الموضوع: صندوق فارغ
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
7095
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
08-27-2010, 02:57 AM
المشاركة 1
08-27-2010, 02:57 AM
المشاركة 1
افتراضي صندوق فارغ
صندوق فارغ


ليل الشتاء الذي حل باكرا و جلل بالسواد امتداد الطريق يزيد الجو وحشة و رهبة
علي أن لا أبقى طويلا في هذا المكان بالرغم من التعب و النعاس اللذان يلحان بقوة على أجفاني و عضلاتي
و لكن هذا الصندوق الفارغ القابع في الخلف كفيل بإبقائي مستيقظا و متعجلا العودة إلى المدينة بأقصر وقت ممكن
و لكن... درب المدينة طويل
تهتز سيارتي بفعل ارتطام العجلات بأحجار الطريق الريفي فيتحرك غطاء الصندوق و يصدر طقطقة مرعبة
اعرف أنه فارغ لكن الرهبة مما كان يحتويه لا تزول بزوال السبب
لا أستطيع الالتفات للخلف خوفا من شبح ما يمد رأسه من الصندوق
يا ربي كيف يكون هذا الطريق قفرا ؟ أما من أحد يضطره ظرف ما للعودة إلى المدينة؟
ليتني أعثر على أي أحد يبدد هذه الوحشة حتى لو كان قاطع طريق أو نشال أو حتى قاتل
عندما أتينا في منتصف هذا النهار الشتوي البارد نقود قافلة الجنازة كان معي ابن المتوفى و الصندوق ترقد فيه جثة جاهزة للإيداع في سكنها الأبدي و الذي لن تمارس فيه هم الارتحال و التنقل فهذه هي الرحلة الأخيرة
تبادر إلى ذهني ساعتها مقارنة غريبة بين سيارة العرس و سيارة التابوت
الأولى لا تكف عن الضجيج الباعث للسعادة و هذه الصامتة بشكل مرعب
وصلنا إلى قرية المتوفى و أقيمت صلاة الجنازة و الدفن و أنا أتعجل العودة لكنهم أصروا على تناول الوضيمة
علي أن أعود بالصندوق الفارغ لأسلمه إلى عهدة المشفى و لا يجوز أن يبقى خارج المشفى فماذا لو ضاع هذا الصندوق من عهدتي؟ سيعقدون لي محاكمة بجرم إتلاف المال العام و السرقة الموصوفة
بالرغم من أنني اعرف أن مدير المشفى يسرق الكحل من العين جهارا نهارا و لا من أحد يحاسبه
لم تتداعى إلى ذهني هذه الأمور الآن ؟ خليني في مصيبتي الآنية و همي الكبير مع هذه الحمولة الثقيلة جدا
أحس أنني أقود شاحنة كبيرة و أتحكم بصعوبة في المقود
ليتني الآن أمتلك مصباح علاء الدين و المارد لأطلب منه أن يضعني في ثانية واحدة في المدينة أو على الأقل يحضر لي من يبدد وحشة هذه الليلة المقيتة
يا ربي ماذا أرى ؟
هناك من يحمل بيده ضوء كشاف و يلوح لي بكلتا يديه
لا إنه ليس شخصا واحدا بل اثنين
أحمدك يا ربي على استجابة دعائي ، لا بد أن هذا من رضا الله ثم رضا الوالدين
أتوقف عندهما و أبادر بفتح الباب فيتبادر إلى ذهني هاجس مخيف
ربما يكونان من السكارى أو ربما من عصابة تدمن سرقة السيارات و سائقيها ليلا!
يطلبان بكل أدب أن أقلهما إلى المدينة
ربما يتخفيان بقناع من الأدب ريثما اطمئن لهما ثم يشرعان في جريمتهما
سأبقى متحفزا متيقظا.. لكن ما نفع اليقظة مع عصابة قد تكون مسلحة ؟ حتى لو كانا لا يملكان سلاحان فهما اثنان و أنا وحيد و تقول والدتي حفظها الله الكثرة غلبت الشجاعة مع الأخذ بعين الاعتبار أنني لا أمتلك حتى الشجاعة
احدهما جلس على المقعد الأمامي بجانبي أما الآخر فقد جلس وراءه تماما
تساءل بقلق: ما هذا الصندوق القابع على الكرسي الخلفي؟
قلت له : لا تقلق دبر نفسك ريثما نصل
عقب صاحبه: تحمل قليلا أفضل من وقوفنا في الظلام و البرد
همهم الآخر بكلمات ما تبينتها فظننت أن هذه شيفرة فيما بينهما
سرى في ذهني خاطر فبدأت بتنفيذه فورا
سالت الشاب الذي بجانبي: ماذا تعملان؟
قال : نحن نؤدي الخدمة العسكرية و خرجنا من قطعتنا في إجازة و قررنا أن نسافر في الليل كي نستغل الإجازة و نجد أنفسنا صباحا بين أهلينا.
لابد أن هذه أيضا ضمن الخطة التي اتفقا عليها
قلت لهما : أنا سعيد جدا أنني وجدتكما فهذا القابع في الصندوق بين كل فينة و أخرى يحرك غطاء الصندوق و يمد رأسه ثم يعود
وجودكما يقويني قليلا
و تعمدت في أثناء كلامي ا ن أحرك مكابح السيارة بطريقة تجعل من السيارة تهتز و يهتز معها الغطاء
مممممممممـماذا في الصندوق ؟ قال الشاب في الخلف
ما هذا الصندوق ؟
قلت لهما : هذا تابوت
صرخا بصوت واحد توقف و إلا قتلناك توقف
أوقفت السيارة
نزلا بسرعة جنونية معقودي اللسان من الرعب
و بقيت وحيدا أقود السيارة ثقيلة الحمولة انتظر ضوء أول بيت في المدينة ....