عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
7625
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
03-17-2012, 11:24 PM
المشاركة 1
03-17-2012, 11:24 PM
المشاركة 1
افتراضي مصادر الثورة المضادة (4) : التيار الإسلامى وموقفه من الثورة
مصادر الثورة المضادة

المصدر الرابع : التيار الإسلامى وموقفه من الثورة ..


من أهم الأخطاء التى يقع فيها المتعاملون مع الشأن السياسي هى التعميم ,
وبالذات فى معالجة مواقف التيار الإسلامى الذى يتنوع موقفه صعودا وهبوطا من القضايا العامة بتنوع الإتجاهات داخله ,
بل إن التيارات الرئيسية فيه وهى الأزهر والإخوان والسلفيين تتفرع فى داخلها إلى تيارات فرعية كثيرة ,
ولهذا كان من الخطأ التعميم فى الحكم على موقف التيار الإسلامى من الثورة , وعندما نريد معالجته يجب التعرض للتيارات الثلاث منفصلة ثم التعرض للاتجاهات الفرعية الموجودة بداخلها , وبيان أيها كان مع الثورة وأيهم كان مع الثورة المضادة لدرجة تحوله إلى مصدر رئيسي من مصادرها ..
وهى كالتالى ..

أولا : تيار الأزهر الشريف ..
منذ ما يقرب من ستين عاما وعقب صدور ما سُمى بقانون إصلاح الأزهر عن طريق تدخل السلطة الحاكمة فى نظام يوليو 52 فى شئون الأزهر , والأزهر فقد استقلاله الطبيعى الذى تميز به طيلة عمره , وفقد دوره التاريخى فى قيادة التحولات الكبري فى الأمة وفى التصدى لجحافل الغزو المتنوعة التى مرت بمصر عبر تاريخها , حيث كان الأزهر الشريف هو المؤسسة الدائمة للشعب الحائزة على ثقته الكاملة وكان شيوخه هم قادة وعى المجتمع وكان طلابه هم طليعة الأمة وشبابها المتوثب للدفاع عنها ..
ومنذ تسييس قيادة الجامع الأزهر انقسمت جبهته التاريخية إلى جبهتين منفصلتين ,
أحدهما القيادة الرسمية ممثلة فى دار الإفتاء والمشيخة , وتلك كانت فى الأغلب الأعم على خطى الدولة وتناوب على مناصبها عديد من الشيوخ الذين رضت عنهم الدولة وجعلتهم أحد أبواقها الإعلامية
والثانية وهو التيار الغالب على الأزهر ألا وهو تيار جبهة علماء الأزهر , وهى الجبهة التى عانت من التهميش الإعلامى والإهمال المتعمد من الدولة لكى لا يتم تواصلها مع الجماهير , ومع ذلك فقد وقفت لجبهة مواقف مشرفة انحازت فيها إلى الحق وحده دون النظر إلى مواقف القيادة الرسمية لشيخ الأزهر أو المفتى ,
وفى ثورة الخامس والعشرين من يناير انضمت جبهة علماء الأزهر وكافة علمائه وشبابه إلى تيار الثورة منذ اللحظة الأولى ولم ينفصل عنهم إلا شيخ الأزهر الحالى أحمد الطيب والمفتى على جمعة اللذان اختارا جانب النظام , وشارك فى الثورة بكافة مراحلها قرابة خمسمائة عالم أزهرى كان من رموزهم المتحدث الرسمى باسم المشيخة الشيخ رفاعة الطهطاوى والشهيد الشيخ عماد عفت رحمه الله وكان أمين لجنة الفتوى ..
وعندما استمرت الثورة المصرية متجددة فى مراحل الفترة الإنتقالية كان شيوخ الأزهر المستقلين حاضرين بقوة فى الأحداث , واستشهد عماد عفت رحمه الله فى أحداث مجلس الوزراء جنبا إلى جنب مع فصائل الشباب .. ولم يتغير موقف القيادة الرسمية للأزهر ودار الإفتاء كذلك واتسموا بنفس سماتهم فى العهد القديم ألا وهو الإنحياز لمركب السلطة ..
وعليه فموقف الأزهر وعلمائه وتلامذته لا يحتاج كثير توقف لوضوحه
ولمحدودية تأثير فتاوى على جمعة وأحمد الطيب المثبطة للثورة حيث أن تأثيرهما كان معدوما على الجماهير باعتبار انفصالهم عن الواقع الشعبي وتكريسهم لظاهرة علماء السلطان التى منعت عنهم أى تأثير سلبي يخشي منه على الثورة أو تتدعم به الثورة المضادة

ثانيا : تيار الإخوان المسلمين ..

