الموضوع: الذئب البشري
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
1493
 
ياسر السعيد الششتاوي
من آل منابر ثقافية

ياسر السعيد الششتاوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
83

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Nov 2020

الاقامة
مصر

رقم العضوية
16316
11-27-2020, 11:24 PM
المشاركة 1
11-27-2020, 11:24 PM
المشاركة 1
افتراضي الذئب البشري
جاء الذئب مغامراً، وأراد أن يفعل ما لم يفعله غيره، وأن يفتح الطريق لباقي الذئاب في حياة أكثر رغداً، وأعظم مكانة، فلقد هجم الذئب على القرية كلها دون خوف أو تراجع، توقع أنه يمكن أن يموت في تلك المغامرة، أو يصاب بإصابات بالغة من أهل القرية، توقع الكثير من الأشياء السيئة التي يمكن أن يحدث، ولكنه لم يخبر أحداً بما ينوي أن يفعله حتى لا يثبط أحد من عزيمته!
هجم على القرية مع مطلع الضحى ، فوجد النتائج مشجعة، فقد هرب كل من جرى خلفهم من أمامه، ولم يعد أحد كي ينتقم منه، أو يردعه، الكل في القرية خائف من الذئب، من رآه، ومن لم يره، وفي ساعات معدودة أصبحت القرية التي تعج بالحركة والحياة بلا أشخاص، لقد فروا جميعاً، وأقاموا في ساحة بعيدة عن القرية، ريثما يرحل الذئب، أو حتى يدبروا ماذا سوف يفعلون.
كان هناك أب ظن أن ابنه هرب مع الهاربين، ولكن عندما تقصى أبناءه، لم يجده بينهم، هو أقرب أبنائه إلى قلبه ،وأصغرهم فهو ما زال في السادسة من عمره، كيف يتركه هكذا فريسة لهذا الذئب؟! لابد أن يذهب له ويحضره!
عندما وجد الذئب أن القرية أصبحت خالية بأقل مجهود، ذهب لباقي الذئاب، وأخبرهم بما حدث، فجاؤوا محتشدين في سعادة بالغة، وأصبحوا هم أصحاب القرية، وبينما يدورون في القرية، وجدوا طفلاً جميلاً جداً، أرادت بعض الذئاب أن تفتك به، ولكن الذئب الذي فتح القرية لهم، رفض أن يمسه أحد بسوء، ورأى أنه لابد يعاشر بعض البشر، ويفهم أخلاقهم، وهذا الطفل هو الفرصة التي تتيح له ذلك.
وعندما جاء الأب كي يأخذ ابنه، ونظر من بعيد، وجد الذئاب تهتم به، وتلعب معه، كأنه واحد منهم، أو كأنهم أصبحوا آباءه، وليس هو، فداخلته الطمأنينة ، ولم يرد أن يخسر نفسه في معركة غير متكافئة بالطبع، ولكنه أخبر أهل قريته الهاربين عندما عاد أن ابنه أكله الذئب، كي يريح من حوله من البحث عنه، ولأنه لو حكى لهم ما رأى لظنوه مجنوناً!
وبعد سنوات عاشوا وذاقوا فيه الذل، قرروا أن يهجموا على الذئاب، ويستردوا قريتهم، وكان الذئب الفاتح قد مات، وأوصى بالحكم من بعده للفتى البشري، الذي تشرب طبع الذئاب، وأصبح أكثر تذئباً من بعض الذئاب، وعاشت مملكة الذئاب في ظل حكم الذئب البشري أروع أيامها وأسعدها، ولكن بعد هجوم أهل القرية تغير الحال، لأنهم في تلك الفترة اشتروا أسلحة نارية، تعوض جبنهم في مواجهة الذئب، فقتلوا الكثير منهم، رغم هجوم الذئاب الليلي والمفاجئ عليهم، الذي كان يذهب فيه أيضاً الكثير من الضحايا، وهال أهل القرية أن الذي يقود تلك الذئاب هو ابن من أبنائهم، فقد عرفوه، ولم ينكر أبوه أنه ابنه، وطلب منهم أن يسامحوه على كذبته القديمة، ولكن في مقابل هذا السماح عليه أن يذهب إلى ابنه ويقتله، لأنه لم يعد ابنه بل ابن الذئاب، وإن لم يفعل ذلك سوف يقتل هو وباقي عائلته!
ذهب بالفعل إلى ابنه الذئب وحاول أن يثنيه عما يفعل بطريقة سلمية، وأن يرجع إلى بشريته، وأهل قريته، ولكن رفض، وأكد لأبيه أن الذئاب أصحاب فضل عليه، ولا يمكن أن يخونهم، وهنا أخرج أبوه خنجراً مسموماً ، وطعنه، وفر هارباً، فراحت الذئاب تبكي وتصرخ ، بعدما وجدته مفارقاً للحياة، وخارت عزيمتهم، وانكسرت نفسيتهم وتوالت عليهم الرصاصات كالمطر، فخرجوا من القرية هاربين مثقلين بالحزن!
دفن أهل القرية الذئب البشري وكتبوا على قبره الملعون، بينما أبوه قد جن بعدما فعل بأحب أبنائه ما فعل، ولم يكن يزور قبره سوى الذئاب عندما يحل الليل، وينامون بجوار قبره، ويحلمون أن يعود.
قصة بقلم: ياسر الششتاوي