الموضوع: اللا حنان
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
2526
 
جيان الشمري
من آل منابر ثقافية

جيان الشمري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
32

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Jul 2012

الاقامة

رقم العضوية
11381
08-02-2012, 11:53 AM
المشاركة 1
08-02-2012, 11:53 AM
المشاركة 1
افتراضي اللا حنان
قضى الليل في بيت احد الأصدقاء .عاد إلى البيت صباحا فتح الباب وولج إلى الداخل فوجئ بوجه غاضب استقبل دخوله بعبوس.لطالما اعتاد رؤية علامات الغضب والعبوس على هذا الوجه مذ كان طفلا .ذاك هو وجه أبيه....الأب القاسي ....الغاضب دائما..المتذمر من كل شئ ولاشئ.الصاب جام غضبه عليه هو وأخوته وأمه المسكينة.سألها مرة:لم اخترت هذا الرجل بالذات ليكون زوجك؟أجابته بابتسامة ذابلة تشوبها المرارة:نصيبي يابني ...نصيبي من هذه الحياة.ثم أعقبت كلماتها حسرةرافقتها كلمة الحمد لله.
خرجت الكلمة على مضض من بين أسنانها التي تآكلها الاهمال والتسوس والشيخوخة المبكرة....داهمتها الشيخوخة قبل أوانها من هول مارأت من هذا الرجل(زوجها) ولكنها بقيت صابرة مستسلمة لقدرها ونصيبها.
نظر بتحد إلى وجه أبيه الغاضب المتجهم... تسائل في نفسه كيف لشخص أن يجمع التجهم والغضب والسخرية معا ليصوغها قناعا لوجهه؟؟
-أين كنت؟تسائل دائم الغضب...
أجابه وليد باقتضاب :في منزل صديقي.
-نعم .فلامنزل لك فقضيت ليلك في منزل صديقك أيها الصفيق.
-أنت من طردني البارحة من المنزل ألاتذكر ؟أم قد زال مفعول الخمر الآن فأصبحت عاطفة الأبوة والحرص طاغية على مشاعر النشوة التي تحسها عند احتساءك ذاك السم؟
-ماذا تقول أيها الوقح ؟أجابه وقد احمرت عيناه كجمرتين نفخ عليهما صبي مقهى فصارتا تشعان بقوة وحدة .
أجاب وليد باستخفاف:أتظن أني مازلت ذلك الطفل الذي يرتجف خوفا من نظرتك الغاضبة كلا يا......والدي.
أحس بالغرابة حين لفظ كلمة (والدي )خرجت ثقيلة ولا طعم لها.أنا الآن شاب ومسؤول ولن أخاف من قول الحق كفى صمتا...كفى خوفا....النفس ماعادت تحتمل الصبر المتراكم داخلها كل هذه السنين.... أنت تؤذينا ..تعذبنا...وبصمت الموتى نجيبك كنا...أمي ..انا..أخي ..أختي..جميعنا كنا أهدافا حية لغضبك العارم ونوبات سكرك اللعينة.سنين عجاف عشنا بها حياة الموت خير منها في كنفك المقيت...
انتاب الأب غضب عارم ستل نعله من قدمه ورماها على ولده الشاب فتفاداها وليد برشاقة دلت على قوة وشباب ونباهة نادرة...
صرخ الابن متوجعا مهان الكرامة:ماذا فعلنا لك.. إن الناس ليحسدونك علينا... اسألهم..قل لهم كيف هم
أولادي..علك تسمع جوابا يسوق التعقل الى نفسك فتغير بمعجزة ما معاملتك لنا.
صرخ الأب بصوتاأرتجت له جدران المنزل المتداعي :أتعلمني ما أفعل ايها الوغد..عديم التربية... هيا أخرج من بيتي...
لم يخرج...دخل غرفته غير آبه بصراخ أبيه..ولابنظرات أمه المتوسلة كي يخرج ريثما تخمد نار الغضب في قلب أبيه .
دخل غرفته وأغلق الباب ....عند الظهيرة أكملت أسماء الخبز في التنور..فجاءت برغيف خبز...أرادت أن تسري عن أخيها ما لاقاه من هذه المشادة بطريقتها فوليد يحب الخبز الحار الخارج لتوه من التنور....أمسكت بالرغيف شاعرة بألم حرارته اللذيذ..فتحت باب غرفة أخيها ضاحكة...آملة أن تنسيه بضحكتها ورغيفها ماحصل في الصباح:وليدأحضرت لك رغيفا حا.......وقفت مذهولة أمام ما رأت...دارت بها أرض الغرفة...فقدت وعيها....
استفاقت ..وجدت نفسها محاطة بنسوة من الجيران اللواتي كن يحاولن أن يعدن لها وعيها...صرخت ..ولولت ملتاعة...نزلت الدموع أمطارا من عينيها ..أكان حلما ماقد رأت أم هو حقيقة وما أهولها من حقيقة.... رأت وليد...أخوها الغالي الحنون معلقا بسقف الغرفة...شنق نفسه...انتحر..ما استطاع تحمل إهانات وقسوة والده أكثر ...فوضع حدا لحياته... لشبابه... أخوها الشاب القوي جسدا وعزيمة...لطالما تباهت به بين قريناتها...تسرب من بين يديها كما يتسرب الماء من الشبك..بسرعة وحدة أنهى حياته...ذهب وكأنه لم يكن..خلا بيتهم من ضحكاته وكلامه الحكيم...كم واستهم تلك الضحكات وربت ذاك الكلام على قلوبهم مصبرا ومواسيا..ولكن صبره قد نفذ ...فرحل...