عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2013, 09:53 AM
المشاركة 935
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية-15 - الزيني بركاتلـ جمال الغيطانيمصر


- تعد رواية" الزيني بركات لجمال الغيطاني من الروايات البارزة في الرواياتالعربية التي عالجتظاهرةالقمع والخوف واتكأت على أسبابها وبينت مظاهرها المرعبةفي الحياة العربية.
- فالغيطاني حين يحاصره الراهن بقمعه واستبداده وقهره، حينيمارس أقسى أشكال العنف والرعب والقهر في السجن المعاصريعود بنا مستنطقاً تاريخ ابن إياسبدائع الزهور ليجدصورة مرعبة لكبير البصاصين الشهاب الأعظم زكريا بن راضي ووالي الحسبةالزيني بركات.
- ويكفي أن نقرأ عن تعذيب التاجر علي أبي الجود وتدرج الزيني في التفننبتعذيبه ليحصل منعلى المال، والأدهى أن وسيلة إرغامه على الإقرار كانت بتعذيبالفلاحين أمامهعذاباً منكراً بغية إخافته وترويعه،على مدى سبعة أيام منها تعذيب فلاحأمام عينيه.
- يسقط هذه الصورة على الحاضر بل يسقط الحاضر عليها فيبني منهاما هو أقل إيلاماً من الحاضر فقدمت لنا نماذج مرعبة ولكنها مشوهة منخورة فيالوقت نفسه لأنها من وجهة نظر الرواية فيما أحسب لا تتسلح بقيم تجعلها قادرة على مواجهةالتغيرات المحتملة.


- يذكر د. محمد رضوان : الزيني بركات"، تستخلص عبرةً منمرحلة تاريخية،أسّست لهزيمةٍ محققة، نتيجة للعسف والقمع والاستبداد،إنما أنتجتْ بنية روائية خاصة بها، تدخل في عداد التجارب الروائية العربية المتميزة،والمغايرة للتجربة الروائية وخبراتها، المكتسبة من الغرب، مما يعيد إثارة السؤالالمزمن حول الشكل الروائي للرواية العربية.
- ولعلّ رواية الغيطاني هذه- إلى جانب بعضأعماله الروائية الأخرى- قد ساهمت في تقديمإجابة ما، عملية، على أسئلة الرواية العربية، التي بدأت تش قطريقها نحو شكل متميز، يواكب الروايةالعالمية، وربما يتفوق عليها.‏

- إن موضوع القمع الذي تناوله الغيطاني في "الزينيبركات" ليسجديداً في الرواية العربية ، وإنّما الجديد المتميز الذي بناهالغيطاني، هو الشكلالذي يستعيد تاريخاً ثقافياً وسياسياً، يقرأ فيه الماضي بوعي راهن،أي يجعل من ثقافةالماضي، بعد تحويلها فنياً، ثقافة راهنة، من أجلالحاضر.‏

- أخيراً، يمكن القول أن الغيطاني قدأنجز رواية تاريخيةتثير الحاضر، كما ترهّن الماضي.

- وهو بذلك يعيد ترتيب السلسلة التاريخيةأو الاجتماعية،والثقافية، عبر المأساة الوجودية للراهن العربي، وطقوس القمعالشمولية التييخضع لها، لتكون حافزاً استفزازياً، لتغيير هذا الوجود وآلياتهالقاهرة.‏

- يتحدث عنها كاتبها (جمـال الغيـطـاني ) فيقول : جاءت (( الزينيبركات)) نتيجة لعوامل عديدة. أهمها فيتقديري, تجربةمعاناة القهر البوليسي في مصر خلال الستينيات.كانت هناك تجربة ضخمة تهدف إلى تحقيق العدالةالاجتماعية. تهدفإلى تحقيق أحلامالبسطاء. يقودها زعيم كبير هو جمال عبد الناصر. ولكن كان مقتلهذه التجربة فيرأيي, هو الأسلوب الذي تعاملت به مع الديمقراطية. وأحيانا كنا نحجمعن الحديث بهذاالشكل لأن هذه التجربة بعد انتهائها, تعرضت وما تزال تتعرض لهجومحاد من خصومالعدالة الاجتماعية, ومن خصوم إتاحة الفرص أمام الفقراء. ولكن أنا أتصورأن الشهادة يجب أنتكون دقيقة الآن, خاصة وأن جيلنا, جيل الستينات الذي ننتمي إليهأنا والأستاذالبساطي قد بدأ يدنو من مراحله الأخيرة. لذا يجب أن نترك كلمة حق حتىلا تتكرر تلكالأخطاء.

