الموضوع: حكمة و فرجة
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-13-2013, 11:07 PM
المشاركة 6
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الازدواجية



لا تزال العلاقة الرابطة بين القط والفأر تسودها الغرابة ، فمن جهة يحكمها قانون الغاب ، الذي تؤول فيه الغلبة للقوي ، و من جهة أخرى غريزة البقاء لها محفزات تكسب الأقل حظا في القوة مقومات تجعله يصمد في وجه خصومه . و هناك من يعتقد اعتقادا جازما أن علاقة القط مع الفأر علاقة حب من طرف واحد ، فالقط يموت حبا في الفأر ، فتراه كلما حظي به تبلغ به السعادة مبلغها فيسارع إليه كما تتلهف الطفلة لدميتها ، فيلاعبه و يشاغبه قبل أن يهم بافتراسه وقد فارق الحياة كما لا تتوانى القطة في التهام صغارها متى أصابهم الموت . لعل سلسة طوم وجيري تغرقنا ضحكا و فسحة في عوالم القط والفأر و إن كانت منحازة للفأر رغبة في انصاف الضعيف و الحد من سطوة القوي . مستملحة اليوم لن تخرج عن نطاق القط والفأر رغم كونها تحيلنا على واقعنا و تحكي لنا عن ازدواجية أملتها ظروف الحياة و تكرست بشكل رهيب في أعماقنا وسلوكياتنا .

طارد قط فأرا فجرى وراءه بسرعة البرق و هو متيقن أنه لن يصمد كثيرا ومآله إلى سكتة قلبية لكن الخيبة خيمت عليه وقد استوطن الفأر أنبوبا ضيقا و أبى الخروج منه لساعات ، تمكن منه اليأس و فكر في المغادرة حينما رأى تمثالا لكلب ضخم على مقربة من الأنبوب ، تواراى القط خلف الكلب و أطلق مواء في هيئة نباح ، فانشرحت نفس الفار و هو يقول فوق كل ذي قوة قوي ، وهو يقترب من بوابة مخبئه ، نظر نحو اليمين فلم ير لا قطا ولا كلبا ، فظن أنها خدعة ، والتفت نحو اليسار ليرى تلك المنة التي أرغمت القط على الفرار ، فخرج متبخترا واثقا من نجاته و نجاحه في هذا التحدي ، لكن مالبث أن أحس بمخالب القط تتقاذفه بين أرجل الكلب الجامد ، هناك سلم أمره لخصمه .
بعد أن تناول القط مأذبته الشهية نطق قائلا : ترى هذه البلاد لن تنال فيها لقمة العيش إلا بلغتين و وجهين ؟