الموضوع: ألف ليلة وليلة
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2011, 10:48 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



جمع كتاب ألف ليلة وليلة

ترى سهير القلماوي أن النسخة المصرية من الكتاب جمعها مؤلف مصري، وأدخل فيها تحويراً أو تعديلاً في الجمع وفي الأسلوب طبعها في جملتها بالطابع المصري، ثم أضيفت إليها قصص جديدة وحذفت منها قصص أخرى، ولهذا اختلفت النسخ في عدد القصص وترتيبها، وإن اتفقت كلها في جوهر الكتاب في حين يرى المستشرق وليم لين W.Lane أن هذا الكتاب قد تجمعت قصصه حتى نهاية القرن التاسع الهجري وأعاد تأليفه مؤلف شاميّ، وأن ما بين النسخ من وصف حالات اجتماعية متوافقة يدل على أن الجامع واحد، وذلك على الرغم من الفروق بين النسخ المختلفة، وأنه ليس بين قصص هزار أفسانة وبين ألف ليلة وليلة من روابط إلاّ المقدمة ولفظ «ألف».


أما الدنماركي أويسترب Oestrup فيرى أن «الليالي» مجموعة قصص يختلف عددها وترتيبها باختلاف جامعها في نسخة واحدة، في إطار واحد، ويرى أن القصص قد تحوّلت على مرّ العصور واستمرت في النمو والتغيير، وكانت دائماً ذات صبغة شعبية عند عامة المسلمين، يُضْفى عليها ما يدل على أنها من بلد عربي.


أما ماكدونالد Mecdonald فيرى أن ألف ليلة وليلة عنوان دلّ على أشياء مختلفة في عصور مختلفة، وقد مرّت مادة الليالي بأطوار ثلاثة: الأول وجودها على ألسنة العامة وفي ذاكرتهم، وهي أدب شعبي صرف، والثاني تهيئة هذه العناصر على أيدي كتّاب وأدباء لتصبح قصصاً مكتوبة ومسموعة، وآخر طور استعانة ناشري ألف ليلة وليلة بمواد جاهزة أضافوها كما هي إلى الليالي.
ويتفق الدارسون على أن ألف ليلة وليلة في كل نسخها تتفق في جوهر الكتاب الذي يبدو في الأمور التالية:

ـ إن الكتاب قصص شعبية يتوجه قاصها إلى السامعين لإمتاعهم.
ـ إن الكتاب يصور الحياة في المجتمعات على اختلافها، لذلك تتعارض مذاهبه وتتناقض مراميه وتختلف الآراء فيه، لأنه يمثل المجتمع في أزمان متباينة وأطوار مختلفة.
ـ إن الكتاب في كل نسخه ـ على ما بينها من اختلاف ـ يعتمد على قصة شهرزاد التي تكوّن الإطار العام لليالي والمقدمة في كل النسخ المخطوطة والطبعات الموجودة.
ـ إن قصص الكتاب لم تلاق تشجيعاً عند الأدباء وأصحاب الفن الراقي، لذلك عمل واضعو القصص على أن يكون فيها عبرة لتجعل للأدب المسموع قيمة.
ـ إن الكتاب اعتراه كثير من التحوير والزيادة لأن طبيعته كانت تسمح بالتصرف فيه، أما الزيادة فتبدو في إضافة الأحداث القصصية الخارقة، أو التفاصيل الخرافية المبالغ فيها، أو الأشعار الدخيلة عليها، أو وضع قصص جديدة توجد في بعض النسخ ولا توجد في سواها، كما يبدو التصرف في تقسيم الأسمار إلى ليالٍ على نحوٍ اعتباطي، يطول أو يقصر بحسب رغبة القاص، ولذلك يختلف هذا التقسيم من نسخة إلى أخرى.


ويبدو أن الأسمار التي أدخلها النسّاخ على الليالي أضيفت بعد أن وصل الكتاب إلى أيديهم، فطبقوا ما جاء في المقدمة على ما بين أيديهم من أسمار، يؤيد ذلك اختلاف النسخ في تقسيم الليالي، وما ذلك إلا ليحققوا التقسيم إلى ألف ليلة. ومما لا شك فيه أن العدد ألف يدل على التكثير وليس على عدد الأسمار تحديداً.


أسلوب الكتاب

يختلف أسلوب قصص الكتاب بحسب مجموعاته، فهو في المقدمة والمجموعة
البغدادية، غالباً، متين العبارة، حسن السبك، دقيق الوصف، كثير السجع، قليل الفضول، وإن كان يسفّ أحياناً ويتجرأ بالعبارة النابية عن الحشمة. وهو في المجموعة المصرية الأخيرة مهلهل النسج، عامي اللفظ، فيه تهويل ممجوج، وهو سيء التلفيق، شديد الوطأة على الحياء، لصدوره عن قصاصين يتملقون شهوات العامة بالإفحاش.


غير أن أسلوب الكتاب على العموم يتسم بالوضوح والصراحة والتشويق والبعد عن التعقيد والتكلف، ولغة الكتاب بسيطة صادقة، شعبية، صريحة، جريئة الإشارة، تراوح بين الفصحى والعاميّة، فتساير العامة وتلذّ لهم.

