عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2010, 04:08 PM
المشاركة 112
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (17)



صرخةُ الصمت




أين اخضراري ربيعُ العمر جافاني
وجفَّ من نبضاتِ القلبِ تَحناني


ما عدتُ أُورِقُ أغصانُ المنى يبستْ
مرَّ الخريفُ على روضي فعرَّاني


وأجفلَ الطيرُ فالأعشاشُ خاويةٌ
إلا من البومِ في الأسحارِ يَنعاني


تكسَّرتْ كلُّ أغصانِ الهوى وهوتْ
وبتُّ أغرقُ في يأسي وحرماني


تغتالني أغنياتُ الدوحِ تملؤني
رعباً وعهدي بها تستافُ ألحاني


عهدي بناعورةِ العاصي تبادلني
أنخابَ شوقٍ وأرعاها وترعاني


عهدي بها تُغدقُ الأمواه دائرةً
وقلبُها العاشقُ الولهانُ يهواني


ما بالها أصبحتْ تجري مدامعُها ؟
على الضفافِ بإعوالٍ وإرنانِ


كانت تغنِّي على أنغامِ قافيتي
واليوم تُحرقُ أعصابي وتنساني


كأنَّني لم أكنْ بالأمس أُنشدُها
شعري وأُرهفُ للترجيعِ آذاني


* * *

قلبي الذي سَلسلتْ دقاتُه ولهي
ضنَّتْ شرايينُه الملأى فأضناني


تهمُّ كلُّ غريراتِ الهوى بدمي
تهفو فتوقفُها في الصدرِ أشجاني


أُغازلُ الزهرَ أُغريه بمُرقصةٍ
فينفثُ العطرَ محموماً بوجداني


كأنَّني والأسى وقفٌ على كبدي
طيرٌ وسهمٌ طريُّ القوسِ أرداني


تضرَّجتْ بدمي أزهارُ قافيتي
فكلُّ بيتٍ زها من نَزْفِ شرياني


* * *

هذا جحيمُ حياتي إنَّه قَدَري
مازلتُ أضحكُ منه منذُ أبكاني


فكم أطلَّتْ من الآلامِ بارقةٌ
حرصاً على ومضِها أطبقتُ أجفاني


ورحتُ أحلمُ أعواماً غدتْ مِزَقاً
من دفترِ العمر تدعوني وتَنهاني


تنمُّ عن ذكرياتٍ كم شقيتُ بها
تخيطُ أشباحُها في الليلِ أكفاني


وقد نعمتُ بها حيناً فمزَّقني
من كنتُ أرجوهُ يمحو سِفْرَ أحزاني


أهمُّ أوقظُها بالحبِّ أسفحُه
كيما تجذَّرَ في أعماقِ بستاني


أيامَ كنتُ شباباً زاخراً عَرِماً
واليومَ يربو على الستين ميزاني


تمضي بيَ الراعفاتُ الحمرُ يدفعُها
موجٌ يلاطمُ صخراً عند شطآني


يرتدُّ للبحرِ مدحوراً تعاتبُه
نوارسٌ في دمي تسعى لرُضواني


لكنها أرسلتْ أغصانها نَزَقاً
من الجحيمِ تُغذِّي نارَ بركاني


أَغلي وتعصفُ بي ريحُ السنين فهل
تَقَوى على دحرِ عصفِ الريحِ جُدراني


* * *

كم من ربيعٍ أذابَ اليأسُ بهجتَه
حتى استحالَ هشيماً بين أحضاني


تذروهُ ريحُ الثواني الجارياتِ على
أنقاضِ عمري فيَهوي صرحُ بُنياني


وكم تجرَّعتُ ماءَ الصبرِ من أَنَفٍ
حتى إذا غاضَ صارَ الهمُّ سُلواني


فما كسرتُ يراعاً في مُنازلةٍ
ولا خفضتُ جناحاً عند سلطانِ


لهفيْ عليَّ إذا لملمتُ أمتعتي
ورحتُ أُوغلُ في أعماقِ نسيانِ


أمشي إلى مأتمي مشيَ الغريبِ إلى
حفلٍ تزنِّرُه أحقادُ غيلانِ


* * *

يا صرخةَ الصَّمتِ كم أطلقتُ راعدةً
وقد تساوى بها سِرِّي وإعلاني


كم من غريبٍ بكفِّ الحبِّ صافحَني
ومن قريبٍ بكفِّ الغدرِ حيَّاني


نقشتُ عنوانَ أحبابي على كَبِدي
لكنَّهم ضيَّعوا يا قلبُ عنواني


لو أنَّهم أرهفوا سمعاً لما صدحتْ
به المنابرُ في أعيادِ أوطاني


لتوَّجوا هامتي بالغارِ أو رفعوا
باسمي مناراً و أعلوا في الحمى شاني





20-4-1998