عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2016, 02:46 AM
المشاركة 10
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قال الشاب : كيف ذلك ؟!
قال الكاتب :
سأعطيك مثالا صارخا واضحا يثبت لك ذلك بوضوح تام ,
مثلا إبراهيم عيسي .. سيد الطاعنين هذه الأيام فى الشريعة والسنة وأهل الحديث , والذى لا يعجبه طريقة حكم عمر بن الخطاب نفسه ! , هل تصدق أنه عندما سُئل عن السفاح الروسي ( ستالين ) الذى حكم الاتحاد السوفياتى بالحديد والنار , هل تعلم ماذا قال عنه ؟!
قال إنه حاكم عظيم !! ,
فلما سأله المُحاور فى دهشة : ولكنه قتل عشرين مليون مواطن فى فترة حكمه ؟!
أجابه إبراهيم عيسي : لكنه جعل من الاتحاد السوفياتى دولة عظمى !
والمصيبة الكبري أن محاوره لم يعلم بالعدد الحقيقي لضحايا ستالين فقد تسبب بوفاة أكثر من 50 مليون إنسان بين عامي 1927 و1953 فيما يزيد بخمس عشرة مرة على ضحايا هتلر في أوروبا و4 مرات على خسائر روسيا في الحرب العالمية الثانية و40 مرة على خسائرها في الحرب العالمية الأولى وهى مجازر ارتكبها ستالين بعد الحرب العالمية الثانية لفترة طويلة وبقيت سرية حتى فضحها خلفه نيكيتا خروتوشوف عام 1956 م , فى الجلسة الشهيرة لمؤتمر الحزب الشيوعى الحاكم آنذاك
قهقه الشاب ضاحكا فى دهشة : ما هذا ؟! ستالين السفاح عظيم لأنه أسس دولة عظمى وخلفاء المسلمين ليسوا كذلك وهم من حكموا العالم شرقا وغربا ؟!
قال الكاتب :
هل رأيت ؟!
المشكلة ليست مع هؤلاء فى الحكم والسياسة بل مشكلتهم فى نسبة أى شيئ عظيم للإسلام والمسلمين , وهذا الرجل المادح لستالين لكونه جعل دولته إحدى دولتين عظميين فى العالم لمدة ستين سنة فقط , وقتل فى مقابل ذلك 50 مليون آدمى , يذم الخلافة الإسلامية من عهد الراشدين وحتى عهد العثمانيين , بينما عدد المواطنين فى عهد أى خلافة لا أعتقد أنه سيتجاوز عدد ضحايا ستالين وحده ! ,
بالإضافة إلى أن إبراهيم عيسي يتجاهل تماما التاريخ الوحشي لدول وحكومات الرافضة التى حكمت بعض الأقطار الإسلامية فى فترات التمزق , رغم أنها حفلت بتاريخ دوى وإبادة عرقية للمخالفين , فلم نره مرة يذكر بالذم دولة العبيديين فى مصر , ولا دولة الصفويين فى إيران والتى أجبرت شعبا كاملا على التشيع بالقتل والقهر والتعذيب الممنهج ونراه فقط يركز على دول أهل السنة
وفى مقابل هذا التاريخ الدموى حكم المسلمون السنة العالم كله قرابة ثمانية قرون كقوة عظمى وحيدة ومنفردة أيضا ثم كقوة عظمى هى الأكبر بين قوى العالم حتى انهيار الخلافة
قال الشاب : قوة وحيدة !
أجاب الكاتب :
هل نسيت أن الخلافة الراشدة أسقطت القوتين الأعظم فى ذلك الوقت معا الرومان والفرس , وحاربتهما معا , وهزمتهما هزيمة ساحقة فى آسيا وأوربا وإفريقيا , وهو ما لم يحدث مع أى دولة فى التاريخ المكتوب كله , وجاءت الخلافة الأموية , فحكم سليمان ابن عبد الملك أكبر إمبراطورية فى التاريخ , فدولته كانت حدودها من الصين شرقا حتى الأندلس غربا وهى أكبر رقعة من الأرض استطاع حاكم بشري أن يسيطر عليها فى وقت واحد !
