عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2012, 03:51 PM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لقد بدأت اليوم قراءة رواية رامة والتنين موضوع البحث هنا وقد وجدت الجزء الاول منها " ميخائيل والبجعة " والمكون من 28 صحفة مدهشا، صحيح انه يتسم بالصعوبة، فهو نص فوق عادي، وقد يتحاج المتلقي ان يكرر القراءة لنفس الفقرة اكثر من مرة ليعرف ما المقصود، لكن النص مدهش بحق.

واهم ما يمكن قوله عن النص حتى الان هو: وضوح اثر تجربة اليتم في النص، وبروز وغزارة هذا الاثر المتمثل في تجربة الفقد، وصدمة الموت، اضافة الى ما يرتبط بذلك الفقد من مشاعر واحاسيس.

فلننظر مثلا الى هذه الفقرة في صحفة 12:
" قال لنفسه: أنت عندما تفقد شيئا تعرف أنه لن يعوض، لا يعوض، وترفض مع ذلك. ترفض هذا الحس بالفقدان، تتمرد عليه كل جوارحك كما يتمرد شيء متوفز بالحياة ضد ما يحمل أليه الموت، ترفض كأنك تحطم السماء بيديك العاريتين، كأنك سقطت على تراب القبر، تدق أرضه بقبضتك المضمومة وتقول لا، لا، ومع ذلك تظل حفرة القبر مفتوحة، في داخلك. الفقدان هناك، قائم، شيء ما قد نهش مكانه، وانتزع من فلذة النسيج الذي يغلف حياتك نفسها، لا أمل ابدا في استرداده، عليك أن تطيقه، أن تحتمل فجوة الضياع الذي لا يحتمل، وان تعيش معه. لماذا تعيش وتصبر عليه. وتعانيه. أنت تحمل ميتا في داخلك. والميت هو انت ايضا. قبر متحرك يواري هذا المدفون من غير غطاء ولا كفن".
==
- هنا نجد الكاتب يتحدث بشكل واعي ومباشر عن تجربة الفقد الذي لا يعوض. ونجده يخبرنا كيف تعامل معه ، فهو من ناحية يرفض الحس بالفقدان، وهو يتمرد عليه بكل جوارحه.
-ويخبرنا الكاتب بأن رفضه جاء لانه مفعم بالحياة والحياة دائما في صراع مع الموت وتحاول هزيمة الموت.
- ويصور لنا رفضه هذا للموت على انه " كأنك سقطت على تراب القبر، تدق أرضه بقبضتك المضمومة وتقول لا، لا، ومع ذلك تظل حفرة القبر مفتوحة، في داخلك". صحيح ان والد ادوار مات وهو في سن السابعة عشرة لكن ذلك الموت ظل قائما وكأن حفرة القبر ما تزال مفتوحة لكن في داخل من اصابته صدمة الموت تلك. وهو يؤكد بشكل واعي ايضا ان الفقدان " قائم" ، ولا امل ابدا في استرداد ما انتزع " الفقدان هناك، قائم، شيء ما قد نهش مكانه، وانتزع من فلذة النسيج الذي يغلف حياتك نفسها، لا أمل ابدا في استرداده، ".
- ثم نجد الكاتب يحاول وضع حل لما يعانيه من الم ، والحل يأتي بضرورة " عليك أن تطيقه، أن تحتمل فجوة الضياع الذي لا يحتمل، وان تعيش معه"
- لكنه الالم يظل قائما الى حد يدفع صاحبه ربما للتخلص من الحياة كحل للخلاص من ذلك الالم "لماذا تعيش وتصبر عليه. "
- وهو يقولها بوضوح اثر الفقد معاناة والم وكأن الفاقد يحمل ميتا في داخله".وتعانيه. أنت تحمل ميتا في داخلك".
- ولكنه لا يتوقف عند ذلك الحد بل يقول بصريحة العبارة ان الموت يخلف ميتا في الحياة" والميت هو انت ايضا. قبر متحرك يواري هذا المدفون من غير غطاء ولا كفن".

لا شك ان هذه الفقرة تشير بوضوح الى اثر موت والد الروائي الخراط عليه، صحيح ان الفقرة قد تكون تعبير واعي عن تجربة الموت وقد تكون تعبير غير واعي. لكنها حتما تصف تجربة الفقد واثرها المزلزل.
==
هذه دعوة متجددة لقراءة الرواية ومشاركتي محاولة تحليلها وذلك بهدف:
- هل يترك اليتم اثر في الكاتب ينعكس على كتاباته؟
- هل الروعة في النصوص لها علاقة في الموت وحجم الالم؟
- هل الادهاش عبارة عن مخرجات عقلية لشخص اصيب بصدمة الموت؟