ويتخلل القصص شعر، يفتقر أحياناً إلى الوزن السليم وقد وضع القصاصون الأشعار لتطويل القصة حيناً أو للتأثير في السامعين حيناً آخر. وهذه الأشعار قد تكون أشعاراً منقولة عن شعراء مجيدين، حفظها القاص فزيّن بها موقفاً، أو أشعاراً أراد بها أن ينسج على منوال ما حفظ، فهي أبيات ركيكة غالباً من السهل تمييزها من الأصل الجيّد، ويتردد الشعر عادة على لسان بطل القصة في مواقف الوعظ، ويكثر في مواقف فراق العاشقين، وتبدو معظم الأشعار دخيلة على سياق القصة لا تتناسب وأحداثها.


مضمون الكتاب

تأتلف في كتاب ألف ليلة وليلة النزعات البشرية وأساطيرها وثقافتها القديمة، ولكن لا يمكن اعتمادها مصدراً للتاريخ، إذ يمتزج في قالبها القصصي الأسطورة مع الخيال الشعبي، والواقع مع المبالغة، وسرد الحوادث الخيالية وكأنها الحقيقة. وتستوفي بعض القصص شروط الفن القصصي ويفتقر بعضها إلى الترتيب والتناسق، ويعتمد كثير من القصص على كثرة الحوادث وتسلسلها مع عرض نماذج مختلفة من البشر.


والأقسام المهمة الأساسية في الليالي هي الخرافات ثم قصص الغرام ثم الأساطير أو القصص القديمة، ثم القصص التعليمية والفكاهية وأخيراً الأحاديث والأخبار.
وقد ملئت الليالي بذكر الجن والعفاريت، واحتلّ جنُّ سليمان مكانة ممتازة. وتقوم العفاريت غالباً بدور الحبّ والسحر واللهو بالبشر، كما في قصة قمر الزمان ابن الملك شهرمان. وتظهر الليالي قدرة الجن الخارقة، وهي القدرات التي تميّزها من الأنس، ويدخل السحر في شفاء المرضى وفي تحويل الآدميين إلى حيوانات وأحجار وفي إظهار المخبوء من الكنوز. والساحر غالباً ما يكون مجوسياً.
ويلحظ في نفوس أبطال القصص الشعور الديني الإسلامي الذي يعكس المعتقدات الدينية الشعبية كما يبدو أثر القرآن والسنة في الحياة الاجتماعية الشعبية التي تصورها الليالي، وخاصة في الجزء المصري منه، ويتجلى الروح الإسلامي في القصص في الإذعان للقضاء والقدر، وأن كل شيء مسطور في كتاب، لذلك على الإنسان أن يتوكل دائماً على الله، كما يبدو هذا الروح في إحقاق العدل في آخر تتابع الأحداث.


وتسيطر على أكثر قصص الكتاب بيئة التجار المتصلة بطبقة الحكام من جهة وبطبقة الفقراء المقتر عليهم في الرزق من جهة أخرى. ومع أن بعض القصص يرجع إلى أصل هندي أو فارسي فقد صبغها القصاصون بالروح الإسلامي، وأدمجوها في الحياة الاجتماعية عند المسلمين.

وقد صورت الليالي في القصص المصرية بيئة عجيبة هي بيئة الشطّار والعيارين، كما صورت بيئة الطبقات الفقيرة التي لا تكاد تجد قوتها، ثم تمتعها بالغنى بعد أن تفتح لها الكنوز المرصودة.

واحتلت المرأة في كتاب الليالي مكانة كبيرة وحيّزاً بارزاً متعدد الجوانب متباين الأبعاد، فتنوعت صورها واختلفت اختلافاً بيناً، وليس ذلك بغريب، إذ إن الكتاب لا تجمعه وحدة المؤلف ولا العصر، فهو لذلك يجمع أشتاتاً من صور المرأة على مرّ العصور في مختلف البيئات. ففي الليالي صور كثيرة عن ملكات وعن نساء عاديات، ميسورات وفقيرات، وقد استمدت الشخصيات من الواقع حيناً ومن خيال القاص أحياناً، وأكبر دور قامت به المرأة في الليالي هو دور العاشقة، وهي في كل صور هذا الدور، سواء أكانت ملكة أم جارية مشتراة، تخضع لحبيبها وتناديه يا سيدي، وتقوم على خدمته، وهي في سبيل حبها تبدو أحياناً خائنة لزوجها، قادرة على الكيد للوصول إلى من تحبّ والتخلص من زوجها.


والعجوز في هذه القصص شمطاء، وهي مصدر شر كبير، تفرّق المحبين وتكون وسيلة بشعة للكيد والانتقام، وكثيراً ما يستعين بها اللصوص أحياناً، ونجدها في أحيان أخرى تجمع بين المحبين بطرق مشروعة أو غير مشروعة.
والمرأة غالباً ذات دهاء ومكر، وقد يبدو ذلك في كيدها السياسي كما في «شواهي» بطلة قصة عمر النعمان وولديه.
وهناك المرأة المحاربة، والمرأة الجارية العالمة كما في شخصيتي «نزهة الزمان، وتودد».
وفي القصص نساء من الجن يعشن كالنساء العاديات في الحب والكره، وإن كانت لهن قدرات غير عادية.
ولقد أفاضت القصص في وصف النساء ومفاتنهن، وكان هذا من أسباب رواج هذه القصص شعبياً.

وأخيراً، ومع سيطرة فكرة ظلم الرجل للمرأة وحظها المنكود، فإنها تحتلّ المقام الأول فيما يحدث في القصة من أحداث وما يثار فيها من عواطف.


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)