عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2016, 12:19 PM
المشاركة 22
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ذكريات سنوات الطفولة المبكرة...سنوات من الميلاد الي ما قبل المدرسة:

تبدو صفحات الذاكرة الأولى عندي، والتي تغطي السنوات القليلة الأولى من حياتي، أي سنوات ما بعد الولادة مباشرة، تبدو بيضاء ناصعة البياض، خاوية، وخالية، من أي حرف خط او كتب او رسم عليها...ولكنني الان اعلم وبعد ان تعمقت في دراسة اسرار الشخصية الإنسانية، وأثر احداث الطفولة المأساوية في الشخصية، بأن تلك الصفحات لا بد انها كانت قد دونت بحبر سري، مداده الألم، والحسرة، والوجع، والحزن، وفقدان الاتصال مع الام الوالدة... ذلك كله وأكثر ...الذي ترافق مع موت الام المبكر حتما...نعم تلك هي صدمة اليتم المبكر التي لا بد انها كانت الزلزال الأول الذي الم بي وزادت قوته عن عشر درجات على مقياس رختر، وكان حتما المصيبة الأعظم، واهم حدث على الاطلاق في صندوقي الأسود...

ولا بد ان هذا الزلزال كان عظيم الأثر على نفسي وقلبي وعقلي لأنه حدث في وقت مبكر، وتحديدا في السنة الثانية بعد الولادة ...والدلائل تشير انه وقع في اعماق الذاكرة وترك هناك أثرا مهولا وفجر طاقات صنعت ما انا عليه اليوم وبعد ستون عاما من الضياع والاحساس بالفقد والبحث عن اجابات....

اما إذا ما قلبنا تلك الصفحات الأولى من الذاكرة، والتي تبدو بيضاء ناصعة كبياض الثلج، وهي في الواقع سوداء كالحة كسواد ساعات ما قبل الفجر، من هول وشدة ما أصابني من صدمة الفقد تلك، والتي تركت اثارها في الأعماق السحيقة من اللاوعي كما يقول علم النفس وتؤشر له مجموعة من العلامات والسمات التي ينطبع فيها الانسان...اذا ما قلبنا تلك الصفحات نصتدم بصفحة واحدة كتبت بالدم، وسجلت تلك الصفحة حدثا مروعا، مؤلما، مرعبا، ما ازال اذكر تفاصيله على الرغم انه وقع في وقت مبكر جدا، ولو انه كان حدثا عاديا عابرا لزالت اثاره مع الايام...ليكون ذلك اول حدث يدون على صفحات ذاكرتي الواعية، ولا اكاد اذكر غيره من تلك المرحلة المبكرة في حياتي، وذلك لشدة ما تسبب لي ذلك الحدث من الم وخوف وترويع...

ولا ازال اذكر تماماً ذلك الشخص الضخم، بسحنته المخيفة، وكرشه الكبير، وحقيبته السوداء، وكان اسمه ابو طه، والذي قص بمقصه او ربما هو موس حلاقة حاد من الطراز القديم، جزء غاليا من جسدي، فتدفق الدم الأحمر القاني من اكثر المناطق حساسية في جسدي...يومها البسوني ثوبا فضفاضا، ولفوا مكان الجرح بشاش ابيض، لكنه ظل يكتسي باللون الأحمر لأيام وليالي لاحقة .. رغم انهم كرروا رش الجرح ببودرة بلون ابيض لوقف النزيف...لكنهم لم يتمكنوا من فعل اي شيء بخصوص الالم الذي اجتاحني ، سحقني ، وزلزل كياني ....الم ساحقا، ماحقا، بدأ كطوفان واستمر لأيام، ثم تلاشى تدريجيا تاركا خلفه جرحا غائرا في جسدي، وندوبا وجراحا اكثر عمقا في نفسي وعقلي وذاكرتي ...

