عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2012, 04:04 PM
المشاركة 2
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:gray;border:10px solid silver;"]

حياة جبران وموته الجزء الثاني

كان آخر ما توقفنا عنده في الجزء الأول من حياة جبران هو لقاء السيدة ماري ، ودعوتها له لإقامة معرض في المدرسة التي تديرها ::



أولا :جبران حب جديد أم قلب موزع أم أنانية ؟

لا بد لنا أن نلقي الضوء على تجربة جبران مع ماري على وجه الخصوص ومع تجربة جبران مع النساء بشكل عام وذلك ان هذه التجارب ستمدنا بالكثير عن جبران ,والتناقضات التي تعيش بداخله.

حين قدم جبران إلى المدرسة التي تديرها السيدة ماري عملت هذه السيدة على تعريفه بمدرسة فرنسية تدعى ميشلين ،أثنت عليها السيدة ماري كما أثنت ميشلين على السيدة ماري..

المثير في الأمر أن جبران أحب ماري وميشلين في آن واحد، دون أن تعرف إحداهن بأمر علاقته بالأخرى ، ومع ذلك ظل هنالك فرق بين العلاقتين، ميشلين شملت علاقتها مع جبران حبا جسديا في الوقت الذي كان حبه لماري حبا روحانيا ،كان يخاطب قلب ميشلين ،ويخاطب عقل ماري...هكذا هي المعادلة ببساطة لدى جبران حين كان يتمنى أن تحل روح ماري في جسد ميشلين.
جبران هو شخص بائس النشأة مليئ بالحرمان،لذلك كان يتمنى من كل إناء رشفة،وان ينهل من كل كأس نهلة، ففي الوقت الذي كان جبران يحارب في الناس روح الطمع والشره ونوازع التملك، كان هو على الضد من ذلك غير قنوع ولا زاهد، لذلك كان إذا وقع على شيء وتملكه يجد ما يبرر التناقض بين فعله وقوله.

ثانيا: (حب جبران ونتائجه)

يمكن تلخيص حب جبران لميشلين بالتالي : عيش في قلق نتيجة أن ميشلين كانت حامل منه ، بعد أن تسول لها راجيا إياها أن تخفي الأمر وتجهض الجنين خضعت لإرادته وعملت ما طلب ،ومن ثم رحلت عنه..وتزوجت من غيره، وقلق آخر وهو أن تكتشف ماري أمره.

أما حب جبران لماري فكان يخنلف كل الإختلاف وهو قد يلخص كالتالي ::
كما يشير توفيق الصائغ أن ماري كانت مؤمنة بمواهب جبران، وأحبته أيضا،هذا الحب هو الذي دفع ماري إلى تمويل رحلته إلى باريس لإكمال تعليمه، وهو أيضا الذي أتاح له بعد عودته من باريس أن ينشر كتبه ومقالاته باللغة الإنجليزية، فماري هي التي دفعت جبران ليعبر عن نفسه باللغة الإنجليزية إلى جوار اللغة العربية، وقد كان جبران مدرسة في المهجر تفخر به عشيرته وقومه بعيدا عنه، لذلك لم يكن يشعر بأثر ما يكتبه في حياة من يعيشون حوله حين كان يكتب بلغة قومه، ولا يلمس شهرته في المكان الذي يتواجد فيه، إلا أن دخول ماري وتقويمها للغته كان قد فتح له هذه الأبواب،

أيضا كما يشير ميخائيل نعيمة أن ماري كانت كثيرا ما تجلس وتنصت إليه ولكتاباته، كانت ذاك الباب المفتوح إليه بعد كل باب يغلق في وجهه، كانت مؤمنة بأنه فنان له خياله وواقعه وكان تراعي به هذه الأمور، وتراعي أنه قد تعرض لحرمان كثير في حياته ، لذلك كان حين يقف بين يديها ويتحدث عن نفسه مصورا جسده النحيل بأنه قوي فتي، ويصور فقره الحالي بأنه ثراء محتجز في وطنه ، وأنه ابن اسرة نبيلة كانت تعيش في بحبوحة، كانت تتقبل ذلك منه وتتقبل مبالغاته بصدر رحب ،رغم أنها تعرف انه يبالغ ويغالي، وفسر ذلك علماء النفس أنه: إحساس بخواء نفسي، ليظهر مميزا، وأكثر ما كان يظهر هذا حين يتكلم جبران أمام ماري التي يريد ان يخطب ودها، وخصوصا أنه معدم الحال،فكر جبران في الزواج من ماري وما ذلك إلا سدادا لديونها التي في رقبته وكرمها عليه، إلا أن ماري تعرف أن جبران ميال إلى النساء لا تحكمه علاقة وحيدة، بقدر ما كانت تحبه إلا أنها تعرف أن هذا الحب سيتلوث إذا تحول إلى زواج ، وإذا خرج عن إطار الروحانية، فآثرت ان تبقى العلاقة صداقة، وقد تزوجت ماري فيما بعد أما جبران فلقد بعث إليها برسالة يقول لها: سوف أظل على حبك إلى الأبد، فلقد كانت علاقتي بك هي الروح بالروح، ومثل هذه العلاقة لا ينال منها الزمن كما لاتنال منها الأحداث ....

