عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2014, 01:19 PM
المشاركة 89
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صالح السويسي القيرواني *
هو صالح بن عمر سويسي. وقد عاش في الفترة ما بين ( 1291 - 1360 هـ) الموافقة لـ ( 1874 - 1941 م) ، و هو مولد في مدينة القيروان (وسط تونس)، وتلقى علومه، كما مارس تجارته في تونس (العاصمة)، وفي مدينة توزر (الجنوب الغربي من تونس)، لتكون نهايته حيث كانت بدايته.
ختم القرآن الكريم بتونس العاصمة، وكان يحضر حلقات الدروس التي كان ينظمها الشيخ المصلح محمد النخلي، كما تأثر بأفكار الشيخ محمد عبده.
تكوينه الثقافي - في جملته - ذاتي اعتمد فيه على رغبته في العلم، أما التجارة فظلت عمله ومصدر رزقه.
كان يجمع أدباء القيروان حوله، فكوّن نادياً أدبياً أسماه «الخورنق».
الإنتاج الشعري:
- صدر له: ديوان «منجم التبر في النثر والشعر» - مطبعة السعادة بمصر 1906 ، وديوان «زفرات الضمير» (شعر ونثر) طبع بالمطبعة التونسية 1911 ، وكتاب «فجائع اليتامى والبائسين» - به شذرات من شعره ونثره - المطبعة التونسية 1917 - أعادت الدار التونسية للنشر طبعه، و«الأناشيد المكتبية للشبيبة التونسية» - مطبعة النهضة، تونس 1926 ، و«ديوان صالح سويسي القيرواني» - الدار التونسية للنشر (ط1) تونس 1977 ، وله ديوان مفقود أسماه: «سلامة الانسجام وتكوين الوجد والغرام»، وله تشطير رباعيات الخيام.
الأعمال الأخرى:
- له رواية «الهيفاء وسراج الليل» نشرت في مجلة خير الدين (1903) ونشرتها مجلة «قصص» التونسية (1968) وأعادت طبعها الدار العربية للكتاب - تونس، ليبيا (1978)، وله: دليل القيروان، والنثر البديع في الصلاة على الشفيع: مطبوعان، ورسائل نثرية أسماها رسائل الحياة: مخطوطان، وله تقييدات أعدها في شكل دفاتر أسماها «سفينة نوح».
مارس التشطير والتخميس والمعارضة، وأكثر شعره ينبعث عن مناسبة سانحة، زيارة أو مثول بين يدي عالم أو وفاة، ثم تأتي القصائد التي تشيد بالوطن وتدعو إلى النهضة، ولكن ضعفًا في اللغة وركاكة في الأسلوب تطرقا إلى بعض قصائده.
من أعماله الشعرية:
حيي ربوع الهُدى وَالعلم والدينِ



