عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2020, 04:05 AM
المشاركة 129
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: O موسوعة القصص القصيرة o
صدفة مُعبرة أم عابرة؟!

بقلم : Meshari مشاري


كأن اللحظات تتجه نحو نفقٍ مظلم، والانتظار أشبه بموقد جمر، هذا حال (سالم) الذي يترقب اتصالًا هاتفيًّا من لدن رفيقيه ( فيصل و عامر ) اللذين قد اتفقا معه يوم أمس في الذهاب إلى نزهة برية خارج منطقتهم السكنية، ومن دون سابق انذار بدأ يطلق جهازه النقال نغمات تشير إلى الهدف المنشود، اتصال من قبل رفيقيه.
– أهلًا
– نحن أمام منزلك هيا
– حسنًا قادم إليكم
لملم حقيبته ذات السعة المطلوبة، وانطلق نحو الخروج فركب المركبة وانطلقوا نحو مآل رحلتهم، بدأ فيصل الذي كان يقود المركبة في تحريك جهاز مشغل الأقراص محاولًا منه إخراج أصوات شجية تعطي أجواء منغمة في سير الرحلة التي بدأ يلوح في الأفق اقتراب نهايتها، حينئذ بدأت تظهر على جسد عامر علامات التململ محاولًا إفهام فيصل أن يتجه إلى أقرب محطة وقود من أجل المرور على محل التموينيات الغذائية لشراء بعض السكاكر والعصائر المعلبة، استقبل فيصل إشارات التململ بتحريك مقود المركبة نحو محطة وقود صغيرة لاحت أمام ناظريه بسرعة جعلت عامرًا وسالمًا يطلبان منه التهدئة والتعقل، أوقف فيصل المركبة وضحكاته تصدح بالمكان ترجل عامر ثم أعقبه سالم الذي يطلق الشتائم لفيصل لفجاجة تصرفه وطلب منه المكوث في المركبة وعدم الدخول معه في محل التموينيات الغذائية .

دخل سالم محل التموينيات وناظريه يترقبان عامر لكن عامر لم يظهر! فبدأ يبحث في دهاليز المحل، وعيناه لا تقع على اتجاه واحد، وفجأة ارتطم بمكون جسدي بشري ضخم البنيان من الخلف، وقد كان يلتحف برداء أشبه برداء بلاد أهل السند، صمت سالم صمت المذهول من الموقف ومن تكوين هذا الكائن الذي لم يستدر فور ارتطامه به، لكن ومن دون تمهيد تحرك هذا الجسد نحو الأمام من دون أن يلتفت للوراء فلمح سالم خاتما ذا فصة زرقاء على أحد أصابع يده اليسرى بها نقش صغير أقرب إلى جمجمة منزوعة اللحم والجلد ، عامر في تلك هذه اللحظات وجد سالما متسمرا مكانه في إحدى زوايا المتجر فركض اليه قائلا: هيا فلنذهب فوضع يده على أحد كتفي سالم الذي بدوره انتفض وبدأ في إطلاق العنان للشتائم ولم يتوقف حتى شده عامر من عضديه ودفعه نحو المحاسب الذي يراقبهما، خرجا من المتجر بعدما اشتريا بعض الحاجيات وانطلقوا نحو مكانهم المنشود.

بدأت مخيلة سالم تقع في أسر تراكمات الموقف مع صاحب رداء أهل بلاد السند وتجاذبه ما بين هل هو موقف (معبرٌ أم عابر؟! )، بعدئذ حطت المركبة في أرض فلاةٍ تحط على إحدى جهاتها سلسلة هضاب مرتفعة، وبدأ الثلاثة يُنزلون أمتعتهم الشخصية ولوازم الرحلة ولاحت في الأجواء تعليقاتهم المضحكة وإطلاق الألقاب التي كانت في صغرهم على بعضهم البعض حتى بدأ الليل يرخى سدوله وحان تحضير طعام العشاء لكن حصل أمر غريب في هذه اللحظة! أمرٌ طارئ قد وقع ! موجات هرمونية سمعية تقترب من مكانهم! كأنها صادرةٌ من تلكم الهضاب!
هكذا قال فيصل، وعامر بدأ يدخل في حالة من الخوف الشديد فشفتاه ترتجفان كمن أصابه صقيع برد شديد، لكن أين سالم؟! اختفى سالم من المشهد بشكلٍ مفجع وصادم! ولم يستوعب فيصل وعامر أن تلكم الموجات الهرمونية تلقفت سالمًا منهما فأطلقا العنان لحناجرهما مناديين سالما، ومن دون سابق إنذار وجد سالم! وجد سالم في بقعة تراب مغايرة لبقعة الأرض التي نزل فيها بقعة شبيهة بذرات الفحم، مستلقيا ظهره عليها وعيناه شاخصتان للسماء! فظناه ميتا فحاولا الاقتراب منه لكن أوقفهما صوتٌ مجلل
ـ قفا مكانكما
فيصل وعامر بصوتٍ متقطع : من أنت ولماذا؟!
ـ رفيقكما في حضن الولاية
فيصل وعامر: أي ولاية؟!
ـ ولاية المصادف والمصدوف
فيصل وعامر: ما هذا الهراء التي تتفوه به!
ـ رفيقكما سيكون عبرة معتبرة لمن يُصادف الظواهر غير الطبيعة فلزاما عليكما أن تذهبا في حال سبيلكما.
انتهى.

وحيدة كالقمر