عرض مشاركة واحدة
قديم 09-17-2020, 08:47 AM
المشاركة 1551
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ ....

هذا مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء ، فقال بعضهم :
الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العَجَمَ أهلُ مَكْرٍ
وخَديعة ، وكان العجم يخالطونهم ، وكانوا يَتَّجِرُون في
الدُّرِّ ، ولا يحسنون العربية ، فإذا أرادوا أن يُعَبّروا
عن العشرة قالوا : ده ، وعن الاثنين قالوا : دو ،
فوقع إليهم رجل معه خَرَزَاتٌ سود وبيض ، فَلَبَّسَ
عليهم وقال : دُو دُرَّيْن ، أي نوعان من الدر ، أو
دُه درين ، أي قال عشرة منه بكذا ، ففتشوا عنه
فوجدوه كاذباً فيما زعم ، فقالوا : دُهْ درين ، ثم ضموا
إلى هذا اللفظ " سعد القين " لأنهم عَرَفوه بالكذب
حين قالوا : إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْنِ فإنه مُصْبح،فجمعوا
بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب ، وثنوا
قولهم : "درين" لمزاوجة القين ، فإذا أرادوا أن يعبروا
عن الباطل تكلموا بهذا ، ثم تصرفوا في الكلمة فقالوا :
دهدرّ ، ودهدنّ ، ودهدار ، وجعلوا كلها أسماء
للباطل والكذب .
وقال بعضهم : أصله " ده در " فَثَنَّوه عبارة عن
تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه ، كما جمعوا أسماء
الدواهي فقالوا : الأقْوَرِين ، والفتكرين ، والبرحين ،
إشارة إلى اجتماع الشرِّ فيه ، ثم غيروا أوله عن دَهْ
بالفتح إلى دُهْ بالضم ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما .
قالوا : وموضع المثل نصب بإضمار أعني أو أبصر ،
ويجوز أن يكون رفعاً على الابتداء ، أي أنت صاحب
هذه اللفظة ، أو مثلُ مَنْ عُرِف بهذا ، وسعد : رفع
أيضاً على هذا التقدير ، أي أنت سعد القين ، وحذف
التنوين لالتقاء الساكنين .
قال أبو زيد في نوادره : يقال للرجل يُهْزَأُ منه : ده
درين ، وطرطبين .
قال أبو الفضل المنذري : وجدت عن أبي الهيثم دُهْ
مضمومةً وسعد منصوباً ، كأنه يريد يا سَعْد مضافاً
إلى القين غير معرب ، كأنه موقوف ، قال : تقال
هذه الكلمة عند تكذيب الرجل صاحِبَه .
قال أبو الفضل : وقال أبو عبيدة ده درين ، قال :
وإنما تركوا منها نون القين موقوفة ، ولم ينونوا سعداً
في هذا الموضع ، ونصبوا ده درين على إضمار فعل
ينصبه ، وهو أعني ، قال : وبعضهم يقولون "دُهْدُرَّىْ"
بغير نون الاثنين ، ومعناه عندهم الباطل ، قال
الأصمعي : ولا أدري ما أصله ، قال أبو عبيد : وأما أبو
زياد الكلابي فإنه قال : ده دريه ، بالهاء ، هذا ما قالوا
فيه ، ثم صار الدُّهْدُرُّ اسماً للباطل ، ثم أبدلوا الراء نوناً
فقالوا : دُهْدُنٌّ ، ومنه قول الراجز :

لأجعلَنْ لابنة عثم فَنَّا
حتى يكون مهرها دهدنا


أي باطلاً ، ويقال أيضاً : دهدار بدهدار ، أي باطل
بباطل ، وزعموا أن عدي بن أرْطَأة الفزاري كتب إلى
عمر بن عبد العزيز يخطب هنداً بنت أسماء بن خارجة
الفَزَاري ، فكتب إليه عمر : أما بعد فإن الفرزاري لا
ينفك والسلام ، فلما قرأ عدي الكتاب لم يدر ما أراد،
فبعث إلى أبي عُيَيْنة بن المهلب بن أي صفْرة ، وكان
عَلَّامة ، فأقرأه الكتاب ، فقال له : قد علمت ما أراد،
قال : وما هو ؟ قال : عَنَى قَولَ ابن دارة :

إن الفَزَاريَّ لا ينفكُّ مُغْتَلِماً
من النَّوَاكَة دُهْدَارَاً بدُهدار


يقول : باطلاً بباطل ، أي يأتي باطلاً بسبب باطل ،
وكانت هند هذه تحت عبيد الله بن زياد ، ثم تزوجها
بشر بن مَرْوَان حين قدم الكوفة أميراً ، ثم تزوجها
الحجاج بن يوسف .