وجاء العباسيون فحكموا نفس الرقعة وخرجت الأندلس فقط لتظل تحت حكم الأمويين وهى خلافة إسلامية عظيمة أيضا , ووقف المسلمون عند حدود بلاد الغال ( فرنسا الحالية ) ,
بل كاد الأندلسيون أن يجتاحوا سائر أوربا ويحتلوا الجزر البريطانية لأول مرة فى التاريخ فى عهد القائد الأندلسي العتيد الحاجب المنصور
ثم جاءت الدول الإسلامية التى حكمت نفس الرقعة من الشرق الأوسط ولكن على إمارات منفصلة , ثم جاء العثمانيون وأسسوا خلافتهم التى اكتسحت أوربا وإفريقيا لمدة ستة قرون , حتى سقطت فى بداية القرن العشرين ! ,
أى أن تاريخ الخلافة الإسلامية بين قوى العالم دار بين ثمانية قرون حكموا فيها العالم منفردين وبين أربعة قرون حكموا العالم فيها كقوة عظمى متقدمة على غيرها فى دول أوربا
فهل تعلم كيف سقطت الخلافة العثمانية ومتى بدأ الانهيار ؟!
قال الشاب : متى وكيف ؟!
قال الكاتب :
كان العثمانيون يشعرون بالعزة الشديدة بالإسلام , خاصة عندما تحققت فيهم بشارة النبي عليه السلام , وفتحوا عاصمة الروم ( القسطنطينية ) وغيروا اسمها إلى ( إسلام بول ) وهى اسطنبول الحالية , ولهذا , ورغم أنهم من جنس الترك إلا أن انتماؤهم الإسلامى دمجهم حتى مع العرب , وكانوا يعاملون ملوك أوربا معاملة الخاضعين لهم , وقد دخلت الجيوش العثمانية فاكتسحت جيوش بلجيكا لأن ملك بلجيكا قتل رسول الملك سليمان القانونى !
وظلت الخلافة عصية على الغرب حتى مرت أربعمائة عام , وبدأت المظاهر الأوربية تغزو حياة العثمانيين , وبعد مائة عام فقط , تركوا نظام الحكم الإسلامى جزئيا وأخذوا ببعض القوانين من النظام القانونى الفرنسي والانجليزي وبعدها صارت دولة العثمانيين مرتعا للغربيين وانهارت قيمتها حتى تم تدميرها فى الحرب العالمية الأولى
فانطبقت عليها مقولة عمر ابن الخطاب ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام , وبه ننتصر على أعدائنا وليس بقوة السلاح , فإن تركنا الإسلام , تساوينا بهم فانتصروا بقوة السلاح علينا )
بل إن كثيرا من المؤرخين الآن يغفل عن أن انهيار الخلافة كان السبب الرئيسي فى نشأة التنظيمات الإرهابية بصورتها المعاصرة , لأن المسلمين تجاوبوا مع حركة الإخوان وأمثالها لأنهم رفعوا شعار الخلافة وتاجروا به , وفى نفس الوقت كان العلمانيون والليبراليون قد ظهروا فى السيطرة على الواقع المصري وتراجع دور علماء الأزهر , ولم يكن الناس قابلين لهذا التحول الغربي وثقافتهم ترفضه ,
قال الشاب : تريد أن تقول أن انتشار العلمانية كان سببا رئيسيا فى تحقيق التيارات الإسلامية لشعبية بين الناس
قال الكاتب :
احكم أنت بنفسك وأخبرنى ..
ماذا كانت ردة فعل الشعب أيام حكم المجلس العسكري بعد ثورة يناير عندما وقف العلمانيون بقوة فى الإعلام لصالح رفض التعديل الدستورى ,
استغل الإخوان والسلفيين اجتماع العلمانيين على القول برفض التعديلات , ليروجوا بأن كل من يرفض التعديلات هو من أتباع العلمانيين الذين يريدون إلغاء المادة الثانية !