تالمت اثناء تلك الحادثة الجريمة وبكيت بشدة ورقصت كدجاجاة مذبوحة... بينما كانت النسوة تطلق العنان لزغاريتها احتفاء بالمناسبة... تلك الجريمة التي ارتكبها ذلك الشخص الضخم المرعب بحقي، واظنه كان يمتهن الحلاقة فمثل تلك المهنة كان يمارسها الحلاقيين في تلك الايام، تلك هي حادثة الختان وتسمى محليا ( الطهور)، وهي الحادثة التي يرقص لها الناس فرحا، بينما تتلوى الضحية الما وخوفا وحسرة على ما فقد...واظن ان اثر ذلك الفقد المحدث يظل عالقا في الذاكرة الي الابد ...فلا احد يعرف تماما اذا كان ذلك الحلاق عرف حدوده ام انه عمق القص قليلا...فزاد من حجم القطعة التي اقتطعها بحجة توفير مزيد من النظافة، فاثر ذلك على الاطوال الطبيعية للاشياء...
ولا شك ان تلك كانت اول حادثه يسجلها عقلي الواعي... وهي حتما اول حدث واعي في سجل ذاكرتي، واكثرها ترويعا ودموية وأشدها الما...كان ذلك حدث من الوزن الثقيل، مؤلم، ومخضب بدم احمر قاني...فكان فاتحة ذاكرة مملؤة بالاحداث القاسية، والمؤلمة، التي سجلتها ذاكرتي على مر الايام...بعضها تسبب في زلزلتي بقوة تزيد على عشر درجات على مقايس رختر...فكان اثرها جليا في صفحات ذاكرتي...

ولو اننا تابعنا تقليب مزيد من الصفحات المبكرة لنقرأ ما دون فيما يلي من صفحات سنجد بأن سنوات حياتي الأولى لا بد انها كانت مرعبة، ومروعة، ومخيفة في مجملها، وهي كذلك بحق من عدة نواحي...

أولا كان بيتنا مكون من غرفتين متواضعتين، صغيرتي الحجم ومبنية من الطين طبعا، بالإضافة الي بناء أثرى قديم لتخزين الحبوب ويخدم مأوى للحيوانات أيضا، خاصة في أيام الشتاء...وكانت الساحة المفتوحة امام الغرفتين، والتي كانت تغطيها في معظم أيام السنة، ما عدا اشهر الخريف... أوراق شجرة توت ضخمة كانت مزروعة في قلب الساحة، كان ذلك الجزء ربما هو اهم جزء من البيت، حيث كانت تلك الساحة متعددة الاستخدامات بالمعني الحديث...صالة، وصالون، ومكان للطبخ ومكان للطعام، ومكان استقبال الضيوف..الخ...

وكانت واحدة من تلك الغرف لابي وزوجته الثانية، خالتي، وغرفة أخرى نصفها مطبخ على الطريقة القديمة أي مكان لبابور الكاز ومكان لزير الماء وامكنه لتخزين ما تيسر من المواد المخصصة للطبخ والطعام...والنصف الأخر مكان كنا ننام فيها نحن الأولاد السبعة...وكنا ننام الي جانب بعضنا البعض كأسماك السردين المحشوة في علبة صغيرة...وكان جزء من سقف تلك الغرفة مكون من القش والحطب، ولطالما كنا نسمع أصوات أشياء تتحرك في ذلك السقف المخيف خاصة في ساعات الليل...وكنا ننام على امل ان تكون تلك الأشياء صراصير او فئران وليست افاعي وعقارب...

واذكر اننا في أحد الأيام استيقظنا من النوم صباحا كالعادة وخرجنا الي الساحة...بينما قامت اختي الكبيرة، عائشة، بطي الحصيرة التي كنا نفترشها تحت الفرشات الاسفنجية، او تلك المصنوعة يدويا من القماش...وما لبثت ان صرخت، وخرجت مسرعة، هاربة الى خارج الغرفة، وهي تشير الى وجود افعى في المكان...وكانت ترتجف والرعب باديا علي وجهها...فسمع الهرج والمرج جار لنا اسمه أبو يوسف، حسين القره، وربما تم استدعاؤه، فاحضر عصاه وقتل الحية، وإذا بها تزيد عن المتر في طولها...وقد فوجئت انها كانت قد خرجت من فتحة في الأرض، في المكان الذي كنت انام فيه انا تحديدا، وكان ذلك في اخر الصف والي جوار اختي الكبيرة التي لعبت دورا مهما في الاعتناء بي بعد موت امي فكانت الام البديلة رغم صغر سنها في ذلك الوقت...

