في اقرب وقت ، وربما الاسبوع القادم ..
لم يعش فؤاد التكرلي حتى الاسبوع القادم .. فقد رن الهاتف في منزلنا صباح يوم الاثنين 11 شباط 2008 وكانت المتحدثة صديقة مشتركة ابلغت هند بان فؤاد قد غادر هذه الدنيا التي لم يمل منها ولم يكرهها ابدا بالرغم من كل الاحباطات وخيبات الامل الكثيرة ،!!
اسرعنا هند وانا لنكون بجانب زوجته حياة التي روت لنا كيف كانت ساعاته الاخيرة ، وكان حديثها مؤثرا ومتقطعا بسبب الدموع تارة والرد على الهاتف تارة اخرى بينما كان ولده الشاب عبد الرحمن يستقبل بعض الاشخاص الذين سيرتب معهم مراسيم الدفن في مقبرة سحاب في عمان !! كان عبد الرحمن يرغب في نقل جثمان ابيه الى بغداد ليدفن في مقبرة العائلة ولكن ظروف العراق الامنية الحالية تحول حتى دون دفن موتانا في تربة الوطن !!



التقيت فؤاد التكرلي اول مرة عام 1982 وكنت قد قرأت روايته ( الرجع البعيد) التي سحرتني بسردها المحكم واحداثها المتشابكة وبنائها المعماري ، وبحوارها الصادق والمتنامي باللهجة العراقية الرشيقة وكأنه مكتوب للمسرح اوالسينما ، وعرضت عليه ان نتعاون في تحويلها الى فيلم روائي او مسلسل تلفزيوني ، فطلب مني ان نتريث حتى يتفرغ من مهنة القاضي التى امضى فيها 27 عاما ( اصبح قاضيا عام 1956 ) .. وفعلا تمت احالته على التقاعد عام 1983
ولسبب ما ، لم يتحقق مشروعنا السينمائي ولم التق فؤاد التكرلي الا بعد عشر سنوات عندما زارني في منزلي بحي الجامعة في بغداد في امسية جمعت الكاتب جبرا ابراهيم جبرا والشعراء يوسف الصايغ وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد واخرين ..
فاجأني فؤاد التكرلي بنسخة معه من روايته ( الرجع البعيد ) قدمها لي ليذكرني بمشروعنا القديم بتحويلها الى فيلم ، وتحمس الحاضرون للفكرة ، وشجعونا كثيرا ، وتطوع جبرا لتولي مهمة الدراماتورج ( المستشار الدرامي ) ...
ولم يتحقق المشروع هذه المرة ايضا ، فقد دفعت الاحباطات وخيبات الامل ، والانزعاج مما اصاب العراقيين جراء خطيئة اقتحام الكويت ، دفعت التكرلي الى النزوح الى تونس .. ليعيش ظروفاً نفسية واقتصادية صعبة،اثرت سليبيا على الكتابة والإبداع ، فقد كان يجدحسب قوله- صعوبة وعسرا في عملية الخلق بعيدا عن الوطن !!
ولكن هذا العسر تمخض عن عمل فني عملاق هو رواية (المسرات والأوجاع) عام 1998 التي تناول فيها بجرأة وادراك الوضع السياسي في العراقي ... من خلال تجسيد الهم الاجتماعي للمواطن العراقي – وقد اعتبر الناقد صبري حافظ رواية ( المسرات والاوجاع) من الروايات العربية النادرة التي نستطيع ان نضعها في مصاف الروايات العالمية الكبرى ..ويضيف (.. فالمسرات والاوجاع رواية انسانية كبيرة باي معيار من المعايير وهي في الوقت نفسه رواية عربية خالصة ، او بالاحرى رواية عراقية حتى النخاع )
قبل ايام من وفاة فؤاد التكرلي ، وفي موجة البرد والصقيع في عمان ، اتصل بي المخرج محمد شكري جميل وعرض علي ان نذهب لزيارة فؤاد التكرلي ، وعندما عرف انني كنت عنده قبل يومين طلب ان اكرر الزيارة اليوم ، وجوابا عن استفساري عن سبب الحاحه للقيام بالزيارة قال انه بحاجة الى ان يشكر التكرلي ويعبر له عن اعجابه بروايته الرائعة (المسرات والاوجاع ) فقد قضى معها ايام البرد الاربعة فشعر بدفئ المشاعر الانسانية ومتعة اكتشاف عمل فني كبير ..
كانت هند كامل قد سبقت محمد شكري جميل في اطراء الرواية عندما اعادت قرأتها في غمرة التحضير لبرنامج تلفزيوني كان سيجمعها مع فؤاد التكرلي في حوار فكري حول ملامح السرد الروائي عربيا وعالميا ، وتاثير وسائل المولتيميديا على الكتاب المقروء ورواج روايات حكايات الفنتازيا التي تجنح الى الخيال والغرابة وتجمع التاريخ بالحاضر والعلم بالخرافة .. وقد تحمس صديقنا فؤاد التكرلي للموضوع واغناه بافكاره وكان من المفروض ان نصور هذه الايام كاول حلقة من برنامج ( على ضفاف الفكر ) .. ولكن كان للموت حسابات اخرى فاقتلع فؤاد التكرلي من بيننا تاركا فراغا في دنيا الرواية العربية لن يعوض بسهولة .