ورغم أن هذا لم يكن مطروحا أصلا فى الاستفتاء , إلا أن الناس صوتوا بنعم عنادا فى أبواق العلمانية التى دأبت على الطعن فى الثوابت لمجرد أنهم قالوا بلا , رغم أنها الخيار السياسي الصحيح ! , وهذا يدل بوضوح على مقت الشعب لاختيارات العلمانيين حتى لو كانت صوابا
وعندما انكشف أمر بيع الإخوان للثورة بعد أن أوصلهم الشعب لمجلس الشعب وشاهد أداءهم المزرى ,
انقسم الشعب بين التيار الإسلامى وبين فلول الوطنى لشعورهم بتفاهة الجبهة المدنية ولم يضعوها كخيار ثالث أصلا
ولهذا قال العقلاء مرارا وتكرارا , بأن إخراج العلمانيين من دائرة الحرب الفكرية على الإرهاب يوفر ثلاثة أرباع الجهد فى هذه المعركة , فالذين ينضمون أو حتى يتعاطفون مع التيارات الإرهابية لا يفعلون ذلك اقتناعا بفكرهم بل لمجرد النكاية فى العلمانيين وأضرابهم لوقاحتهم البالغة ضد القرآن والسنة ,
والإخوان تستغل ذلك فتردد فى كل مناسبة أن إسقاطهم كان إسقاطا للإسلام فى مصر , وكنا ــ ولا زلنا ــ نسخر من وقاحتهم تلك لأننا لم نر منهم إسلاما ولا حتى ليبرالية , ولكن بعض الناس صدقت ذلك , كيف لا , وهم يسمعون فى كل يوم من يقول بأن كتب التراث الإسلامى قذارة وانحطاط ووحشية , وأن الصحابة والتابعين جاهدوا لبناء إمبراطورية ولم يجاهدوا لنشر الإسلام , وأن الشريعة الإسلامية مصطلح لا وجود له فى القرآن والسنة , وأن الإرهاب ليس صناعة أمريكا بل هو من صناعة الأزهر وأن القرآن هو نص تاريخى وبعض نصوصه كانت ملزمة لزمن النبي عليه السلام وحده !!

قال الشاب
: قالوا ذلك بالفعل , والمفاجأة أننى عرفت هذه الأقوال من مواقع الإخوان وصفحاتهم , ولكن ما هو دور الفرق الأخرى غير العلمانيين ؟!
قال الكاتب :
ربما تأخذك المفاجأة بشدة إذا علمت أن المصدر الرئيسي للهجمة المنظمة الآن على التاريخ الإسلامى وتراثه , ليسوا هم العلمانيين أو دعاة الغريب ,
فهؤلاء فقط يمثلون أدوارا فرعية إلى جوار اللاعب الرئيسي الذى نزل للملعب العربي بقوة وعنف عقب أحداث الثورات , وأعنى بهم النظام الإيرانى والذى يعتبر نظاما كهنوتيا بامتياز حيث يتم تسخير موارد الدولة على كافة المستويات لخدمة المد الشيعى فى المنطقة ..
تساءل الشاب : هذا قول غريب إذا سمحت لى ! , فالمفترض أن العلمانيين هم أصحاب الإتجاه الرئيسي لتنحية الحضارة الإسلامية ..
أجاب الكاتب :
العلمانيون فى بلادنا يا صديقي قوم مهيضو الجناح جدا , وإمكانياتهم ورسالتهم فى الحياة لا تتعدى إلى شيئ إلا تنحية الدين عن واقعنا المعاصر , لكنهم لا يهتمون كثيرا بالتاريخ الإسلامى , ولا يعنيهم أن يهاجموه إلا عندما تتعارض وقائع التاريخ مع طموحاتهم , بل إن بعضهم قد يمتدح التاريخ الإسلامى ولكنه يقول بأن العصر الحالى لا يناسب فكر الماضي ,
باختصار ,
هدف العلمانيين ومن سايرهم كاليساريين ودعاة التغريب هو تقليد المنهج الأوربي فى كل شيئ , وهؤلاء ليست عندهم مشكلة حتى فى التدين الشخصي للأفراد , طالما أن هؤلاء الأفراد لن يعترضوا على علمنة المجتمع , ولا يعنيهم إطلاقا أن نظل معتزين وفخورين ومتمسكين بتاريخنا وتراثنا طالما أنه لن يتعارض مع ما يخططون له
لكن الهجمة المنظمة الحالية على التراث الإسلامى تفوح برائحة مختلفة تماما عن الرائحة المعتادة من النشاط العلمانى ,
ولا يدرك الفارق الدقيق بين الحالتين إلا من له خبرة التعرض لأنواع العداوات التاريخية لأهل السنة , فإذا تأملت الهجمة الحادثة منذ إسقاط الإخوان ستجد عدة ملحوظات تلفت النظر بالفعل ..
