عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2015, 06:56 PM
المشاركة 1348
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 95- المعلم علي عبد الكريم غلاب المغرب

من مقال بقلم محمد رشد

- يقول الناقد المصري احمد عطيه عنه : عبد الكريم غلاب فهو أبرز روائيي المغرب، لأنه كاتب قومي، ومناضل وطني من صفوف حزب الاستقلال،

- وقصاص وروائي تعبر رواياته عن زخم الحياة العربية وعن حركة النضال الوطني والاجتماعي في المغرب."

- إذا كان (شلوفسكي/Chklovsky) قد فرق في البناء القصصي بين نوعين:بناء حلقي: ينغلق فيه حدث ما بمجرد انتهائه. و بناء ذو المراقي: يظل فيه الحدث مفتوحا في نهايته على حدث أو أحداث أخرى. فإن إمعان النظر في بناء رواية "المعلم علي" سيجعلنا نصل إلى أن بناءها ينتمي إلى النوعين السابقين معا: فهو حلقي حين نلاحظ تتابع مجموعة من الوحدات التي تكاد كل واحدة فيها فعلا مغلقا: (وحدة العمل في الطاحونة، وحدة العمل في دار الدبغ، وحدة العمل في معمل النسيج). وهو كذلك بناء ذو مراقي على مستوى المحكي جملة، إذ نلاحظ أن الوحدة الواحدة لا تستنفذ بحث "علي".

- لكن ما الذي يعمل – في إطار هذا البناء المزدوج- على تماسك المحكي في الرواية؟ نلاحظ في رواية "المعلم علي" أن تماسك المحكي يتم بواسطة "المكان"، أي مكان الأحداث، و أعني به مدينة فاس، ويمكن ملاحظة الأوضاع التي يتجلى فيها المكان أداة ربط:المكان في البداية لا يطرح عائقا يذكر باستثناء الإعاقة الطبيعية التي لا تحفز "علي" على التغيير بالقدر الذي سيحدث فيما بعد.

- حين يصبح المكان عائقا و سببا في الخروج من وحدة إلى أخرى: ترك المطحنة للعمل في دار الدبغ، ثم الفرار من دار الدبغ للعمل بالمعمل. حين يتحول المكان إلى وضع إيجابي، خصوصا في الوحدة الثالثة حيث يصبح المكان فاعلا في التغيير.

-من كل ما سلف، نستنتج أن الوحدات الثلاث التي تستغرق بحث "علي" قد احتاجت في ترابطها إلى وجود المكان، فكان المكان. و يمكن أن تكون قصته وحدة رابعة.

- يُقصد هنا بالوحدات تركيبا حكائيا يتوفر على معنى مكتمل، و على استقلال نسبي، و يمكن اعتبار الوحدة أشبه بقصة قصيرة تندرج في سياق قصة أعم و أشمل.

- تأسيسا على هذا الطرح يمكن أن نقف داخل رواية "المعلم علي" على ثلاث وحدات حكائية تسبقها وحدة تمهيدية هي وحدة العرض (L’expose):

- يمكن اعتبار الفصل الأول من الرواية و الذي تجري أحداثه في غرفة أسرة "علي"، وحدة تمهيدية هي العرض، و ذلك لأن محتواه يعمل على إدراج محتويات جزئية سيقع تطويرها خلال الوحدات التالية.

- إن المحتويات ترجع إلى مشكل "التوتر" الذي يعتري "علي" كما ترجع إلى الشخصيات التي سنجدها بعد ذلك مفصلة أو هي تتطور.

- غير أن هذه الوحدة التمهيدية لا يجب أن ندركها كوحدة مستقلة عن الوحدة الأساسية التي ستتلوها، و هذه خاصية من خصائص العرض، حيث تغرس فيه العناصر الحكائية الأساسية التي سيتم تعهدها بعد ذلك في مجمل الرواية.

- و يمكن الوقوف على بدايتها في "العرض" لكن بدايتها الحقيقية لا يصرح بها الكاتب في الرواية، و يمكن أن نسجل أن هذه الوحدة تتألف من عنصرين هما:ممارسة العمل.

- إننا إذن بصدد وحدة مغلقة تتوفر على فعل كامل، بمعنى محدد بالنسبة للسياق العام للرواية، و لو أننا تأملنا حالة "علي" لوجدنا أن الطابع المسيطر على شخصيته/ نفسيته، هو طابع التوتر، هذا التوتر الناتج عن عدم الرضى بما هو معيش، و التطلع إلى حالة أفضل، هذا التوتر هو الذي سيرافق "علي" خلال الوحدات الآتية.

- الوحدة الثانية و يمكن أن نميز بداخلها عدة عناصر مكونة نذكر منها:
عنصر الصداقة. عنصر الصراع. بداية التدرج نحو كسب الوعي النقابي.

- في هذه الوحدة يتكون "علي" كشخصية (إشكالية) حين ينمو "التوتر" و يتحقق التناقض و لو مبدئيا في وعي "علي" بين مالكين (الحاج عبد القادر...) و مستخدمين (عمال: علي و الحياني...)،

- إلا أن هذا التناقض لن يتضح بشكل جلي إلا في الوحدة الثالثة.الوحدة الثالثة: (وحدة العمل في المعمل): وهذه الوحدة تستغرق القسم الأخير من الرواية، و يمكن – بناء على سياق الرواية- أن ندمج فيها لحظة السجن، فنجد عندئذ أن هذه الوحدة المتميزة يمكن أن نقف بداخلها على عناصر أو لحظات هي:العمل في المعمل.العمل النقابي. السجن. الوعي النقابي.

- إن هذه الوحدة هي التي يمكن تسميتها بالوحدة/ الخلاصة، لأنه فيها يحكم عبد الكريم غلاب على نهاية روايته وفق ما يناسب توجهه السياسي و موقفه الإيديولوجي، فيحُدُّ من (إشكالية) البطل و يفرض حلا يرى فيه انسجاما مع الواقع، لكن أي واقع هو؟