==
اسمه : هو فؤاد عبد الرحمن محمد سعيد التكرلي ( 1927 – 2008 )

مولده :
ولد ببغداد سنة 1927

تعليمه :
وكان جده محمد سعيد التكرلي ، كما يقول الاستاذ حميد المطبعي في ( موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) ، نقيبا لاشراف بغداد . وفي محلة باب الشيخ ( عبد القادر الكيلاني) المعروفة ببغداد ، بدأ يتلقى علومه فدخل المدرسة الابتدائية ، واكمل الاعدادية ، وتخرج في كلية الحقوق ( القانون حاليا) سنة 1949 . وبعد تخرجه عين ( كاتبا اولا) في محكمة بداءة بعقوبة .

ظهرت اهتمامات فؤاد التكرلي الادبية منذ وقت مبكر من حياته ، وراح يلتقي عددا من زملائه ومجايليه المعروفين بحبهم للادب والشعر والقصة امثال عبد الملك نوري ، وعبد الوهاب البياتي، وشقيقه نهاد التكرلي . وقد نشر اول قصة له سنة 1951 في مجلة الاديب ( البيروتية) بعنوان : ((همس مبهم)) .

كما ابتدأ سنة 1948 بكتابة روايته (بصقة في وجه الحياة) .. وقد سبق ان اشرنا آنفا انه اكملها سنة 1949 ، لكنه لم ينشرها قائلا فيما بعد ان مجتمع العراق آنذاك لم يكن يستوعب نشر مثل هذه الرواية لما تضمنته من افكار ورؤى وتفسيرات كانت تضر بسمعته هو قبل غيره ، وقد نشرت الرواية في بيروت بعد ربع قرن (1980) .

تولى مناصب قضائية كثيرة خاصة بعد عودته من بعقوبة ( محافظة ديالى) الى بغداد، ومن ذلك تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد سنة 1964 لكنه لم يلبث في هذا المنصب طويلا ، اذ حصل على اجازة دراسية لمدة سنتين وسافر الى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل .

لم ينقطع فؤاد التكرلي عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، فلقد استطاع سنة 1960 من اصدار مجموعة قصصية بعنوان : ( الوجه الاخر) . وفي سنة 1980 صدرت روايته (الرجع البعيد) ، وبعد ذلك بست سنوات أصدر مجموعة حواريات بعنوان : ( الصخرة) . كما صدرت له في تونس سنة 1991 مجموعة قصصية بعنوان : ( موعد النار). وفي سنة 1995 صدرت له رواية (خاتم الرمل)

محطات :
في مقابلة نشرتها مجلة المدى (البغدادية )يوم 16 اذار 2004 )) : كل اعمالي هي ضد السلطة ،ومع ذلك كتبت وانا في العراق وبقيت فيه ... ،ويضيف : كنت أعيش في العراق بشكل طبيعي ... ركزت في كتاباتي على المشاكل الحقيقية لدى الشعب العراقي ،ولم اكن أشتم أو احتج بطريقة فجة ،بل اخترت الكتابة العميقة ....