أولها : الهجمة هذه المرة مكثفة وشديدة التنظيم وتفجرت فجأة فى عشرات الصحف والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت , على نحو يشي بالتدبير وبأن مصدرها واحد ومن المستحيل أن تكون من قبيل الصدفة ,
ثانيها : الفارق الدقيق الذى لفت نظر المتخصصين فى العقيدة أن الهجمات التى تبدو علمانية الهوى تميزت هذه المرة بهجوم كاسح على أفراد بعينهم فى التاريخ الإسلامى , مثل أبي بكر وعمر من الصحابة ومن أمهات المؤمنين عائشة وحفصة , ومن العلماء البخارى وابن تيمية , ومن الحكام صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنهم جميعا , ولو راجعت الهجمات عبر الشهور الماضية ستجد أنها حملة منظمة بالفعل على هؤلاء الأفراد بالذات فهناك عشرات المقالات والمعالجات الإعلامية التى تطعن فى هذه الشخصيات بتكرار يثير الريبة ! , أما الذى يكشف الأمر فعلا أن هذه الهجمات على هذه الشخصيات منقولة بالنص من كتب الشيعة سواء القدامى أو المعاصرين
وهذا غريب للغاية ,
فالعلمانيون لم يركزوا هجماتهم من قبل أبدا على شخصيات بعينها فى التاريخ والتراث ولم يجرؤ واحد منهم على ذكر أى شخصية من سيدات بيت النبوة ,
فضلا على هذا أن معظمهم لم يجرؤ على مهاجمة عمر بن الخطاب وصلاح الدين بالذات , نظرا لأن الفاروق عمر لا زال الغرب نفسه يعترف بعدالة حكمه النموذجى , وصلاح الدين يُمثل بطلا قوميا للإسلام وقضية القدس ولهذا يحتفي به حتى العلمانيون أنفسهم فضلا على أن الهجوم على عمر وصلاح الدين لا يخدم القضية العلمانية فى قريب أو بعيد .. هذا بالإضافة إلى أن العلمانيين وحتى دعاة التغريب تتخذ من عمر وصلاح الدين نموذجا غير قابل للتكرار ويعلمون تماما حجم شعبيتهم الكاسحة ولهذا لا يقتربون منهما
أما بالنسبة لابن تيمية والبخارى فالعلمانيون لم يخصصوا هجومهم من قبل على علماء محددين , بل من عادتهم إنتقاد نصوص القرآن والسنة نفسها , ولو تحدثوا عن العلماء فلا يخصصون أحدا بعينه , بل يتحدثون عن عموم العلماء السُــنة , ولو خصصوا الهجوم على عالم بعينه فهم يهتمون دائما بنقد الإمام الشافعى بالذات وهذا لأن الشافعى هو الشوكة فى حلق العلمانية باعتباره الذى ابتكر وأسس أصول الفقه وأصول الحديث أيضا , مما جعل من علوم الفقه وعلوم الحديث علوما محددة القواعد كاملة البناء نجح العلماء بعد ذلك فى ترتيبها وتبويبها وتفريعها لفروع أصغر فأصغر حتى تكاملت علوم الشريعة بملايين الكتب والمصادر فصعب اختراقها بالشبهات
نخلص من هذا إلى أن الهجمة الحالية لا يمكن أن يكون السبق فيها للعلمانية وحدها ,
فمن الذى يقف خلف هذا الهجوم يا ترى ؟!
