عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-2010, 10:57 PM
المشاركة 145
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بيتر هاندكه

بيتر هاندكه كائن برّي، منعزل، صموت، غريب. اضطرابه وتوتّره وحيرته تكاد تكون مؤثرة. روحه تشيع مرارة طاعنة، وهو يتكلم همسا، بجمل قصيرة وذات إيقاع. "لن نتطرّق الى السياسة، أليس كذلك؟"، بادرني ونحن نأكل، فقلتُ له: "هل تحاول ان تتغداني قبل أن أتعشّاك؟"، مترجمةً مثلنا اللبناني الشهير. فهم المثل، وشرح لي ان ثمة حكمة مشابهة بعض الشيء في بلاده.
ولد هاندكه في غريفن، في كنف عائلة متواضعة من المزارعين النمساويين. أمّه سلوفانية ووالده مجهول، فربّاه زوج أمه الذي كان سكّيرا.
بدأ الكتابة في سن السادسة عشرة، وعندما وافقت دار "سوركامب" على نشر روايته الأولى عام 1965، في عنوان "الدبابير"، تخلى عن دراسته الحقوق وكرّس مذّاك كل وقته للكتابة. وقد "احترف" الكاتب المواقف المتطرفة والجدلية والصدامية، واشتهر منذ عام 1966 بسبب هجوماته على مبادئ مجموعة 47 التي كانت تضم أسماء بارزة على غرار غونتر غراس وهاينريش بول، وكانت تهيمن على البانوراما الأدبية الألمانية في تلك المرحلة.
يسجّـل بيتر هاندكه اليوم موقف قطيعة شبه نهائية مع الحياة العلـنية، ولذلك كان رقما صعبا بين الحوارات التي أتوق الى تحقيقها. وهو منعزل وممتنع عن الكلام خصوصا، رغبة منه في وضع حدّ لسيل الانتقادات التي يتعرض لها باستمرار مع كل إطلالة وحوار وتصريح، وفي قطع الطريق أمام جميع الذين يهاجمونه وليسوا قلة. وقد تكون أشرس حملة شُـنّت عليه تلك التي أثارها دعمه نظام ميلوسفيتـش، خصوصا بعدما اصدر كتابه "العدالة لصربيا". دعمٌ رسّخه هاندكه أيضا في كتابه "عالم إجرامي وقح"، حيث أغار بعنف على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والغرب برمته لمهاجمتهم صربيا واجتياحهم لها، قائلا إنهم يخترعون بذلك "أوشفيتز" جديدة. وهو أيضا دعمُ استحق عليه وساما من رتبة الفرسان الصرب أثناء زيارة قام بها الى بلغراد عام 1999. ولم يتردد يومذاك في الخروج من الكنسية الكاثوليكية بسبب موقفها من الصراع.
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article1588