- والتكرلي، وهو ينهي السنة الثمانين من عمره لايزال صادقا في التعبير عن كل خلجة من خلجات الانسان العراقي ، وهو يواجه التحديات الجديدة ، ويصر على ان يوفق لفترة يحاول العالم ، كما قال ، محوها من تاريخ العراق مع انها من أقسى المراحل التي مر بها تلك هي مرحلة الحصار الظالم البشع ، والذي لم يقتصر على الجوانب الاقتصادية وحسب بل تعداها لتشمل الحصار العلمي والحصار النفسي ، لذلك جاءت روايته الجديدة الموسومة : ( اللاسؤال واللاجواب) لتعكس حالة الانسان العراقي وهو يواجه تلك السنوات القاسية، ومع انه يحس بوطأة الاحتلال ولا معقولية ما يشهده العراق من اوضاع راهنة ، الا ان التكرلي يعترف ، وهو في هذه السن ، بانه لايستطيع:التعبير عن فصول المأساة المستمرة ...فالوضع في العراق يستعصي على أي روائي مهما كانت عبقريته ، انه غير معقول ، ولا ينطبق عليه حتى وصف العبثية ، افكار السرياليين تبدو ساذجة تجاه ما يجري!!

- أن الأديب "فؤاد التكرلي" يفضل ألا تسمى كتاباته المسرحية بالمسرحيات بالمعنى الفعلي للكلمة، حيث يقول في تعريفه على غلاف كتاب المسرحيات الذي يضم تلك الأعمال ضمن سلسلة أعماله الكاملة : " هذه ليست مسرحيات بالمعنى الحرفي والمتفق عليه للكلمة، إنها بالأحرى محاولات في الحوار، استغلت بعض قابليات المسرح لتقديم الواقع منظوراً إليه من زاوية نظر مختلفة وغير مألوفة، إن فيها بحثاً مخلصاً عن الحقائق عبر طرائق ملتوية، ظهرت أحياناً، وكأنها تضمن الوصول إلى الهدف، إلا أنها، في أغلب الأحيان، تبدت غير جديرة بذلك وأشبه بمن ضيع هدفه قبل الخطوة الأخيرة.

من أقواله :
-عندما أتوصّل الى الشكل، أبدأ الكتابة فوراً. فكرة «الرجع البعيد» (1980) جاءتني عام 1963 وبقيت أفكر حتى عام 1969 في كيفية إخراجها فنياً. أنا نادم على الوقت الطويل الذي استغرقته في كتابتها. كان يُمكن اختصار الوقت لو بذلت جهداً أكبر. لا طقوس استثنائية لدي أثناء الكتابة، بضع أوراق وقلم حبر أخضر سيّال، وشيء من الموسيقى الكلاسيكية. أمّا القراءة فمسألة أخرى، قضية حياة… لا يمنعني عنها إلّا المرض.

- لقد أعطت الكتابة معنىً لحياتي… ولم تأخذ مني شيئاً. كانت حبل نجاة من بحيرة الحياة التافهة، وأنقذتني من طموحات الوظيفة. وجعلتني أؤمن بأنّ حياتي لم تكن عبثاً.

ما قاله النقاد :
يقول (ا.د.ابراهيم خليل العلاف) في موضوع أعده بمركز الدراسات الاقليمية -جامعة الموصل

قلة من الكتاب العراقيين ، هم من انصرفوا لتوثيق تاريخ العراق المعاصر ، قصصيا ، وروائيا ، ومسرحيا ،ولعل ذو النون ايوب ، وفؤاد التكرلي ، وعبد الخالق الركابي أبرزهم على الاطلاق .. فؤاد التكرلي ، كتب روايته الاولى (بصقة في وجه الحياة) سنة 1949 ، وكتب روايته الاخيرة (اللاسؤال واللاجواب) سنة2007 ، وبين 1949 و2007 ،وقعت في العراق الكثير من الاحداث .. في الرواية الاولى أرخ لاوضاع الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها على نفسية المواطن العراقي وواقع مجتمعه . وفي الرواية الاخيرة أرخ لسنوات العراق الصعبة ايام الحصار القاسي الذي شهده العراق طيلة المدة من 1990 وحتى 2003 . ولم يتورع التكرلي من ان ينتقد السلطة في العراق ومشاكلها ايا كانت ..