أما التحليل النفسي للعلاقة كان كما يلي: أن جبران صاحب الحس المرهف قد فقد أمه في المهجر وهو صبي، ووجد امرأة تكبره بعشرة أعوام آوته وعطفت عليه، وكان فيها من الحنان ما يجعله طفلا وديعا بين يديها وهذا ما يفسر قوله في إحدى رسائله لماري: أملي أن تكوني المرأة التي تهجع فيّ أما صغيرة، وللعلم فماري هي التي ألهمت جبران فكرة العرافة صديقة المصطفى في كتاب النبي،وكانت حتى بعد زواجها تراجع كتاباته قبل نشرها وبعد النشر. [1]
ثالثا: (جبران في باريس وماري تعيله)


عام 1908م ذهب جبران إلى باريس وما ري كانت هي الي تقدم له الدعم المادي، ولم يكن لها هدف إلا أن يصل جبران إلى القمة في إبداعه لإيمانها بموهبته، درس جبران في أكاديمية جوليان في باريس حيث التقى هناك صديقه يوسف حويك الذي درس معه في مدرسة الحكمة ،ولكن سرعان ما شب خلاف بينهما وبين مدرسهما وذلك أن كلاهما يميل إلى المدرسة الكلاسيكية وليس التكعيبية، لذلك تركا الأكاديمية واقتسما مرسما وكان ذلك في عام 1909م ،ومن الجدير بالذكر ان جبران كان ينتمي إلى جملة من الفنانين الفرنسيين الرمزيين أمثال :بوفيس ده شافان و وجوستاف مورو.


رابعا: (إلتقاء أمين ريحاني ومحاولات عاثرة)

قبل أن يترك جبران باريس 1910م كان قد التقى بأمين ريحاني والذي كان يتفق معه في كثير من ميولاته والتي كانت سببا في جمعهما فرحلوا ومعهم الفنان يوسف الحويكإ لى لندن، وهناك وضعوا الأسس التي برأيهم تكفل نهضة العالم العربي من كبوته، وكانت الركيزة الأساسية لبرنامجهم هي حتمية التوفيق بين المسليمن والمسيحيين، وظنوا أن ذلك سيكون بتشييد دار للأوبرافي بيروت تعلوها قبتان إحداهما ترمز للإسلام وأخرى ترمز للنصرانية، إلا أن حلمهم لم يتوفق وظلت النزاعات الطائفية قائمة،وكثيرا ما عبرت كتابات جبران عن امتعاظه من هذه النزاعات .

خامسا: (إنشاء الرابطة القلمية وعميدها جبران)
في الولايات المتحدة الأمريكية..تم تأسيس الرابطة القلمية والتي نصب جبران عميدا لها وكان ذلك في عام 1920م، كانت تتألف من عشرة أدباء من أدباء المهجر،وهم جبران وميخائيل نعيمة نائبا لجبران ،وإليا أبو ماضي وغيرهم، وشعار هذه الرابطة: (ليس كل ما سطر بمداد على قرطاس أدبا، و***65275; كل من حرر مقالا أو نظم قصيدة موزونة بالأديب)، والأدب عندهم هو: (الذي يستمد من تربة الحياة ونورها وأدبها){2}



سادسا: (وفاة جبران خليل جبران){3}

بعد رحلة طويلة من الأدب كان المرض من نصيب جبران، وذلك بعد أن تضخمت شهرته واتسعت،كانت بداية نهايته فبعد كتابه يسوع إبن الإنسان، وكتابه النبي، كان المرض من نصيبه، والذي راح يأخذ دنياه شيئا فشيئا حتى إذا ما أنهى كتابه آلهة الأرض وأسلمه لرفيقه نعيمة مكتوبا بخط يده، كانت نهاية جبران وموته بعد أن أسلم للمرض قائلا: فلتفعل الأقدار ما تشاء.
وكان نعيمة في مطلع كتابه قد قال حين رآه ملقا على سرير الموت: هذا الأديب العظيم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بأدبياته وشعره ***65275; يتقن إلا كلمة واحدة مؤلفة من حرفين وهي (غر غر)..
وفي نهاية عام 1931م توفي الأديب جبران وتفككت من بعده الرابطة القلمية.

ومن نتاجه الأدبي :
1-باللغة العربية:
-العواصف
-الأجنحة المتكسرة
-دمعة وابتسامة
-الأرواح المتمردة
-البدائع والطرائف
--ملك البلاد وراعي الغنم ..آخر ما كتبه جبران باللغة العربية
باللغة الإنجليزية
-النبي
-حديقة النبي
ولا شك أن الكثير الكثير لم يذكر

.
.
.

إلى هنا تكون حياة هذا الأديب قد انتهت..مختصرة مع محاولة سرد أهم ما كان فيها.
والهدف هنا كما اسلفت أنه لربما نستطيع الربط بين جبران الأديب الموجود في الكتب، وجبران الآخر الموجود في الحياة العامة.
وقد نجد أيضا التناقضات التي عاشها جبران..

فحين نقرأ أدب جبران ،ونقرأ حياة جبران سنجد الكثير من التناقضات التي عاشها هذا الأديب في حياته ..وربما يصح قولي هنا في جبران أنه ختم حياته بسرد ما كان عليه من تناقضات بكتاب آلهة الأرض ..وكأنه أراد في هذا الكتاب أن يقول أنا رهين قوا داخلية ما بين الشر والخير والحب والكراهية ..وما بين المادة والروح .


لم أسرد العلاقة المهمة التي جمعت بين جبران ومي وذلك أني فضلت أن تطرح حين نتحدث عن كتابه الأجنحة المتكسرة ..لأن لمي رأي في ما جاء فيه.
.
.
.
.وبما أننا أنهينا الحديث عن حياة جبران، فإننا سننتقل إلى المرحلة التالي وهي الأكثر أهمية بنظري وهي قراءة أدب جبران

يتبــع
[/tabletext]