عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2019, 12:54 PM
المشاركة 179
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
وأما موسى ولي عهدي، فهذا أوان توجهه إلى خراسان، وحلوله بجرجان، وما قضى الله له من الشخوص إليها، والمقام فيها، خير للمسلمين مغبة، وله بإذن الله عاقبة من المقام بحيث يغمر في لجج بحورنا، ومدافع سيولنا ومجامع أمواجنا، فيتصاغر عظيم فضله، ويتذأب مشرق نوره، ويتقلل كثير ما هو كائن منه. فمن يصحبه من الوزراء، ومن يختار له من الناس؟ قال محمد بن الليث: أيها المهدي، إن ولى عهدك أصبح لأمتك وأهل ملتك علماً قد تثنت نحوه أعناقها، ومدت سمته أبصارها. وقد كان لقرب داره منك، ومحل جواره لك: عطل الحال، غفل الأمر، واسع العذر. فأما إذا انفرد بنفسه، وخلا بنظره، وصار إلى تدبيره، فإن من شأن العامة، وأمراء الأمة، أن تتفقد مخارج رأيه، وتستنصت لمواقع آثاره، وتسأل عن حوادث أحواله، في بره ومرحمته، وإقساطه ومعدلته، وتدبيره، وسياسته، ووزرائه وأصحابه، ثم يكون ما سبق إليهم، أغلب الأشياء عليهم، فلا يفتأ المهدي - وفقه الله - ناظراً له فيما يقوي عمد مملكته ويسدد أركان ولايته، ويستجمع رضا أمته، بأمر هو أزين لحاله، وأظهر لجماله، وأفضل مغبة لأمره، وأجل موقعاً في قلوب رعيته، وأحمد حالاً في نفوس أهل ملته. ولا أوقع مع ذلك باستجماع الأهواء له، وأبلغ في استعطاف القلوب عليه، من مرحمة تظهر من فعله؛ ومعدلة تنتشر من أثره، ومحبة للخير وأهله. وإن يختار المهدي - وفقه الله - من خيار أهل كل بلدة، وفقهاء أهل كل مصر، أقواماً تسكن العامة إليهم إذا ذكروا، وتأنس الرعية بهم إذا وصفوا، ثم تسهل لهم عمارة سبل الإحسان، وفتح باب المعروف، كما قد كان فتح له وسهل عليه.