وهم أكثر الجماعات تسييسا فى فصائل التيار الإسلامى وقد انقسموا إلى جبهتين منذ اللحظة الأولى للثورة حيث حرصت القيادة الرسمية للإخوان على إعلانها عدم المشاركة فى الثورة فى بداياتها يوم 25 يناير 2011 م , ولكنها لم تمنع أعضائها من النزول تحت مسئوليتهم الشخصية دون أن يكون هذا الحضور ممثلا للجماعة ..
وعندما نجحت الموجهة الأولى للثورة نجاحا ساحقا , لم تجد قيادات الإخوان بدا من اللحاق بشبابها لعل وعسي ..
وقد كان ..
صدر القرار التنظيمى بالنزول رسميا فى جمعة الغضب وهو موقف لقيادات الإخوان لم يكن انتصارا للثورة بقدر ما كان انتهازا لفرصة الثورة ولتهدئة حماسة شبابهم الذى كاد أن يشب عن الطوق وتمردت منه فصائل كثيرة وانطلقت تشارك بالثورة بقوة وهى ترفع صوتها بانتقاد القيادات على غير المألوف فى الهيكل التنظيمى للجماعة ..
واستمر موقف قيادات الإخوان يتباين عن موقف شبابهم حتى انفصل تماما فى الموجات التالية لاستمرار الثورة حيث وقف الإخوان فى ظهر المجلس العسكري داعمين ومنتظرين خطة استلام السلطة التى عززتها انتخابات مجلس الشعب فى نفس الوقت الذى صمد فيه شباب الإخوان على موقفهم الداعم لموقف الثورة المستمرة على المجلس العسكري عندما تخلى عن دوره فى الحفاظ على مكاسب الثورة والعمل على تحقيق مطالبها ..
وهكذا كان دور الإخوان متوقعا لا جديد فيه إلا فى استقلال بعض شباب الإخوان عن قياداتهم وتمردهم على تعليمات الجماعة وانحيازهم للثوار ..
ودور الإخوان فى الثورة المضادة اقتصر تأثيره على أتباعهم دون عموم الشعب ودون حتى شباب الجماعة أنفسهم ولم يمثل تأثيرهم خطورة لوضوح الصفقة التى أبرمها الإخوان كالعادة مع تيار السلطة ..

وسيظل الإخوان طيلة عمرهم على نفس السياسة العقيمة ( سياسة الصفقات ) التى كانت وراء أزماتهم عبر التاريخ منذ استشهاد حسن البنا وحتى اليوم ,
ورغم صعودهم للسلطة وامتلاكهم الشرعية إلا أنهم سلموا راية المقاومة مبكرا جدا مكتفين من النصر بجولته الأولى فحسب وبعدها مباشرة انصرفوا إلى جمع المكاسب ,
وكان حالهم كحال الرماة فى غزوة أحد عندما تخلوا عن أمر النبي عليه الصلاة والسلام الذى شدد عليهم بعدم ترك مكانهم مطلقا فى تغطية ظهر الجيش الإسلامى وعدم النزول للميدان مهما كانت نتيجة المعركة لتأمين ظهر المسلمين ضد أى التفاف يقوم به جيش المشركين ..
لكن الرماة خالفوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بعدما رأوا بوادر النصر فى الجولة الأولى وهبطوا مسرعين لمشاركة الجنود فى الميدان جمع الأسلاب فما كان من جيش قريش إلا أن قام بحركة التفاف واسع وانقض على المسلمين من الجبل وأمعن فيهم القتل والضرب ..
فلو صبر الرماة والتزموا المنهج النبوى الصحيح لما خسروا تلك الجولة لتنتهى المعركة بالتعادل بعد أن كانت نصرا كاملا

فالإخوان نزحوا عن الميدان سريعا جدا وانضموا للمجلس العسكري وقوى الثورة المضادة وكان موقفهم المتخاذل سببه شبقهم إلى غنم المكاسب وخوفهم الشديد بل رعبهم المقيم أن يلتف المجلس العسكري حول الإنتخابات الشرعية ويعلنها حكما عسكريا خالصا وينقلب على نتائج الإنتخابات على نفس ما جرى فى الجزائر
مع أن الإخوان لو استمروا فى المقاومة وظلوا كما هم على فصيل الثورة كتفا بكتف لقدمهم الشعب فعليا لقيادة الثورة وارتضي بهم قيادة تاريخية فى تلك المرحلة الحساسة ولأصبح الشعب هو الظهير الإستراتيجى للإخوان فى مواجهة المجلس العسكري وكان النصر هو خاتم هذا التخطيط دون شك , لأن العالم اليوم لن يقبل بموضة الإنقلابات العسكرية التى ذهب زمانها بذهاب القيادة القطبية للعالم بين السوفيات والأمريكيين
لكن الإخوان اختاروا الحل المضمون فى نظرهم بنفس الداء المستأصل فيهم من مغازلة السلطة الحاكمة ومهادنتها وجعلوا المجلس العسكري هو ظهيرهم فى مواجهة قوى الثورة مما كان أبلغ الأثر فى الوضع المتردى الذى انتهت إليه المرحلة الإنتقالية ..
هذا هو دور الإخوان ببساطة ..
أما التيار الذى يحتاج دوره إلى تفصيل فهو التيار السلفي لأن التيارين السابقين لم يبثا الإشاعات والشبهات ضد أعمال الثوار بالقدر الذى صدر من التيار السلفي الداعم للثورة المضادة باعتبار شعبيته بين جموع متبعيه حيث أن تأثيره السلبي مثّل موجة هائلة من الثورة المضادة تسربت بين جماهيره على نحو ما سنرى