- عانينا من الرقابة في الستينيات. وأسلوب التعامل البوليسي. وأتصور أن هذا كان أحد أسباب علاقتي القوية بالتاريخ. كنت مهموما بالبحث في تاريخ مصر, وبقراءة هذاالتاريخ خاصة الفترة المملوكية, التي وجدت تشابها كبيرا بين تفاصيلها وبينالزمن الراهن الذي نعيش فيه. وأنا عندما أقول الفترة المملوكية, أعني الفترة المملوكيةالتي كانت مصر فيها سلطنة مستقلة تحمي البحرين والحرمين. وقد انتهت هذه السلطنة فيعام 1517 بهزيمة عسكرية كبيرة في مرج دابق شمال حلب. وعندما طالعت مراجع شهودالعيان الذين عاشوا هذه الفترة, ذهلت منتشابه الظرف بين هزيمة 67 والأسباب التي أدت إليها وبينهزيمة القرنالسادس عشر.

- وأوصلني هذا فيما بعد, إلى ما يمكن أنيسمى باكتشاف وحدة التجربة الإنسانية في مراحل كثيرة من التاريخ حتى وإن بعدتالمسافة. على سبيل المثال : الألم الإنساني واحد. فالشعوربالحزن هو نفسه الذي كان يعبر عنهالمصري القديم أوالبابلي القديم.

- ومصرنتيجةلاستمراريةتاريخها وعدم انقطاعه تتشابه فيها الظروف من فترة إلى أخرى. سياحتي في التاريخ استقرت في العصرالمملوكي. وكنتمهموما بهاجس الرقابة وهاجس المطاردة قبل أن أدخل المعتقل إلى درجةأنني كتبت عددا من القصص القصيرة عن السجن, نشرت منها قصة ؛ رسالة فتاة من الشمال« في مجلة الآداب في يوليو 1964, وقصة أخرى اسمها ؛القلعة« في مجلة الأديب اللبنانية أيضاعام 1964. وكتبت رواية كاملة عن فكرة المطاردة وظروف المطاردة, ف ق د تعندما اعتقلت في عام 1966. والغريب أنني عندما دخلت المعتقل لم أفاجأ بالتفاصيل. فقدكنت أسمعها من زملائي الذين سبقوني في تلكالتجربة.

- ولكن عندما خرجت قبل وقوع الهزيمةبشهرين عام 1967 مع زملائي, الذين يمثلون جيل الستينيات من الكتاب — فأكبركتاب الستينيات كانوا في هذه الحبسة –, كتبت قصة اسمها »هداية أهل الورى لبعض ما جرىفي المقشرة« وقد افترضت فيها أنني عثرت على مذكرات آمر سجن المقشرة. وهو منالسجون الشديدة البشاعة في العصر المملوكي. وكنت قد وصلت بعض قراءة طويلة — بل لاأقول قراءة ولكن معايشةلابن إياس وابن زمبل الرمال والمقريزي وابن تغري بردي إلىاكتشاف بلاغة جديدة, لم يكن الأدب العربي يتعامل معها. بلاغة يمكن الآن أن أقولإنها بلاغة مصرية, تجمع مابين الفصحى وخلفية العامية المصرية في التراكيب اللغوية. وهذه نجدها عند المؤرخين وليس عند الأدباء. عند المقريزي وابن إياس ثم الجبرتيفيما بعد. وربما يرجع ذلك إلى أنهم كانوا يكتبون الأحداث بسرعة, فلا يتأنقون ولا يغوصونفي أساليب البلاغة المستقرة من زمن قديم. هذه البلاغة شعرت أنها تمسكبالواقع أكثر من الأساليب السرديةالسائدة.