الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2021, 07:34 AM
المشاركة 3281
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: كشكول منابر
رفقا بصلة أرحامكم
----------------------------------------------
⁦✍️⁩طَلَبتْ منّي والدتي ايصال بعض الأغراض إلى منزل شقيقتي، و رغم أني حاولت التهرب من ذلك بحجة العمل
و مشاغل الحياة المختلفة، أصرت على طلبها، وهذا ما جعلني أستسلم لها في نهاية الأمر، فتوجهت نحو منزلها بعد أن أعلَمَتها والدتي عبر الهاتف مسبقا بقدومي، و الأمر الغريب أني لم أزر منزلها منذ زواجها، وهذا بحجة إقامتها مع أهل بيتها في منزل مشترك.
و بسبب ثقل الأغراض التي نقلتها اضطررت إلى دخول منزلها بنفسي لأول مرة حتى أضع ما جلبته في غرفتها.
فكان أول ما شدّ انتباهي هو السعادة الرهيبة التي لمحتها في عيون شقيقتي، حتى أنها ظلت تحدث أهل بيتها عني بسعادة غامرة " اخي ، إنه أخي ، نعم أخي هو من جلبها "
فتقول الأخرى " هذا اخوك؟ لم نره من قبل؟ "
فردّت " مشغول في عمله، المسكين لا يرتاح ابدا".

كم شعرت بالسوء حين سمعت محاولاتها في تبرئتي من تهمة الإهمال الذي أقدمه لها كل يوم في عدم زيارتها
و الإطمئنان عليها، بينما ظلت هي تحاول الدفاع عني بأعذار واهية لا أساس لها ..!
و أكثر من ذلك، حين حاولت المغادرة أوقفتني قائلة" توقف، لن تغادر قبل أن تشرب القهوة، لقد أعددت لك فطورا لكنك تأخرت، لهذا سأقدم لك القهوة، وأعدَدْت لك بعض الحلويات التي تحبها "
حاولت الرفض فلمحتُ دموعا تجمعت في عينها، تيقّنتُ أني لو ذهبت لانفجرت بعد مغادرتي بالبكاء، فكأنما حالها كانت تقول" انت لا تأتي مطلقا وعندما أتيت هل ستذهب بهذه السرعة؟
هل أتيت من أجل الأغراض فقط؟ و أنا؟ ألا يهمك أمري مطلقا ؟!! "
تنهدتُ موافقا على دعوتها، حينها اتصلت بزوجها مدعية سؤالها عن تأخره وهي فعلت ذلك فقط لتخبره عن زيارتي، كانت تخبره بلهفة ولو استطاعت لأخبرت كل الجيران و الأهل بذلك من فرط سعادتها.
لم احظ باستقبال كهذا في حياتي، هل هي مكانتي الكبيرة عندها؟ أم هي محاولة منها لتعويض أيام غبتها عنها
و حرمتُها من زيارتي لها؟ كانت فرحتها كطفلة تحتضن عودة أبيها بعد طول انتظار، و اهتمامها، كأم تحاول تعويض ابنها بحنانها وسرد تفاصيل حياتها دفعة واحدة.
غادرتُ بيتها بعدها و أنا أشعر بأني كنتُ صغيرا جدا، صغيرا كطفل وُلِد للتوّ، فأنا لا أستحق كل ذلك الكرم والسعادة. كيف تمَكَّنَتْ من تقديم كل ذلك لي وأنا الذي دفنتُها منذ سنوات في مقبرة الإهمال والنسيان،
غادرتُ ورغم ذلك ظلّت تُطلّ من شقّ نافذة غرفتها حتى ابتعدت وتواريت عن أنظارها، ودّعتني و كلها خوف أن تكون آخر زيارة مني لها، فظلت تقول" عُد لزيارتي مرة أخرى، عُد لزيارتي رجاء، عُد يا أخي فأنا أنتظرك".