وكل اعماله دعوة الى التمرد على سبئات المجتمع .

فعلى سبيل المثال كان التكرلي جريئا في روايته (المسرات والاوجاع) ، هذه الرواية التي صدرت سنة 1999 . والتكرلي في تشريحه للمجتمع العراقي ووضعه اليد على معايبه ومشكلاته ، كان أديبا واقعيا صادقا لهذا لم يتعرض لاي مضايقة او ملاحقة ، هذا فضلا عن ان السلطة في كل مراحل تاريخ العراق كانت تعرف بان التكرلي ، وهو قاض نبيل ومعروف ، واحد من رجالات القصة والرواية والابداع لذلك لم يكن من الصواب ان تتعرض له لأي سبب من الاسباب ،لابالعكس كانت تقدره وتضعه في المكان الذي يستحق.

وقد كتب عنه الناقد الادبي الكبير الاستاذ الدكتور (علي جواد الطاهر )فقال : ان التكرلي ليس قصاصا حسب ، انه مثقف في فن القصة ،وفي علمها : قواعدها ، قوانينها ، سماتها . أما القاص والروائي (محمد خضير)، فقد قال عند تكريم جريدة المدى (البغدادية) للتكرلي ، معقبا على بعض أحداث وشخوص روايته ( الوجه الاخر) نحن الان نشم فيه النسمات الاخيرة لشارع الرشيد . ولم ينس الروائي (علي بدر) ان يؤكد حقيقة مهمة في ما قدمه التكرلي حين قال : بأن الاجيال القادمة ستتذكر بأن ملامح الشخصية العراقية موجودة في اعمال فؤاد التكرلي. كما اشار الناقد والشاعر فاروق سلوم في مقال له منشور على موقع كتابات (الالكتروني) يوم 6 ايلول 2007 الى ان فؤاد التكرلي أصر على النزعة البغدادية المدينية.. مقابل أي اتجاه آخر، كان رهانه العالمي على هويته فشخصياته كلها من الواقع العراقي المعاصر الرافض لكل قيد .. فتوفيق بطل رواية ( المسرات والاوجاع) فاسد لكنه نتيجة حياة مرة ومجتمع صعب ، اما عدنان ومدحت بطلا روايته ( الرجع البعيد) فهما علامة فارقة لمجتمع متنوع ومتوافق يقبل الفساد .. ويقبل العفة . لقد عاصر التكرلي اجيالا من السياسيين ، وشهد تقلبات العراق السياسية ، لحقب ثكلى ومحملة بالاسى .. وكان مسؤولا في قاعة المحكمة عن الظلم والمظلومين ، لكنه ظل ، يقول سلوم ، يريد كشف جوهر الصراع ، وخباياه النفسية والاجتماعية والتربوية ، ويلتقط الباحث (كرم نعمة ) الخيط في موقع جريدة البينة (2005) ليقرأ بعضا مما جاء في ( المسرات والاوجاع) ، هذه الرواية التي وصفها الناقد (صبري حافظ )بانها (رواية العصر الكبرى) ، قائلا : انه عندما نستذكر بطل هذه الرواية في الخاتمة، وقد نزل عليه مبلغ هائل من المال ،وهو يتجول في الكرادة ، ويقتني قطعة حلوى ...نشعر ان المكان في ذاكرة التكرلي قائم ومخلص لعراقيته.

أما (اسماعيل زاير ) الناقد والصحفي المعروف ، فأكد في تقديمه لملف كامل عن التكرلي نشرته جريدة الصباح الجديد في عددها الصادر يوم (10 ايلول 2007) : ان التكرلي من أفضل وأجمل تعبيرات الذات العراقية الحرة والمنطلقة على هواها وبما تمليه سجيتها .