حيي ربوع الهُدى وَالعلم والدينِ
وَاِذكُر مَحاسِنُها فَالذكرُ يحييني
وَاُنشُق عَبيراً مَنَ الأَرض الَّتي شرَّفت
في سالف الدَهرِ بالغرِّ الميَامينِ
وَانظر إِلى أَثر الأَسلافِ مِن رَفعوا
صَرح الكَمال بِحُكمِ العَدل وَاللينِ
فَنفحةٌ مِن ربوعِ القَيروان لَها
في النَفسِ طيبِ سَما عَن طيب دارينِ
مَقرُ صَحبٍ لَقد خاضوا الفَدافدَ للـ
فتح المُبين لِتهذيب وَتمدينِ
قَبرُ الرَسولِ يَشعُّ النُورُ مِنهُ إِلى
هَذا الضَريحِ فَاِنعم بِالضريحينِ
أَرضٌ بجامِعِها أَنفاسُ عقبةِ مَن
قَد أَحرزَ النَصرَ في كُلِّ المَيادينِ
كَأَنَّني أَنظرُ الأَصحابَ قَد وَضَعوا
سِلاحَهُم لِأَداءِ الفَرضِ في الحينِ
قَد جاهَدوا في سَبيلِ اللَهِ فَانتَصَروا
وَجاهَدوا النَفسَ فَاِنعم بِالجهادينِ
قَف بَالضَريح الَّذي قَد مَد صاحبهُ
كَفّا لِكَفِّ خِتام الرُسلِ في الكَونِ
زر الجَناحَ فَفيهِ نُورُ أَضرحةٍ
ضَمّت رِجالَ الهُدى وَالعلم والدينِ
فيهِ الحَفيدةُ لِلفاروقِ قَد دَفَنَت
في عَصر فَتحٍ بَدا مِن بَعدِ عشرين
نَعم البِلادُ وَلَو ضاقَ ذَرعي بِها
وَحادثُ الدَهرِ كادَ اليَوم يَرديني
إِذا جَلَستَ لتفكيرٍ ببركتها
وَالبَدرُ في الأُفُقِ العالي يَزهّيني
ذَكَرتُ مِن فتحوا الدُنيا وَمَن بَلَغوا
بِقَوة العَزمِ ملكَ الهندِ وَالصينِ
زالَ الجَميعُ وَأَيام الوَرى دولٌ
وَعبرةُ الدَهر في الذكرى تَسلّيني
يا جَنّةَ الخُلدِ بَل يا قَيروان وَمَن
حُبي لَها فاقَ عَن وَصف وَتَبيينِ
قَد كُنتِ قاعدةً لِلملكِ مِن زَمَنٍ
وَالعلمُ عَمَّ الوَرى مِن بَحرِ سَحنونِ
لا تَلهِني بَهجة الدُنيا وَزُخرُفها
عَنها وَلا بِسواها قَط تَدنيني
ذَكرى بِلاد جَميلٍ وَهُوَ أَبدَع مِن
شِعر الَّذي قالَ مِن شَوقٍ لِدارين
يا نَسمةٍ باكرت مِن نَحو دارينِ
وافت إِليَّ عَلى بَعدٍ تَحيّيني

هَوى كَوكَبُ الشَرقِ المُنيرِ عَلى الوَرى
قال في رثاء حافظ إبراهيم:

هَوى كَوكَبُ الشَرقِ المُنيرِ عَلى الوَرى
فَفاضَت دُموعُ الخَلقِ كَالنيل إِذا جَرى
واظلم هَذا الكَونُ مِن فَقَد شاعرٍ
بِآدابِهِ رَوضُ القَريضِ تَعَطَّرا
فَفي الشَرقِ لَوعاتٌ وَفي الغَرب حَسرةٌ
وَكُلُ فُؤادٍ بِالأَسى قَد تَفَطّرا
وَفاضَت دُموعُ الحُزن مِن كُلِّ مُقلةٍ
عَلى فَقَد مَن أَحيى الشُعورَ وَفَكَّرا
سَرى نَبأٌ ما كانَ أَعظَمَ وَقعَهُ
فَيا لَيتَهُ بَينَ الخَلائقِ ما سَرى
وَلَكِنَّ سَهمُ المَوتِ لا بُدَّ نافذٌ
فَسُبحانَ مَن أَحيى وَأَفنى وَقَدَّرا
فَيا شُعراءَ العَصرِ قَد ماتَ حافظٌ
بَل انهدَّ طودٌ في العُلا شامخُ الذُرى
فَقَدناهُ وَالآمالُ فيهِ كبَيرةٌ
إِذا الخَطبُ في يَومِ الشَدائدِ قَد عَرى
فَقَدناهُ فُقدانَ الكَواكبِ في الدُّجى
إِذا ما دَليل الرَكبِ قَد جَدَّ في السُرى
صَدَعَت بِقَول الحَقِّ في وَجه دَولةٍ
لَها قُوةٌ مِنها الرُومانُ تَحَيَّرا
وَنَبَّهت شَعباً لِلَّذي هُوَ واجبٌ
وَلَو كانَ فيهِ صارمُ المَوتِ أَحمَرا
فَلا اللوردُ في أَيامِ صَولةِ حُكمِهِ
عَلى فِكرِكُم يَومَ النِضال تَسَيطَرا
وَكُنتُ لِأَهل البُؤسِ أَعظَم ناصرٍ
فَجادَ غِنيُّ القَومِ لَمّا تَأَثَّرا
عَطَفتُ عَلى الأَيتامِ عَطفةَ راحمٍ
وَلَينت قَلباً نَحوَهُم قَد تَحَجَرا
تَقَدَمتُ مِثلَ اللَيثِ في كُلِّ حادثٍ
عَظيمٍ إِذا ما الغَيرُ عَنهُ تَأَخَّرا
فَما ضَعُفت مِنكَ العَزيمةُ وَاِنثَنَت
وَلا خِفتَ ذا بَطشٍ طَغى وَتَحَيَّرا
وَلَم تَكُ هجّاءً إِلى الشَر داعِياً
وَلَكِن زلال الخَير مِنكَ تَفَجَّرا
فَيا قَبرُ هَذا كَنزُنا فيكَ مُودَعٌ
بِهِ دُررٌ فاقَت جَواهرَ قَيصَرا
فَكُن رَوضةً تَزهو بِمَقدَمِ شاعرٍ
وَضَعناهُ مثلَ التَبرِ في باطنِ الثَرى
أَحافظُ إِنّي عَن رِثائِكَ عاجزٌ
وَلَو صُغتُ مِن أَسنى الكَواكبِ أَبحُرا
فَنَم هانِئاً وَالذكرُ بَعدَكَ خالدٌ
وَشِعرُكَ مَحفوظٌ وَغَرسُكَ أَثمَرا
وَجاوِر عَظيمَ الشانِ حسان مَن لَهُ
فَضائلُ مِن مَدح الَّذي أَسَعَدَ الوَرى
فَيا مِصرُ إِن كانَ المُصابُ مُجسّماً
فَفي العالم الإِسلامي أَضعاف ما جرى
وَفي القَيرَوانَ الحُزنُ أَضحى مُخَيِّماً
وَأَصبَحَ جَوُّ الشِعرِ أَربدَ أَغبَرا
وَتُونس في ثَوبِ الحِدادِ أَسيفَةٌ
عَلى فَقدِ مَن أَحيى الشُعورَ وَفكَّرا