ومن الذى يمتلك الأدوات المادية التى تمكنه من اختراق وتجنيد الإعلام لهذه الهجمات ؟! ومن الذى لا يشغله شيئ فى الدنيا إلا الطعن فى الشخصيات سالفة الذكر
؟!
والجواب واضح وضوح الشمس لكل من يمتلك أدنى خبرة بالشيعة الإثناعشرية والنظام الإيرانى ,
فالشيعة الإثناعشرية تحديدا لا تعادى أحدا أو تمقت شخصا قدر مقتها لعمر بن الخطاب رضي الله عنه , وبعده أبو بكر وعائشة وحفصة حتى أن دعاتهم يلعنون هؤلاء بالذات وبالإسم واحدا واحدا قبل أن يتمموا اللعن على سائر الصحابة وسائر أهل السنة , فضلا على أن الشيعة تعتبر صلاح الدين بالنسبة لها أعدى لهم من إبليس , لأن صلاح الدين هو الذى قضي على حكم العبيديين الشيعة فى مصر وهى الدولة المعروفة خطأ باسم الدولة الفاطمية "[1]" ولم يكتف صلاح الدين بهذا بل قام بغلق كافة المعاهد الشيعية مثل الأزهر والأقمر والأنور , وأعيد فتح الأزهر بعد ذلك ليصبح أكبر معهد لعلوم السنة بعد أن كان المرجعية الكبري للشيعة , وبالتالى فصلاح الدين مزق أحلامهم بعد أن نجحوا فى تحقيق أكبرها على الإطلاق وهو حكم مصر , ومن المستحيل أن ينسوا له صنيعه هذا
أما البخارى وابن تيمية ,
فالأول هو أمير المؤمنين فى الحديث وكتابه الصحيح شوكة فى حلق الشيعة ليوم الدين , والسبب فى ذلك أن الشيعة عاجزون عن اتباع المنهج السنى فى علوم الحديث والإسناد وكتبهم كلها طافحة بالروايات الموضوعة زورا على آل البيت ,
أما ابن تيمية فلا عجب ولا غرابة فى عداوة الشيعة له , فقد كان رحمه الله حائط صد رهيب ضد الشيعة والصوفية والجهمية فى زمانه , ومؤلفاته فى هذا الباب نجحت فى دحر أهل البدع جميعا فى عصره , بالإضافة إلى أن هذه المؤلفات مثل كتاب ( منهاج السنة النبوية ) لا زال إلى اليوم يعتبر المرجع الرئيسي لكل مهتم بفنون الرد على شبهات الشيعة "[2]"
أضف إلى هذا أن نشاط التمدد الإيرانى فى العالم السنى تضاعف منذ بداية الثورات العربية , والشيعة فى مصر بالذات لهم محاولات مريرة منذ بداية القرن الماضي لاختراق الأزهر ومصر بشتى السبل , وفى كل مرة يعجزون عن ذلك بسبب توفيق الله للعلماء والباحثين فى كشف نواياهم , لكنهم يستعينون بالدعم المادى الهائل فى اختراق ضعاف النفوس سواء فى الأزهر أو الأحزاب السياسية أو الإعلام
قال الشاب : إذا هذا هو ما يفسر تخصيص الهجوم على خلافة الراشدين والبخارى والمقالات المتعددة التى تطعن فى سيرة صلاح الدين بلا أى مناسبة ؟!
قال الكاتب :
هو بالضبط كما تقول , ولاحظ أنك قلت فى عبارتك ( هجوم على صلاح الدين بلا مناسبة ) , فدهشتك تلك هى مربط الفرس فى كشف مصدر الهجوم , لأنه بالفعل لا يوجد أى مبرر عند أى مسلم ــ عدا الشيعة ــ للهجوم على صلاح الدين بالذات , فهو بخلاف إنجازه التاريخى فى تحرير القدس ودحر الصليبيين , لا يمتاز عن غيره من حكام عصره بشيئ يبرر كراهيته , فلماذا خصص الإعلام اليوم مقالات متعددة للهجوم عليه ولماذا لم يهاجموا قطز مثلا أو بيبرس أو حتى حكام المماليك فى فترة ضعفهم , ولماذا لم يهاجموا الحكام السفاحين من دولة العبيديين كالحاكم بأمر الله رغم تاريخهم الوحشي ؟!
