عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2019, 10:33 AM
المشاركة 8
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

حين تشيخ الحروف ..
يأتي المداد على عجل
والدواة : دندنة عند المساء
والشموع .. حناجرها
أنت هناك على قاب من قلبها
وفي سواد المحيط
والغرق .. ثمة ما برق
كانت القصة خليط
وسلام هو سربها

حين تشيخ الحروف ..... تصبح الكلمات أكثر حكمة ...... تصبح نسماتها أكثر رقة .... تصبح نظراتها أكثر فتنة ..... العبارات تعشق الليل أكثر ..... تعشق الهدوء أكثر ...... تعشق العطاء أكثر .... لكن ومن بعدها لكن ..... عندما تشيخ الحروف .... يصبح السهر روتين .... يصبح المرض روتين .... يصبح الإرهاق روتين ...... يصبح الهم روتين .... يتحول الفراغ إلى وحش قاتل ..... يتحول الانتظار إلى عدو قاتل ...... يغدو الألم صديق دائم ...... وحتى المساء يغدو موحشا قاتم ...... حين تشيخ الحروف ..... تصاب الكلمات بالضعف والوهن ...... تهرب العبارات من وجه القلم لئلا يفضح ضعفها ...... لم تعد شابة فاتنة ترقص فوق أضلاع السطور ..... لم يعد لون المحيط بلون عينيها ..... لقد غاب عنها الموج الأزرق ...... غاب عنها البريق الأزرق .... خسرت عيناها السحر الأزرق ....... الثلج غطى القمم ولم يعد شعرها الطويل أشقر .... لم تعد في نظر القلم تلك الأنثى الجميلة التي تتمايل وتتغندر .... بات القلم يتجاهلها .... يلقي السلام عليها خجلا ..... وغالبا لا يسأل عن حالها أصلًا ..... ذات القلم الذي كان يشتاق تقبيلها في كل لحظة .... يشتاق أن يلمس شعرها في كل همسة ...... يشتاق أن يضع الحركات على جسدها شكلا ....... يحلم بضمها جمعا وتفصيلا .... لم تعد تعنيه الضمة ...... لم تعد تغريه اللمسة ....... لم تعد تغويه الرقصة ...... حين تشيخ الحروف .... تضحي بنفسها لتعيش الكلمات عمرها عمرًا .... تضحي الشموع بجسدها لتنير الظلام في دمعها نورا ..... عندما تشيخ الحروف وتذوب الشموع انتظر عطرها ..... انتظر قلبها ..... انتظر سرابها ..... ويأتي في الموعد طيفها .... يزورني كل مساء ..... عفوًا لقد أخطأت يزورني غالبا عند المساء ولكنه لا يفارق مخيلتي من الفجر وحتى حلول المساء ...... يذكرني بغرق السفينة بصقيع المحيط وبحة صوتها حين نطقت اسمي للمرة الأخيرة ..... يذكرني باللوحة التي لونتها والقلادة التي زينت عنقها وما جرى بيننا في ذات الليلة التي رسمتها ..... يذكرني بسور السفينة و محاولة الانتحار التي أفشلتها ..... يذكرني بالعشاء والصالة ومغامرة الهروب التي خططنا لها ..... يذكرني بآخر نظرة وآخر لحظة قضيناها .... قبل أن تعلن الحكاية نهايتي بداية لحياتها ..... طيفها الذي ما زال يسكن أعماق ذاكرتي ويرفض مغادرتها ..... يعبث في محتوياتها كما يشاء ويعيد ترتيب الأحداث كما يشاء..... يفتش ضمن مكنوناتها عن رائحة النساء ..... يفتش ضمن خلاياها عن أي أثر لأنثى كنت أعرفها أو سوف أعرفها ...... يبحث عن صور عن ذكريات عن كلمات عن أسماء ...... ولكنه لم يجد إلا اسم واحد ..... لم يعثر إلا على رائحة عطر واحد ..... لم يرى إلا صورة واحدة ..... ولم يلمح إلا أنثى واحدة كان لحسن الحظ يعرفها ..... يعرفها ويغار منها مع إنها الأنثى التي يمثل طيفها .....

العنود العلي
أشكر مرورك وكلماتك يا أميرة الحرف
وسيدة المعاني