كان الليل في تلك السنين مخيف لطفل مثلي، وكان شديد العتمة والوحشة، فلم تعرف قريتنا الكهرباء الا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وكان وسيلة الإضاءة القنديل، او السراج، ولوكس الكهرباء اليدوي...وأحيانا ضوء أبو شنبر(اللوكس أبو شنبر) والذي كانت اضاءته تعتبر ترف ويضاء غالبا في أوقات الاحتفال والمناسبات...

وكان ما يزيد الليل وحشة ويزيدنا رعبا حكايات اختي الكبيرة، عائشة، والتي كانت تروي لنا، في كثير من الليالي، كنوع من التسلية او لمساعدتنا على النوم...وكانت في معظمها قصص مرعبة...منها قصة "الغول وصاحبة الحب" الذي يتوعدها الغول بأكلها عندما تنتهي من طحن الحب، بينما وحسب القصة كانت هي تغني وتسري عن نفسها فتقول " اطحن معي يا أبو علي يا جارنا...فيرد عليها الغول ...البطل في القصة المرعبة قائلا ..."الليل طويل والحب قليل كل ما خلصتي بوكلك"...يا لها من قصة مرعبة!! ويا له من اثر تركته في اعماق ذاكرتي ولو انها قصة اسطورية...حكاية ربما اخذوها من الف ليلة وليلة فالغول من المستحيلات الثلاثة على رأي الشاعر... وليتنا كنا نعرف ذلك ونحن اطفال...

ولا تقل القصص الأخرى مثل "الشاطر حسن"، و"بير خنيفسه" تشويقا و رعبا...ولا بد ان مثل تلك القصص، والأجواء الموحشة، والمعتمة، والمرعبة...وظروف البيئة القاسية... كان لها وقع مخيف على نفسي، فكنت أحيانا ابلل فراشي، وكانت هذه مشكلة أخرى...تتسبب لي بمزيد من الرعب...حيث كانت خالتي وزودة ابي تهددني بأشياء كثيرة منها دق يدي بالإبرة إذا فعلتها مرة أخرى...واظنها كانت شديدة القسوة في اسلوبها التربوي رغم انني الان أتصور بان غايتها كانت حتما حسنة، وربما كانت تظن بأنها تفعل الصواب بعينه...فهي امرأة امية لا تقرأ ولا تكتب...ولم تقدر أثر مثل تلك الأساليب الترهيبية على نفسي حتما ولا يمكن لي ان الومها...

ولطالما سمعتها وفي أكثر من مناسبة تردد بأن القسوة هي التي تصنع الرجال...وكان اشد ما يهمها ان نكون انا واخوتي شجعان، لا نهاب من شيء، وكان أكثر ما يزعجها ان يتغلب أحد أبناء الحارة على أحدنا باي شكل من الاشكال...وكانت هي تحب ان تكون دائما في الطليعة، وتحب ان يكون كل من يخصها في الطليعة ايضا...

والصحيح انها ورغم قسوتها تلك كانت حسنة المعاملة...شديدة الحنان على الاقل تجاهي...حتى انني لم اعرف او اشعر انها ليست امي الا في وقت لاحق...لا اعرف تحديدا متى؟!... ولكني اعتقد انه كان في سن الرابعة، حيث كانت ابنتها، أي اختي غير الشقيقة، عزيزة، والتي تصغرني بعامين قادرة على اللعب والجري...وقد مثل ذلك الحدث صاعقة رهيبة بالنسبة لي...ولا بد انه زلزل كياني واشعل النار فيه... وذلك حين عرفت بصورة درامية مفاجئة ان امي الحقيقية ميته...وهذه ليست امي التي انجبتني...