قال الناقد (ماجد السامرائي )في حوار له مع التكرلي نشرته الحياة (البيروتية) يوم 26 تشرين الاول 2003: ان الرؤية الاجتماعية الواقعية هي التي أطرت ادب التكرلي القصصي والروائي والمسرحي كما انها كانت دافعا لاحداث التنوع فيه.

أما الناقد( ناطق خلوصي )فكتب مقالة بعنوان : مدرسة التكرلي في الابداع منشورة على موقع قناة الشرقية ( الفضائية) جاء فيها ان التكرلي أول من تناول موضوعة الجنس في روايته تناولا مباشرا وصريحا احيانا ، مع ان الاقتراب من هذه الموضوعة كان يصطدم بالمحرمات الدينية والاخلاقية والاجتماعية .. ويقينا انه استفاد من عمله ، كقاض ومن هنا فان تعامله مع شخصياته ، كان تعاملا وفق منظور نفسي ـ اجتماعي ..

فهو يعطي للعوامل والظروف الاجتماعية والاقتصادية ما تستحقه من اهتمام ، ويسعى للتوغل في أعماق الشخصيات .. ويضيف( خلوصي )الى ذلك قوله ان التكرلي في مجمل أعماله الروائية كان يحرص على تقديم استقراء لتاريخ العراق المعاصر وخاصة في ال50 سنة الاخيرة .. ويبدو ان التكرلي ، وهو ابن الطبقة الوسطى ، مع أنه عد يساريا في افكاره ، كان على علم ببواطن وخفايا واسرار هذه الطبقة لهذا حرص على اختيار شخصياته منها مع رغبة متناهية في ادانة كل انواع الظلم الاجتماعي ، والسياسي ، والاقتصادي .كان التكرلي يعد كتابة الرواية عملية غامضة وممتعة ،ومحاطة بالمعاناة، والحرية الداخلية ،بنظره ،تطلق طاقة الابداع .

ويضع الناقد والشاعر (ياسين طه حافظ )، فؤاد التكرلي ضمن سياق زمنه وعصره ، فيقول : ( ان فؤادا ، وقد بلغ الثمانين من العمر طوى عصورا ثقافية ، وازمنة انسانية وهو يتابع حركة الانسان وعذاباته في طريق الشمس . ويضيف : فؤاد كاتب كبير فنا ، وفؤاد قبل هذا وبعده انسان اخلاقي كبير .

أما الناقد( جمال كريم ) :فيؤكد في الملف انف الذكر ان التكرلي وثق للمكان والاحداث في حقب جد مهمة وشائكة في تاريخ العراق المعاصر السياسي والاجتماعي ولكن من وجهة نظر روائي محايد ومتمكن من أدوات فنه السردي .ويضرب على ذلك مثلا فيضيف الى ذلك قوله انه في مرحلة ما بعد ثورة 14 تموز 1958 ،وما خلفت من تداعيات على صعد حياة المجتمع العراقي انذاك ،بل وما رافقها من صراعات سياسية على دفة الحكم وخزائن الثروة ،فالاحداث والشخصيات المحورية ،بمختلف انتمائاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية تتحرك على فضاءات مكانية عراقية وخاصة في بغداد العاصمة وضمن جغرافية الاحياء (المحلات ) الشعبية ومنها محلة باب الشيخ وما يتبعها من ازقة أو شارع الكفاح (غازي )وما يتماس أو يتقاطع معه من شوارع ،يحاول التكرلي ،تبعا لخصوصية هذه الامكنة، من حيث المشكلات الاجتماعية ومستويات الفقر، وعمق معاناتها ،وحدة صراعاتها ،ان يتعامل معها بمنتهى الواقعية.

مؤلفاته :

قصة :

-العيون الخضر

روايات :

- خاتم الرمل
- بصقة في وجه الحياة
- المسرات والأوجاع

مسرحيات :

- أوديب الملك السعيد / ملهاة مأسوية في منظر واحد
- مسرحية "الصخرة

وفاته :
توفي يوم الاثنين 11 شباط فبراير 2008 في العاصمة الأردنية عن عمر ناهز 81 عاما بعد صراع طويل مع السرطان