عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2018, 04:48 AM
المشاركة 17
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
*ما خلص إليه البحث:


من خلال تناولنا للقصائد التي تطرّق فيها مهيار لمفهوم الشعر ، نستطيع القول:


· * إنّ مهيار كان يرى الشعر من منظور مكانته بين قومه ، فلم يتناوله وزناً أو خيالاً ، بل عُني بتصوره على أنّه معجزة لا يطالها الكثيرون ، وهذه المعجزة كانت السبب الخفي وراء النظرة العالية التي كان الناس يرون فيها الشعراء ، حيث كانوا ينظرون إليهم وكأنهم سحرة أو مشاركين في أمور السحر .
ونذكر ذلك في قوله:
لو أُقيمت معجزاتي فيكُمُ .... قِبلةً صلَّى لها الشعرُ وصاما




· * ولم تبتعد هذه الرؤية عن الديلمي ، فالشّعر لديه من صناعة الجنّ والشياطين ، وهو من إلهامهم ، وهذا التصوّر القديم بدأ من الجاهليّة واستمرّ معلّقاً في أذهان الشعراء في العصور اللاحقة ، فالتبعيّة لمقولات الجاهليّة لم تخرج عن فكر مهيار ، ولا نستطيع أن نحتسب عليه هذا بشكل سلبي ؛ فقد ساد هذا الاعتقاد في عموم الناس آنذاك .
وقال فيما سبق :
يَنُصُّ شيطانُ القريضِ سمعَه ..... مرتقياً في جوّها مسترِقا





· * الشّعر عاشق للمعاني ، فهو لا يعرف النمطيّة وذلك بتنوع مواضيعه وتعابيره ، ويبرز ذلك حين قال:
لذاك وأنتم فحولُ الرجا ..... ل يهواكم الشعرُ والشعر زِيرُ



· * الشّعر ثمرة جهد وتفكير، فليس كلّ من قال شعر غدا شاعراً ، وهذه الثمرة صعبة المِراس في أوقات عديدة ، حتى إنّ القوافي لتخون صاحبها فلا تسعفه ، ولمسنا ذلك في قوله:

وقافيةٍ باتت تحارب ربَّها ..... فنازلتُها شيئاً فألقت يدَ الصلح





· * الشّعر عند مهيار هو الثّقة بالذّات ، و جاءت هذه الثقة من التحام قومه به كشاعر ؛ يفتخرون به وبانتمائه لديارهم :

لا زال مدحِيَ ميراثاً يقابلكم .... عنّي إذا الشعرُ في آذانكم نُودِي

· * الشّعر مؤثّر قوي ، يحمل بين طيّاته غايات ساميّة ، تصل إلى القلوب ، ويظهر أثرها في سلوكيات السامعين والمهتمّين بالشّعر:


إنّ اللِّسان لوصَّالٌ إلى طرقٍ ...... في القلب لا تهتديها الذُّبَّلُ الشُّرَّعُ

· * هو يرى الشّعر ذلك التعبير الصادق الجميل الذي يجسّد الرؤية، وينقلها مؤثراً أشدَّ تأثير. وانطلاقاً من هذا الفهم للشّعر كان مهيار يُعنى بشعره عنايةً فائقة، فيقول موجباً العناية به:

واحنُ عليه فإنّه ولدٌ .... أبوه قلبٌ وأمُّه خاطرْ




· * الشّعر يأخذ قيمته من مصداقيته ، فالمدح لا يكون إلاّ لمن يستحقه ، وهذا ما كان يدفع مهيار لتجنّب الهجاء في شعره ، والمديح الكاذب ، ولذا كان يحصر أغراض شعره في شؤون حياته الخاصّة؛ من تهنئة وعتاب وشكر ووصف، مقدّماً لهذا كله بمقدمات وجدانيّة، وهو إن مدح أحداً فلا يقف على الأبواب، بل يمدح بما يراه من مناقب تستحقّ المديح ، يقول تأكيداً لما نذهب إليه:


ينصح للهِ والخلافة لا .... يرفع في شهوة ولا يضع
وزارة من أتيتها عاشت ال ..... سـّ نَّة وماتت البدع
تشهد لي أنها اليقين قضا .... يا الله والمسلمون والجمع(1)





· * الشعر همّ يؤرّق الديلمي ، فهو رجل له مبادئ يدافع عنّها ، وتصوّرات يريد إحياءها ، ولذا كان يدعو لحماية الشعر من السّلب والإنتهاك وذلك في قوله:

وتحمون البلادَ وفي ذَراكم .... حريمُ الشِّعرِ منتهَكٌ سليبُ(2)






· * الشّعر عند مهيار ، هو فنيّة الأسلوب وأناقته. نلمس هذه الفنيّة التي تبعد عن الصناعة البديعيّة وإن كانت تفيد منها، صانعة ما يسمى بـ "سحر الألفاظ" المتكوّن من تضادها وتآلفها وتكرارها وتناغمها وتكوينها، وندلل على ذلك بكثير من أبيات ديوانه، نختار منها:
أما ترَوَن كيف نام وحَمَى ... عيني الكرى، فلم ينم ظبيُ الحمى!؟(2)





* ويبقى لمهيار رؤيته الخاصّة التي عبّر من خلالها عن فهمه للشّعر ، من خلال مكانته كشاعر ، وكإنسان عادي يتذّوق الشعر ، وممّا لاحظناه في هذه الدّراسة ، تأثّر الشّاعر بأستاذه الشّريف الرضي في كثير من الأمور ، كثقته بشعره ، وفخره بنفسه ، ومديحه فيمن يستحق المدح فقط، لا رياء وكذب ، كما كان لقومه وأبناء جلدته دوراً مهمّاً في نظرته للشعر ، فهو مرآة الواقع ، لذا كان يعكس واقعه وعلاقاته مع من كانوا يرونه لسان حالهم و قائد كلمتهم أمام خصومهم و سواهم من الأقوام .

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..