عرض مشاركة واحدة
قديم 07-25-2011, 03:27 PM
المشاركة 9
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ترتيلة محُمد




انظروا إلى نبع الصخور


لمّاعاً من الإبتهاج


كَوَمضاتِ النجوم


ومن فوق الغيوم


ملائكة أخيار


تغذي عنفوانه


بين الصّخور في الأدغال


بحيويّة فتى يافع


يَثِبُ بخِفّةٍ خارجَ الغيمة


وعلى الصّخور المرمر في الأسفل


يبتهل كَرّةً أخرى


إلى السّماء


عَبرَ الممرّات على القِمم


يلاحق الصَّوانَ الملوّنَ بسرعة


وبخطوة قائد سابقٍ لأوانهِ


يكتسح اخوتَه الجداولَ


ويجرفها قُدُماً معه


ومن تحتُ، في الوادي


تنبت الأزهارُ تحت قدمه


وتدبّ ُ في المَرج الحياةُ من نَفَسه


ولكنْ لا يوقفه وادٍ ظليل


ولا أزهارٌ


تلك التي تُطَوِّق رُكبتَه


مُبتَسِمةً بأعينٍ ملؤها الحبّ:


ينطلق انسيابُه نحو السّهل


مُتَعرِّجاً كأفعوان


ترتبط الجداول به


مرافقة.. والآنَ ينبعث


في السّهل كالفضَّة لمعاناً


ويلمع السَّهلُ معه


والأنهارُ من السّهل


والجداولُ من الجِّبال


تهلِّلُ وتصيح: يا أخانا!


يا أخانا، خذ اخوتَك معك


معك إلى أبيك الأزلي


إلى المحيط الأبدي


الذي ينتظرنا بأذرع ممدودة


التي، آه، تمتد دون جدوى


لتحتضنَ المتشوِّقين إليه


لأنَّ الرملَ الجَّشِعَ في الصَّحراء المقفرة


يفترسُنا، والشّمسَ في الأعالي


تمتصّ ُدماءنا؛ وتلاً يطوَّقنا


ويحوَّلنا إلى مُستنقَع! يا أخانا


خُذِ الأخوةَ من السَّهل


خُذِ الأخوةَ من الجبال


معك، إلى أبيك معك!


تعالوا كلّكمْ!-


ويمتلئ الآن


جلالاً أكثرَ؛ عشيرةٌ بأكملها


تحمل الأميرَ عَليّا


وفي تدفّقِ مسيرته الظافرة


يُعطي البلدانَ أسماءَها، والمدن ُ


تُصبِحُ تحت موطئ قدمه


ومن دون توقّفٍ يزأر مندفعاً


تاركاً قِممَ الأبراج المتوهِّجة


البيوتَ المَرمريّةَ، وإنتاجَه


الوَفْرَ، وراءه بعيداً


يحمل الأطلسُ بيوتَ خشبِ الأرز


على أكتافه الضّخمة


وآلافُ البيارق الخفّاقة المُرَفرفة


عَبْرَ النّسائم فوقَ رأسِه


إشاراتُ عَظَمَتِه


وكذا يحمل اخوتَه


كنوزَه، أطفالَه


هاتفاً بابتهاج، إلى قلب


خالقه الذي ينتظره!





ترجمة : د. بهجت عباس




من (ستون قصيدة ألمانية بلغة مزدوجة) – المؤسسة العامة للدراسات والنشر
تحيّاتي
هذه القصيدة لجوتيه الألماني تعبير عن تأثره بالنبي محمد وإعجابه به وبالدين الإسلامي ،إن من المستشرقين الألمان نفر ممن أثْرَتْ كتاباتهم، عن أدبنا وحضارتنا الإسلامية، المكتبات في كل بقاع أوروبا تاركة بصماتها إلى الآن. قلت له لقد تصدى لهذا الموضوع كثير من الأساتيذ المستشرقين. منهم على سبيل المثال العالمة والفيلسوفة “أنا ماري شمل”، المفكرة الألمانية الفذة، والتي يُعرف أنها تنتمي، عن علم ودراية، لديننا الحنيف (ويخشى الله من عباده العلماء)؛ ترى هذه الأخيرة أن المتنبئ قد حظي باهتمام خاص عند “جوته” وكان له وقع فريد في دواخله. لم تكن أوروبا تعرف قبل 200 سنة شيئا عن المتنبئ وعن أشعاره الغنية عن التعريف. لكن جوته درس الحضارة الإسلامية وعاش في الشرق؛ وعرف ما كان الناس يجهلونه في أوروبا في تلك الحقبة من الزمن. كتب جوته في ديوانه الغربي-الشرقي أنه يدين بالشكر الجزيل للشعراء العرب ومنهم أحمد بن عرب شاه (1389-1450) وقيس الشهير بمجنون ليلى وجرير والفرزدق وحاتم الطائي وأبي نواس وتأبط شرّا ، الخ. کاد أن يكون المتنبئ نكرة بالنسبة للقارئ الأوروبي في عصر جوته ولكن الكل أشار إلى عمله الثري بالبنان عندما تطرّق إليه جوته بإعجاب وإكبار في ديوانه الغربي- الشرقي. بعد حقبة من الزمن قامت كبار دور النشر الألمانية بنشر ترجمة كاملة لديوان المتنبئ فَوُصِفَ من قبل النقاد آنذاك بأنه “أعظم شاعر عربي على الإطلاق”. نجد أشعار المتنبئ قد تركت بصمات قوية في أعمال جوته. منها مشهد فكاهي في مسرحية “مأساة فاوست” كما استوحى جوته روح أبي الطيب المتنبئ الغزلية في قصيدته “السماح بالدخول” التي كتبها في عام 1820 واستشفها من غزلياته