وحدث ذلك في ذات يوم جميل كنا نلعب فيه في فناء الدار...وكانت خالتي واختي الكبرى، عائشة، عائدتين من الحقل تحملان على رؤوسهما حزم من الحطب الزيتون... فركضت اختي الصغيرة عزيزة، نحوهما فرحة وهي تنادي امي ..امي...فلحقت بها، وانا اشد منها فرحا، وصرت انادي مثلها امي... امي...

فما كان من اخي الذي يكبرني بعامين، وكان هذا الأخ عصبي المزاج، حاد الطباع...فما كان منه الا ان نهرني بقسوة، وحدة، وقال لي ان هذه ليست أمك...

الصحيح انني لا اعرف ان كان قد حاول هو او غيره اخباري بتلك الحقيقة من قبل، ام أني لم أكن أدرك ما كان يقال لي بخصوص تلك المصيبة والفاجعة وربما انني لم اشأ تصديق ذلك...فكيف لا تكون هذه امي؟؟!!...

ولكن تلك اللحظة في ذلك الموقف تحديدا مثلت لي لحظة وعي وادراك بحدث مزلزل جلل، وبمقياس عشر درجات على مقياس رختر ...فوقع كلامه علي وقع الصاعقة الناتجة عن سقوط كوكب على الارض...وكأن نارا اشتعلت في قلبي وعقلي...رغم انني شعرت وكأنه غمسني في بحر من الجليد...ليست أمك؟ ولا بد انني سألت نفسي عندها، وانا حزين، مكسور الخاطر، اعاني من هول المفاجئة، والدهشة، والارتباك، ولا اذكر ان كان ذلك الارتباك ظاهرا او مستترا لكنه حتما كان جارفا كبحر هائج...فمن تكون امي إذا؟؟ وأين هي؟؟

واظن انني من لحظتها سقطت في بئر عميق، لم أستطع الخروج منه ابدا... ولكنني وجدت في قعره نفقا طويلا، طويلأ...بطول السنوات والأيام التي عشتها وما ازال...سرت فيه مدفوعا بطاقة عجيبة...ابحث عن الحقيقة، وعن معاني الأشياء، وكنهها...اصبحث فضوليا ابحث عن إجابات لكل تلك الأسئلة الوجودية التي يبدو انها فقست فجأة في ذهني...سرت ابحث عن معني الحياة، والموت، واسرار هذا الكون... وكنت في كل ذلك ربما ابحث عن امي؟

ولا بد ان جسدي ظل حبيس ذلك النفق المعتم ولا يزال...اما روحي التي اشتعلت بقوة مائة بركان... فقد انطلقت من داخل النفق وطارت مع طيور الوطواط...لتبحث في فضاءات مختلفة ومتعددة عن الحقيقة وتحاول الوصول الي إجابات لكل الاسئلة...

احدى هذه الفضاءات كان حبي للمعرفة فانكببت على الكتب في وقت مبكر...وكرست لها وقتا ثمينا.... اخترت الدراسة الجامعية الموسعة وعشقت الدراسة والبحث والتحليل...وسافرت في هذا السبيل الى اخر نقطة في الأرض، او هكذا بدت لي، تلك هي الشواطئ الغربية للولايات المتحدة الامريكية، شواطئ المحيط الهادي، حيث التحقت هناك بإحدى الجامعات بنية التوسع المعرفي والي اقصى حد يمكن الانسان من الوصول الي اجابات عن كل الاسئلة...وانا مدفوع بطاقة داخلية هائلة،وفضول، وشغف هادر كموج المحيط ...وباندفاع منقطع النظير لكشف اسرار هذا الكون...وقد توصلت في رحلتي تلك الي حقيقة اذهلتني في لحظة من الزمن...كنت في بالغ السعادة لما توصلت اليه من معلومات واجابات...وكدت ان اخرج الي الشارع اصرخ بملء فمي "وجدتها.. وجدتها" كما فعل ارخميدس ذات يوم ...والصحيح انني يومها طرت انا وخيولي من الفرح...لكنني ما لبثت ان سمعت من شخص بعض كلمات جعلتني انا وخيولي نهبط الى الارض بسرعة فائقة...وعرفت عندها حتى ان اعظم انجاز يمكن ان يتوصل اليه الانسان، ما هو الا لبنة صغيرة في صرح المعرفه الشامل...وان كثير من المجانين على الاغلب هم اناس عباقرة عجزوا عن ايصال افاكارهم لمجتمعاتهم الجاهلة فظنوهم مجانين...وسأروي عليكم رحلة البحث المخيفة تلك، وقصة اللحظات الجنونية التي عشت فيها على الحافة ولكن من شدة الفرح الذي ولد خوفا وشعورا قاسيا بالوحدة والغربة فلا تستعجلوا...