قالوا ذُنوبكَ في الحَياةِ كَثيرةٌ
قالوا ذُنوبكَ في الحَياةِ كَثيرةٌ
وَجَهَنَّمٌ بِالذَنب قَد تُذكيها
ماذا اِفتِعالُكِ وَالجَحيمُ تَأَجَجَت
وَجَميعُ أَنواعِ العُقوبةِ فيها
فَنَظَرتُ في حُسنِ الرَجا ،أَجِبَتُهُم **
أَمطارُ عَفوِ اللَهِ قَد تُطفيها

بَينَما الإِنسانُ حيٌّ سالمٌ
بَينَما الإِنسانُ حيٌّ سالمٌ
وَإِذا بِالحَيِّ قالَ الناسُ ماتْ
كُلُّ شَيءٍ سَوفَ يَفنى عاجِلاً
وَجَميلُ الذِكرِ مَعنى لِلحَياةْ



قُلوب المُسلِمينَ لَها لَهيبٌ
قلتُ: كأنّ الشاعر السويسي يعيش عصرنا الراهن و ثورة الشعوب العربية على حكامها حين قال بأكثر من أربعة و سبعين عاما و من المصادفة أن أول من فجر ثورات الربيع العربي هو شاب تونسي يدعى البوعزيزي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس:
قُلوب المُسلِمينَ لَها لَهيبٌ
مِن الضَغط الَّذي خَرَبَ الدِيارا

وَفي سُنَنِ الطَبيعةِ كُلُّ نَفسٍ
بُعَيدَ الضَغط تَنفَجرُ اِنفِجارا

يَجورُ الظالِمونَ وَبَعدَ حينٍ
فَيا وَيل الَّذي في الكَونِ جارا

و أختم كلامي عنه بقولي: رحم الله السويسي الشاعر الفحل فقد كان ذ ا موهبة شعرية أصيلة يقل لها نظير في عصورنا المتأخرة ، وله حس ديني شامل ، و استشراف للمستقبل.

___________________________
* بوابة الشعراء ، اللهم ما عدا تقدمتي لقصيدة (قلوب المسلمين لها لهيب) و ختام السيرة.
** جاء الشطر في بوابة الشعراء هكذا: (فَنَظَرتُ في حُسنِ الرَجا وأَجِبَتُهُم) و لا يستقيم البيت إلا بحذف الواو و لعله خطأ من البوابة و هذا يحصل .

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا