عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2011, 03:53 PM
المشاركة 52
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
محمود المسعدي
محمود المسعدي (1911 - 16 ديسمبر 2005) كاتب ومفكر تونسي. ولد في قرية تازركة بولاية نابل بتونس. وبدأ تعليمه في كتّاب القرية حيث أتم حفظ القرآن قبل أن يبدأ مرحلة التعليم الابتدائي في قربة. ثم أتم الدراسة الثانوية في المعهد الصادقي عام 1933. وفي العام نفسه، التحق بكلية الآداب بجامعة السوربون ليدرس اللغة العربية وآدابها. وتخرج منها عام 1936، وشرع في إعداد رسالته الأولى " مدرسة أبي نواس الشعرية "، ورسالته الثانية حول " الإيقاع في السجع العربي "، إلا أن الحرب العالمية الثانية قد حالت دون إتمامهما. ونشرت الثانية، لاحقاً، بالعربية والفرنسية. وقام المسعدي بالتدريس الجامعي في كل من تونس وفرنسا.
وإلى جانب التدريس الجامعي، انخرط المسعدي في السياسة، حيث تولى مسؤولية شؤون التعليم في حركة الاستقلال الوطني التي التحق بها مناضلا ضد الاستعمار الفرنسي، كما لعب دورا قياديا في العمل النقابي للمعلمين.
بعد الاستقلال عام 1956، تولى المسعدي وزارة التربية القومية، وحيث أسس الجامعة التونسية. وقبلها، كان قد تمكن من إقرار مجانية التعليم لكل طفل تونسي. وفي 1976، تولى المسعدي وزارة الشؤون الثقافية. قبل أن ينهي حياته السياسية كرئيس مجلس النواب وبالإضافة إلى تلك المسئوليات، كان للكاتب نشاط وافر في منظمتي اليونسكووالأليكسوومجمع اللغة العربية في الأردن. وكذلك أشرف على مجلة " المباحث " عام 1944، ثم على مجلة "الحياة الثقافية" عام 1975.
كتب المسعدي أعماله الهامة بين العامين 1939و1947. وتكشف هذه الأعمال عن التأثير القرآن على تكوينه الفكري والعقائدي وعلى أسلوبه. كما تنم أعماله عن إحاطته بأعمال المفكرين المسلمين في مختلف العصور، وبالأدب العربي القديم التي بدأ اهتمامه بها منذ مرحلة دراسته الثانوية، بالإضافة إلى اطلاعه الواسع العميق على الآداب الفرنسية خاصة والغربية عامة.
مؤلفات المسعدي
==
محطات في حياة الأديب الكبير محمود المسعدي

تونس – من محمودالحرشاني


غيب الموت فجر يوم الخميس 15 ديسمبر 2004 أديب تونس الكبيرالكاتب محمود المسعدي، عن سن تناهز الثلاثة والتسعين عاما.
ولقد أثر المسعديتأثيرا كبيرا في تكوين الأجيال التونسية، حيث التقت هذه الأجيال لسنوات عديدة معأعماله، ودرسوه وتعمقوا في عوالمه وأجوائه. وترك الكاتب الكبير محمود المسعديمجموعة من الأعمال الخالدة التي ارتقت بمكانته الأدبية، وجعلته بحق أحد المفكرينالكبار في تونس والعالم العربي.
وأهم أعمال الكاتب والأديب محمود المسعدي هيكتابه الشهير " السد" وكذلك كتبه الأخرى " حدث أبو هريرة قال..." ومولد النسيان" وتأصيلا لكيان.. ثم كتابه الأخير " من أيام عمران" وبهذه الكتب، وخصوصا بكتبهالأربعة الأولى تدعمت مكانة محمود المسعدي وتوسعت شهرته الأدبية كرائد من روادالقصة والرواية في تونس والعالم العربي.


وتأسست ملامح مدرسة أدبية كاملة تستوحيعوالمها وأسسها ومرتكزاتها من عوالم محمود المسعدي الأدبية، رغم أن المسعدي بشهادةكبار النقاد والدارسين عصي عن التقليد... ومن أشهر تلاميذ هده المدرسة والذين سارواعلى نهج مؤسسها يأتي فرج الحوار وصلاح الدين بوجاه في المقدمة أما محمود طرشونةالكاتب والأستاذ الجامعي، فقد بلغ به حبه لمحمود المسعدي والتأثر به، إلى حد أنهاستغل على إخراج آخر أعماله وإعداده للنشر وهو كتابه الأخير " من أيام عمران" الذيكتبه المسعدي في جذاذات وأوراق متفرقة لسنوات الشباب.
وقضى طرشونة وقتا طويلا فيجمع هذه الأوراق وتبويب ما جاء فيها وما خطه فيها محمود المسعدي وإخراجها للناس فيكتاب ورغم أن محمود المسعدي كتب كتبه الأربعة الشهيرة في سن الشباب، ولم يكتب بعدهاأي كتاب جديد، فقد علل ذلك في عديد المناسبات أنه كتب كل ما كان يرغب في كتابته. ولكن ذلك لم يقلل من مكانة محمود المسعدي الأدبية ولم ينل من مكانته كرائد من روادالأدب التونسي المعاصر، وأحد أعلام الأدب العربي الكبار.
ولقد نهل المسعدي منمعين المدرسة الغربية وتأثر إلى حد كبير بالفلسفة الوجودية التي من أعلامها جون بولسارتر والباركامي ولكنه تشبع قبل ذلك بثقافة إسلامية عميقة، نجد ملامحها في كتابه " حدث أبو هريرة قال" الذي يعد من أشهر كتبه بعد كتابه الأشهر " السدّّ"
ولقد حملالمسعدي في فكره ووجدانه: طموح جيل كامل من المثقفين البناة الذين كانوا يناضلون منأجل بناء ثقافة تونسية أصيلة مواكبة لروح العصر ومتحررة من الجمود والتكلس.
ويعدكتاب محمود المسعدي " السد" من أشهر الكتب الروائية العربية، وحاز هذا الكتاب شهرةكبيرة في تونس والعالم العربي والتقى به عديد الدارسين الذين وقفوا على ما توفرتلهذا الكتاب من عناصر القوة في البناء والفكرة والموضوع والطرح.
وشهد بقيمتهالفنية والأدبية كبار الأدباء والكتاب العرب وفي مقدمتهم عميد الأدب العربي طه حسينوصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ وغيرها من أعلام الأدب العربي.
ومثلما ارتبط اسممحمود المسعدي بتاريخ الثقافة في تونس، باعتباره أحد روادها الكبار وأحد وزراءالثقافة السابقين، كما كان أول وزير للتربية في تونس المستقلة لمدة عشر سنوات.. فقدارتبط اسم محمود المسعدي بدوره البارز في تطوير مناهج الثقافة وفق أسس الحداثةوالتنوير.
كما ارتبط اسم محمود المسعدي بتأسيسه للعديد من المجلات الرائدة فيتونس، ومن أهمها مجلة " الحياة الثقافية " التي لا تزال تصدر إلى اليوم عن وزارةالثقافة ومجلة الحياة البرلمانية، لما انتخب رئيسا لمجلس النواب التونسي، ولا تزالهذه المجلة تصدر كذلك إلى اليوم.
كما اقترن اسم محمود المسعدي بمجلة المباحثالتي أسسها في الثلاثينات من القرن الماضي الأديب محمد البشروش صديق أبو القاسمالشابي وترأس تحريرها، كما كتب فيها العديد من الأقاصيص والفصول الأدبيةوالفلسفية.
ولقد تركت وفاة المسعدي الأديب الكبير لوعة وحسرة لدى كل المثقفينوالأدباء والكتاب في تونس والعالم العربي. ونقلت الصحف التونسية تصريحات لأدباءتونسيين وعرب عبروا فيها عن مشاعر الحسرة والأسف لغياب الأديب الكبير محمودالمسعدي.


فقد لاحظ الأديب المصري يوسف القعيد، في تصريح لجريدة الصحافة التونسيةأن الأديب محمود المسعدي يعد واحدا من أعمدة النص الروائي العربي ليس في تونس وحدهاولكن في الأدب العربي عموما، مشيرا في ذات التصريح إلى احتفاء عميد الأدب العربي طهحسين بكتابات محمود المسعدي والكتابة عنها في جريدة الجمهورية منذ سنة 1955، كماأنه أحد الروائيين العرب الكبار الذين استوحوا التراث العربي القديم في كتابةروائية حديثة متقدمة تطرح هموم الانسان.

الأديب المصري عبد التواب يوسف وصفمحمود المسعدي بكونه الكاتب الشامخ الذي استطاع من بين جيل الرواد القدامى أن يفرضنفسه على الساحة الأدبية العربية. وقالت الأديبة المصرية هدى جاد أن وفاة المسعديأمر محزن لأنه يذكر بانفراط حبات العقد الفريد.

أما الأدباء التونسيون فقد كانحزنهم كبيرا على رحيل عميد الأدب التونسي والمغاربي محمود المسعدي فقد لاحظ الروائيوالكاتب عبد القادر بلحاج نصر أن المسعدي امتاز عما سبقه وعاصره بأسلوب أدبي ارتفعحتى عائق الكمال وصفا حتى أصبح هو الجودة نفسها، نهل من جمالية القرآن وبديعالقدامى، وأخذ من هموم العصر وقضاياه ومن مشاغل المحيط ومسائله فأخرج إبداعاإنسانيا تجاوزت لشهرته الوطن ليشغل الكثير من أهل الفكر والثقافة في العالم العربي. أما الشاعر والأديب محمد الغزي فقال : أنه إذا كان الشابي يمثل حداثة النص الشعريفإن المسعدي يمثل حداثة النص السردي، ونص المسعدي ينتمي إلى جنس الكتابة، الكتابةعلى وجه الحقيقة والإطلاق حيث تتشابك كل أجناس المعرفة.
وبين الروائي ابراهيمالدرغوتي أن المسعدي يمثل الاستثناء في الأدب التونسي إذ مكن الأدب التونسي منالخروج من المحلية الضيقة إلى رحاب أوسع في بلاد العرب وعالميا أيضا.
وتقديرالمكانة المسعدي الكبيرة، باعتباره أحد رواد الثقافة والفكر وأحد القلائل الذين سماعلى أيديهم الأدب التونسي وخرج من محليته الضيقة باتجاه العالمية، حيث ترجمت أعمالهإلى عديد اللغات.
حصل المسعدي في حياته على العديد من الجوائز، وأهمها جائزةالثقافة المغاربية التي أسندها له الرئيس زين العابدين بن علي كما تولت وزارةالثقافة خلال السنة الماضية إصدار أعماله الكاملة في أربع مجلدات ضخمة بما يليقبمكانته الأدبية، ويحفظ آثاره بين الأجيال. ولقد شاء القدر أن يواري جثمان الأديبالكبير محمود المسعدي الثرى في يوم ممطر، وتولى تأبينه وزير الثقافة والمحافظة علىالتراث الأستاذ محمد العزيز بن عاشور الذي وصف المسعدي بكونه كان طوال مسيرتهالنضالية صوتا صادقا بالوطنية والتجذر والعقل ورائدا من أهم رواد الفكر المعاصر. ولقد نعت عديد التنظيمات الرسمية والشعبية في تونس الكاتب الكبير محمود المسعدي،مبرزة دوره وريادته في الفكر والحضارة ولقد كتبت عن المسعدي وأدبه آلاف الدراساتوالبحوث وعشرات الكتب.

المقال فصل من كتاب سيصدر خلال سنة 2007 للكاتب محمودالحرشاني