اما الفضاء الاخر الذي ابحرت به فهو عيون النساء...واطنني عشقت المرأة وشغفت بها ليس فقط لكونها ذلك الكائن الملائكي الشفاف... ولكني في حبي للمرأة كنت ابحث وربما بصورة مرضية احيانا عمن تعوضني عن حنان الام، وتملا فراغا شاسعا عشعش في صدري ورأسي ...واتصور انني ما ازال حتى هذه اللحظة مبحرا في بحر الحب...وسوف تظل اشرعة سفني مشرعة ما بقيت وما دامت الرياح مؤاتية...ولا اظن الان ان كل نساء العالم لو اجتمعت تستطيع ان تعوض اليتيم عن جزء يسير من حنان امه...او تملأ فراغا خلفته مصيبة اليتم في تجاويف صدره وقلبه وعقله...

كما ان هذا الأخ الذي اسقطني في ذلك البئر العميق والمخيف والذي لا قرار له ولا مخرج منه...كان مصدر رعب إضافي بالنسبة لي في تلك السنوات المبكرة ...فقد كان كما قلت شديد العصبية، سيء المزاج، وحاد الطباع، واظن الان ان سبب ذلك كان يعود الى أثر وقع موت الام على نفسه...وحيث يبدو ان أثر مصيبة اليتم كانت أعظم عليه واشد قسوة...وربما ان سبب ذلك انه كان في الرابعة عند وفاتها، وهو ما يشير الى ان وقع اليتم يختلف من شخص الي اخر وحسب السن الذي تقع فيه مصيبة اليتم...فتلك العصبية لم تكن سوى تنفيس عن حزن لا يطاق..وغضب على ظروف ماساوية فرضت نفسها...ولم يكن بقادر على ان يستوعبها...

وقد كانت تجتاحه نوبات من الغضب ..و كثيرا ما كان يلجأ لتكسير الأشياء، ولطالما شاهدته وهو يرمي أبواب الغرف الخشبية بالحجارة، فيترك احيانا فيها ثقوبا...ولم أكن اعرف كيف اتصرف حينما كان يمارس هذه الطقوس المرعبة...الا ان أحاول حماية رأسي والاختباء بعيدا عنه قدر الإمكان لحين انتهاء نوبات الغضب، ولو انه ظل بعد ذلك مصدر رعب لي رغم حنانه المفرط وما يزال مصدر خوف ورهبة رغم تبدل الأحوال بشكل دراماتيكي في وقت مبكر حيث ما لبثت نوبات الغضب تلك ان انتهت واختفت الي غير رجعه، وتبدلت بمزاجية حادة، ومتقلبة، وذكاء خارق وشخصية، قيادية، كرزمية، عسكرية في طباعها، صارمه في اساليبها، قادرة على تحقيق نجاح منقطع النظير على المستوى الإداري، على الرغم من عدم حصوله على المؤهلات الجامعية المؤهلة لمثل ذلك النجاح...وظني انه كان قد سقط هو الاخر في بئر عميقة شديدة العتمة والوحشة...وكانت نوبات الغضب تلك انما هي تعبيرا صارخا عن شعوره بالوحدة والوحشة والم الفقد...فلا شيء يمكنه ان يملا الفراغ الذي يتركه موت الام...



يتبع ..سنوات الطفولة المبكرة:::