هذا مع الوضع فى الاعتبار أن الهجوم على صلاح الدين بالذات يعتبر خيانة فى عرف كل عربي ومسلم لأن الرجل مرتبط فى أذهان الناس بتحرير القدس كما أن الغرب يـُـكن له عداوة شديدة بلغت من الوقاحة أنه عندما تمكن الغرب من إعادة احتلال القدس جاء قائد الاحتلال إلى قبر صلاح قائلا : ها قد عدنا يا صلاح الدين ,
فالرجل صار رمزا لقضية القدس اليوم منذ احتلالها , والأطفال تتغنى بسيف صلاح الدين الأيوبي بالذات طمعا فى مجيئ قائد آخر مثله يحقق حلم المسلمين فى استعادة أقصاهم الشريف
لكن مع الشيعة .. الأمر مختلف ,
لأن عقيدتهم قائمة على كراهية هذا الرجل الذى أحبط مخططاتهم التاريخية ,
تساءل الشاب : ولكن المهاجمين اليوم لا يعلنون أنهم شيعة ؟!
قال الكاتب :
بالطبع , لأنهم بالفعل ليسوا من الشيعة , فالشيعة المصريون الذين أعلنوا تشيعهم معروفون , وهؤلاء لن يقبل الناس منهم صرفا ولا عدلا وقد فقدوا فاعليتهم تماما بعد هزيمتهم عدة مرات فى المناظرات العلنية على مدار الأعوام السابقة , أما حصان طروادة الجديد للشيعة فهم هؤلاء المأجورون من المحسوبين على أهل السنة وتنحصر مهمتهم فى تحطيم هيبة تاريخ أهل السنة دون الإفصاح عن تأييدهم أو حتى تعاطفهم مع الشيعة وإلا فسدت مهمتهم
وعندك فى مصر والعالم العربي ثلاثة أو أربعة من أشهر المروجين لهذه الهجمات بهذا الأسلوب , وهؤلاء يهمهم فقط هدم تراث السنة حتى لو لم تروج لمعتقدات الشيعة ,
فبعد يأس الشيعة فى إيران من فاعلية المناظرات مع علماء السنة , لجئوا لطريقة مبتكرة فعلا تحقق هدفهم دون أن يضطروا للدفاع عن أنفسهم فى مواجهة انتقاد علماء السنة العـنيف , خاصة وأن كتبهم ليست فقط تحتوى الطعن فى القرآن وتكفر الصحابة وأمهات المؤمنين , بل أيضا لأن كتبهم مثل كتب الصوفية فيها خرافات وروايات لا يمكن أن تكون من نتاج البحث العلمى بل هى أقرب للبحث الجنائي ومباحث المخدرات !
لذلك كانوا يحتاجون لوسيلة تجعلهم يهاجمون كتب السنة دون أن يبادلهم أهل السنة الهجوم على كتبهم , أو على الأقل ينشغل أهل السنة بالدفاع عن أنفسهم ويتركوا كتب المنهج الرافضي فتخلو لهم الساحة للاختراق
فاستغلوا بعض المنسوبين للسنة ودعموهم , فخرج هؤلاء يقولون بأنهم من أهل السنة ويريدون التجديد ــ نفس النغمة العلمانية ــ, وأشهر هؤلاء الدعاة حسن فرحان المالكى فى السعودية , وعدنان إبراهيم الفلسطينى المغترب فى النمسا , وبعض أضرابهم على المنتديات وشبكات التواصل الإجتماعى , ولكنهم وقعوا فى حماقات أظهرت نواياهم سريعا

الهوامش :

[1]ــ أطلق الإمام السيوطى على العبيديين اسم الدولة العبيدية الخبيثة فى كتابه تاريخ الخلفاء
[2]ــ بلغ حقد الشيعة على هذا الكتاب أن علماءهم يحضون أتباعهم على حرق نسخ هذا الكتاب إذا أرادوا أن يستجيب الله لدعائهم !!