عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2014, 08:51 AM
المشاركة 1198
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 59- غرناطة رضوي عاشور مصر

-تنقسم الرواية إلى ثلاثة أجزاء*: "غرناطة"، "مريمة" و "الرحيل" و هي تحكي قصة عائلة غرناطية ابتداء من الجد أبو جعفر إلى الحفيد الأصغر علي مرورا بمريمة.
- تتناول الرواية التفاصيل اليومية و الحياتية لهذه العائلة والأشخاص المحيطين بها و الأحداث المتوالية التي تمر بها، من وفاة، زواج، ولادة، سجن، اغتراب.. دون أن تغفل الكاتبة عن وصف أحاسيس الشخصيات و نفسيتها و إكراهاتها و ربطها بالظروف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية للأندلس إبان سقوطه.

- استعملت الكاتبة هذه العائلة كرمز للأندلس بأسرها، و لذلك نوعت في أنماط الشخصيات التي تنتمي إليها. و ربما كانت حالات الوفاة المتتالية في الأسرة محاولة لتشبيهها بسقوط المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى.
- في نهاية القصة لم يبق من هذه العائلة إلا علي الذي كان على وشك الرحيل من الأندلس، و لكنه اختار أن يبقى في النهاية.

- الواية عبارة عن وصف مفصل للظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الدينية لغرناطة قبيل و بعد الاحتلال القشتالي.
- و وصف للظلم الذي كانت تعانيه الأندلس من طرف القشتاليين، الذين استباحوا القتل وهتك الأعراض، و حاولوا مستميتين تنصير المسلمين و طمس هويتهم و تخريب كل ما له علاقة بالحضارة الإسلامية كالكتب و المساجد.*
- الأسباب الرئيسية لسقوط الأندلس لم تكن بالأساس سياسية، و إنما اجتماعية و نفسية أيضا. فبالرغم من أن بعض سكان الأندلس حاولوا الحفاظ على بعض المظاهر الدينية و على اللغة العربية و على الكتب التي كان القشتاليون يصادرونها و يحرقونها، إلا أنه في العمق، كان يوجد خلل في عدة جوانب.

- اختلال العقيدة، و هذا يظهر مع مجموعة من شخصيات الرواية (أبو جعفر الذي أنكر وجود الله قبيل موته، سليمة التي ما زالت تبحث عن الحكمة من الموت و من كل المصائب التي تمر على غرناطة، علي الذي ما فتئ يتساءل عن رحمة الله و قدرته).
- هناك جانب آخر ركزت عليه الكاتبة كثيرا ألا و هو الجانب الأخلاقي، فمعظم الشخصيات ارتكبت أخطاء دون أن تحس بفداحة الأمر، مثل الزنى، تضييع الأمانة، شرب الخمر، السباب، الكذب و الاحتيال..
- يظهر من الرواية أيضا أن الطقوس و الشعائر الدينية أصبحت مجرد تقاليد، فمعظم الشخصيات لم تتردد في قبول التنصير الشكلي و لم تحزن إلا على مظاهر الاحتفال في العيد و رمضان و طقوس دفن الموتى، و لكنها لم تهتم كثيرا لعمق الدين.
- الاهتمام بالأمور المادية و المظاهر العمرانية أكثر من الجانب الروحي أو الإنساني )اهتمام أبي منصور بعمارة حمامه بينما هو يشرب الخمر، تزويج حسن لبناته من أسرة غنية معتمدا في اختياره على أساس مادي).
انتشار الخوف و ضعف الهمة و الاستسلام و الخنوع للمحتل و محاولة التعايش معه، اللهم إلا بعض المحاولات للثورة و التي غالبا ما كان ينقصها الإيمان و الخبرة.[/right]


- أسلوب القصة أسلوب أدبي راقي يتميز بمعجم لغوي غني و يجتمع فيه الوصف و الحوار بشكل متناغم و متقن، مما يجعل الرواية كقصيدة شعرية مكتوبة على شكل نثر أو سمفونية مؤلفة من كلمات ذات إيقاع موسيقي، إنها بحق رواية تطرب لها الأذن وينشرح القلب عند قراءتها.


- يلاحظ قدرة الكاتبة على وصف* الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية للأندلس إبان سقوطها من خلال عائلة غرناطية واحدة ينم عن ذكاء و تمكن و احترافية كبيرة.

- بالرغم من الكم الهائل من الشخصيات في الرواية، إلا أن الكاتبة أعطت لكل شخصية حقها حتى يخيل للقارئ أن الشخصية تجسدت أمامه بكل تفاصيلها الجسمية و النفسية.*
- تطرق الكاتبة لسقوط الأندلس بشكل غير تقليدي، فهي لم تتحدث عن الأمراء و الملوك و الخلافات بينهم و عن الأسباب السياسية، بقدر ما تطرقت إلى عامة الشعب، همومهم و أحلامهم و اهتماماتهم و علاقتهم مع بعضهم البعض و مع الله.*
- المقارنة بين غرناطة و القدس كانت ناجحة، و خاصة تساؤل علي (الشخصية الرئيسية للجزء الثالث) عن الأسباب التي جعلت الأولى تسقط دون رجعة، والثانية ترجع لأيدي المسلمين بعد الحروب الصليبية.


- الجرأة الزائدة في بعض المشاهد بين الجنسين، والتي أعتقد أنه لم يكن لها دور في إغناء الرواية و كان من الممكن تفاديها دون الإضرار بالسياق العام.*

- الرواية رائعة و ناجحة بجميع المقاييس، أدبيا و لغويا و تاريخيا و اجتماعيا، وتدل على تمكن الكاتبة و خبرتها، و هي تستحق بجدارة كل الجوائز التي حصدتها.