عرض مشاركة واحدة
قديم 09-28-2010, 12:56 AM
المشاركة 102
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



* ماذا أيها الفيلسوف ..!

* وقف ينظر إلى رفيقه بذهول .. يوزع أنظارآ غائمة فقط على صمت المكان , على الفراغ من حوله .. وصوب الشاب المنكمش على مقعده .. نحو لوحة معلقة على الجدار ومكتظة بألوان الثلج وبياض الشتاء , حتى قطته التي أخذت تتمطى بكسل وترسل مواء ناعسآ , لم يدعها تمر دون أن يبحلق فيها ..وعند حدود عبوسه , التقط أنفاسآ هائمة من فضاء حجرته واستنشقها بعمق متنهدآ ثم أزلقها إلى صدره كي يستمد منها قوة تعينه على الجدال .. عاد من جديد يتسلق بحدقتيه وجه عامر المتجهم بالشرود , حيث رفع إليه ضيفه أهدابآ ملبدة بالحيره وسأله :
- ها ما رأيك ..؟
تململ خالد في وقوفه ببطئ بعد أن ارتسمت على محياه ملامح غريبة , ثم قام يسير رويدآ وهو يتساءل :
- هل أنت متأكد مما تقول ؟؟ ..
قال ذلك متسللآ إلى المقعد المجاور لصديقه ليلقي عليه بكل ثقله ..
- أقول لك لقد رأيتها بأم عيني ..
صاح عامر يدافع عن قناعته , ثم تابع ملتفتآ ومقطبآ جبينه :
- وكأنك لا تصدقني يا خالد ..
- أنا لم أقل ذلك ..
علق خالد بهدوء .. راميآ بجسده إلى الوراء في محاولة لإستجماع كل إدراكه :
- ولكن ما تقوله يصعب تصديقه .. بل هو مستحيل !..
ثم أضاف حائرآ :
- أجل.. مستحيل.. بل هو ضرب من الخيال .. فلماذا تراها وحدك فقط .. وهل خلت المدينة من البشر حتى تنعدم الشواهد , ثم لما لم نسمع شيئآ عما تقوله في وسائل الإعلام .. ولو حتى خبر عابر ..؟؟
أجاب عامر باستياء :
- قلت لك كان الوقت قريبآ من الفجر .. والظلام حالكآ .. حين ظهرت ورأيتها ..!
- حتى إن كان الأمر كذلك , فلابد من وجود من كان مستيقظآ في ذلك الوقت .. ورأى ما رأيت .. فلماذا لم يتحدث أحد غيرك في الأمر ؟؟
- لا أدري .. وها أنت تعود للتشكيك بي مرة أخرى ..
هتف عامر بحنق .. فاستقام خالد في جلسته والتفت إلى صديقه يشبك أصابعه وهو يومئ بصدره إلى الأمام .. ثم قال يسكن غضب ضيفه :
- قلت لك أنا لا أكذبك ..
- إذن ما هذا الذي تفعله ..؟
سأل عامر .. فأجابه :
- أنا أعرفك جيدآ يا صاحبي .. إنك شخصية حالمة وتتأثر كثيرآ بالقصص والحكايات الخيالية ..
صاح عامر معترضآ :
- لا .. لا يمكن أن يكون ما رأيته وهمآ , لقد كان حقيقة ..وكنت بكامل قواي العقلية ..
- ربما كان حقيقة .. وربما لا ..
- ماذا يعني هذا يا خالد ؟.. إنك تفقدني صوابي ..
- اهدأ يا صديقي .. واسمعني جيدآ ..
وأضاف يشرح فكرته بهدوء :
- أنت لا تعرف أبدآ ما يمكن للعقل البشري أن يصنعه بالإنسان !!..
- ماذا أيها الفيلسوف ؟..
علق عامر بمرارة , بينما استطرد خالد قائلآ :
- عندما ينفصل العقل عن الواقع , وينكمش ضمن دائرة الخيال فقط .. يمكن أن يدفع بصاحبه لأن يعيش في حالة شبه دائمة من أحلام اليقظة .. أحلام يراها الإنسان حقيقة مؤكدة ..
هنا هب عامر واقفآ , والتفت بقامته النحيفة يواجه رفيقه .. صرخ بغيظ :
- ماذا .. أتتهمني بالجنون يا خالد ؟
- لا .. أنا أتحدث بصفة عامة ومن منطلق نظرية علمية ..
- ما شاء الله .. أأصبحت الآن متخصصآ في علم النفس .. ؟
تساءل عامر بحنق .. في حين أطلق خالد ضحكة مجلجلة مزقت ستائر التوتر التي انسدلت على المكان .. قال يشاكسه
- لما أنت غاضب هكذا يا صديقي .. إهدأ.. إننا نتحدث فقط ..
- نتحدث !.. لقد جعلتني شخصآ معتوهآ .. لمجرد أني أخبرتك ...
لم يكمل خوفآ من سخرية مضيفه .. فقال خالد :
- أنك رأيت سفينة فضائية تحوم في سماء المدينة .. أليس كذلك ؟
وتابع باهتمام : أخبرني عن هذه السفينة يا عامر ..
- هل أنت جاد يا خالد ؟
- أجل .. صفها لي ..
سار عامر متسكعآ في أنحاء الحجرة .. يحاول أن يتذكر تفاصيل غائبة :
- كانت اسطوانية الشكل .. كبيرة جدآ هيكلها معدني .. غريبة التصميم و ....
- ويخرج منها ضوءآ أخضر هائل .
همس عامر باندهاش : كيف عرفت ذلك ؟
- لأن هذه مواصفات سفينة الفضاء في الفيلم الذي شاهدناه مؤخرآ ..
- ماذا .. ؟
علق عامر مشدوهآ .. فأردف خالد :
- ألم أقل لك أن المسألة كلها من صنع خيالك .. !
صاح من جديد : لا .. لا .. إنها الحقيقة ..
أصر عامر .. فقال خالد ضاحكآ :
- حسنآ كما تريد ..
وتابع يخرج من ضوضاء الجدل :
- ما رأيك أن نخرج قليلآ .. فحديثك فتح شهيتي للطعام .وأشعر بالجوع ..
خرج كل منهما وقد صفقا الباب وراءهما .. في حين بقيت الحجرة تضج بحوارهما الذي لم يكتمل ..