عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-2014, 05:32 PM
المشاركة 1285
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 78- الدوامة قمر كيلاني سوريا

- قمر كيلاني انسجاماً مع التقاليد الجمالية للرواية العربية، وتأثُّراً بطبيعة المجتمع العربي، أضافت إلى عناصر بناء الشخصية عنصرين آخرين، هما : الشخصية الجاذبة والاسم الشخصي.

- أما الشّخصيّة الجاذبة فهي التي تشدّ الآخرين إليها داخل المجتمع الروائي، وتجعلهم يتخذونها محوراً لهم، نتيجة مظهرها الخارجي (الجمال) أو وعيها.

- وقد عزفت قمر كيلاني عن المظهر الخارجي على الرغم من أنها قرّرت في الروايتين جمال سامية وليلى.

- والواضح أنها لم تجعل من الجمال عنصر جذب للشخصيات الأخرى، وخصوصاً الذكور، كما أنها جعلت سامية تنفي محاولتها استعمال جمالها في إيهام جابر بقدرته على إغوائها.

- إن وعي الشخصية الروائية هو عنصر الجذب عند قمر كيلاني .وقد توافر هذا العنصر في سامية وليلى، وجعل الآخرين يدورون حولهما ويمتحون منهما.

- ويستطيع القارىء أن يلاحظ وجود شخصيات كثيرة في الروايتين، ولكن الشخصيتين الجاذبتين تقعان في مركز هذه الشخصيات، لأن الروايتـين راحتا، طوال صفحاتهما، تسلّطان عليهما الضوء وراء الضوء لإبقائهما بارزتين، في حين حرصت الروايتان على إخراج الشخصيات الأخرى من المجتمع الروائي لدى انتهاء دورها فيه، دون أن تُسلِّط عليها المقدار نفسه من الأضواء .

- والملاحظ أن الشخصية الجاذبة الواعية عند قمر كيلاني امرأة في الروايتين وليست ذكراً. وفي هذا تعزيز روائي للموقع الحقيقي للمرأة، وهو موقع التأثير في الآخرين بوعيها وليس بجمالها كما جرى العرف الروائي القائل إن جمال المرأة هو العنصر الوحيد الذي يجذب شخصيات الذكور.

- مما يشير إلى أن قمر كيلاني حرصت في الروايتين على مخالفة الاهتمام بمظهر المرأة ،وسعت إلى ترسيخ الاهتمام بفكرها ووعيها وقدرتها على الإسهام في المجتمع.

- وأما الاسم الشّخصيّ فالحديث عنه طويل، ولكنْ من المفيد الإشارة إليه لأنه عنصر مهمل في نقد بناء الشخصية الروائية.

- وعلى الرغم من أنني لا أملك معرفة بالأسباب التي دعت قمر كيلاني إلى استعمال الأسماء الشخصية في روايتيها الأشباح والدوامة، فإن قائمة هذه الأسماء قادتني إلى اتباعها الأعراف الروائية السائدة في الرواية العربية، وإضافتها إليها شيئاً يتعلّق بها. ذلك أن هناك عرفاً في الرواية العربية يستمد أصوله من الأديان السماوية ،هو تسمية بعض الشخصيات الروائية بأسماء الأنبياء وزوجاتهم، أو أسماء الصحابة، أو التابعين، أو الفقهاء واتباع هذا العرف واضح عند قمر كيلاني في استعمالها اسمي (هاجر وصفية) في رواية الدوامة، و (يوسف) في رواية الأشباح.

- وهناك عرف آخر مستمد من أن المجتمع العربي ما برح يتشبّث بالأسرة. وقد تجسّد هذا العرف في نسبة الأسماء الشخصية إلى أسر محدَّدة، كآل الجابر في رواية الأشباح، والشامي في رواية الدوامة. وهكذا نرى : كريم السعدي - فادية توفيق - بشير العون - ناجي المهدي - مازن النجار - يوسف الأسمر - ياسر الفرحان لكل اسم نسبة يُعرَف بها، ويندر أن نرى شخصية لا تُعرَف بنسبتها ،كجابر وسالم ورنا في الدوامة.

- بيد أن العرف الروائي الذي يفرض تحديد الشخصية يُعوِّض عن النسبة المفقودة بشيء آخر جغرافي أو مهني أو غير ذلك .فجابر جار سامية، وسالم دكتور، ورنا فلسطينية.

- وليس هناك مقياس ثابت لاختيار النسبة في الرواية العربية، ولكنني أعتقد بأن الروائيين العرب يتحاشون النسب المعروفة في الواقع الخارجي ،حرصـاً على ألا يذكروا اسماً له شبيه في المجتمع المحيط بهم، ولهذا السبب تراهم يلجؤون إلى النسب المستمدة من المهن أو المدن أو غير ذلك، فمازن (النجَّار) ومجيد (الشامي). كما يهربون من الأمر نفسه باستعمال الكنى في تسمية النساء : أم هاني - أم حسّان.

- والواضح أن قمر كيلاني لم تخالف الأعراف الروائية السائدة بالنسبة إلى الاسم الشخصي، ولكنها أضافت إليها شيئاً يخصّها وحدها. فالأم عندها في الروايتين مريضة في بداية الرواية، ثم تموت نتيجة مرضها. والأب في الروايتين متوفَّى.

- وعلى الرغم من أن الأسرة في الروايتين تحمل نسبة الأب، فإن الأم تنهض وحدها بمهمة تربية الأولاد. ولذلك لم تُطلق عليها قمر كيلاني في رواية الأشباح أيّ اسم شخصي، انطلاقاً من أن لفظة (الأم) كافية. وقد سمّتها في رواية الدوامة (هنية)، ولكنها استعملت لفظة (الأم) بأكثر مما استعملت الاسم الشخصي، ونادراً ما قرنت لفظة الأم بالاسم الشخصي.

- أما نسبة الأم فمجهولة في الروايتين. وربما قصدت قمر كيلاني من نسبة الشامي) في رواية الدوامة تخصيص البرجوازية التي تحدّثت عنها بدمشق وحدها، ولكن هذا الأمر من قبيل الاستنـتاج والتأويل على الرغم من أن الروائيين العرب لجؤوا كثيراً إلى إضفاء صفاتٍ على الشخصيات تُجسِّدها أسماؤهم أو نسبتهم.