عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2010, 01:22 PM
المشاركة 33
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
صلاة بيد واحدة




نحن الآن نستعد لحضور أحد المؤتمرات الثورية الخطيرة المنعقدة في إحدى دول المنطقة، لدراسة أهم ما تعانيه شعوبها وما تحلم به منذ أجيال.
ها هم أعضاء الوفود الذين يمثلون مختلف البلدان النامية بكل اتجاهاتها وسياساتها وتطلعاتها، يتأبطون مصنفاتهم ويتوافدون إلى قاعة المؤتمر بوجوه جادة وجباه مقطبة، دلالة التفكير العميق والوعي الشامل لأحداث التاريخ. وها هو رئيس المؤتمر يعانقهم بشوق ويصافحهم بحرارة بين حشود من الصحفيين والمراسلين والمخبرين والمصورين. وبعد كلمة ترحيبية قصيرة يطلب اخلاء القاعة إلا من رؤساء الوفود فقط لأن الجلسات ستكون سرية وعلى غاية كبيرة من الأهمية.
أغلقت الأبواب واسدلت الستائر، وأخذ رؤساء الوفود أماكنهم على مائدة طويلة والفوط على صدورهم، وما هي إلا لحظات حتى غطيت المائدة بالصحون والأقداح والأباريق. وتوافد الخدم والطهاة وعلى راحاتهم صواني الأرز والدجاج واللحم والسمك والخضار والكبب والخردل والكافيار، وغير ذلك من ضروب المشهيات والمقبلات، ولما انتهى المؤتمرون من التهام كل ما على المائدة، واضطجعوا قليلاً إلى الوراء وفكوا أزرار ستراتهم وقمصانهم لتأخذهم كروشهم دورها الطبيعي في المناقشات، نهض رئيس الجلسة والفوطة لا تزال على صدره وقال: والآن سنناقش مشكلة الجوع في العالم الثالث.

وبعد أن انتهى المجتمعون من دراسة هذه المشكلة من جميع جوانبها الاقتصادية والتسويقية والسياسية، واتخذوا عدداً من المقترحات والتوصيات وشكلوا عدداً من اللجان لدراسة هذه المقترحات والتوصيات، انتقلوا إلى الموضوع التالي في جدول الأعمال.

وبعد مرور ثلاث ساعات دون أن يتمكن رئيس الجلسة من ترتيب أماكن الجلوس حول طاولة المناقشات، وبعد أن هدد كل من يشهر مسدساً بطرده من الاجتماع، اضطر إلى احضار طاولات مصغرة عن طاولة المناقشات الرئيسية بعدد رؤساء الوفود. وبعد أن تصدر كل منهم طاولة مستقلة وأمامه ميكروفونه المستقل ومنفضته المستقلة وتصوراته المستقلة. مترفعاً حتى عن النظر إلى أي أحد من زملائه، نهض رئيس الجلسة وقال: والآن ... سنناقش موضوع الوحدة العربية.

وبعد دراسة مستفيضة لهذا الموضوع من كافة أبعاده التاريخية والفكرية والاسلامية والمسيحية، وبعد أن اتخذ المجتمعون عدداً من المقترحات والتوصيات، وشكلوا عدداً من اللجان لدراسة هذه المقترحات والتوصيات، انتقلوا إلى الموضوع التالي في جدول الأعمال.

وبعد أن أخذ كل من رؤساء الوفود مكانه على طاولة المناقشات ووضع أمامه ملفاته ووثائقه ومقترحاته واستطلاعاته، بالنسبة للماضي والحاضر والمستقبل، نهض رئيس الجلسة ووضع على فم كل واحد من الحضور شريطاً لاصقاً يصل من الاذن إلى الاذن وقال: والآن سنناقش موضوع الحرية في الوطن العربي.

وبعد مناقشات صريحة وعميقة وشاملة لجميع جوانب هذا الموضوع، اتخذ المجتمعون بعدها عدداً من المقترحات والتوصيات، وتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة بشأنها.

وبعد أن أنهى المؤتمر كافة الموضوعات المدرجة في جدول أعماله، عقد جلسة ختامية بحضور أعضاء الوفود المرافقة والصحفيين والمراسلين والمراقبين ... وقد أذاع رئيس المؤتمر البيان المشترك التالي:
"في جو يسوده الوئام والتفاهم وروح التبصر والمسؤولية، عقد المؤتمر جلساته من تاريخ كذا إلى تاريخ كذا ... وبعد أن درس كافة المشكلات المعروضة عليه، واطلع على كافة التقارير الواردة إليه، وناقش كافة المقترحات والتوصيات الموجودة بين يديه، وبعد أن درس ونظر ومحص واتخذ أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً من القرارات يعلن ما يلي:
وأخيراً تكشفت النوايا العدوانية التي تبيتها الدول الأجنبية ضد الشعب العربي ليبقى متخلفاً ممزقاً جائعاً يرزح تحت كابوس لا ينتهي من القلق والرعب والجوع واليأس، حتى لا ينهض من كبوته ويشارك في صنع قدره وقدر الإنسان في هذا العالم. ولذلك فاننا لن نسمح بعد الآن لأمريكا أو لروسيا أو لأوروبا، ولا لأي بلد أجنبي مهما كانت قوته ونفوذه بأن يعبث بأمن هذا الشعب وحريته وكرامته، لأن هذا من اختصاصنا.

..... يتبع