عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
4055
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
04-21-2012, 09:45 PM
المشاركة 1
04-21-2012, 09:45 PM
المشاركة 1
افتراضي القصاص / بقلم عبدالأمير البكّاء
القصاص


أحبته حبا أغاض أقرانه الطلاب فحسدوه ! لأنهم كانوا لا يرون مماثلة مشتركة بالصفات بين الحبيبين! فصاروا

يوميا لا يكفـّون عن التندر والضحك منه ، واتهامه جازمين بأنه يعمل لها السحر عند المشعوذين ، لاستمالة قلبها

الى حد ذلك الشغف العجيب ! فلا مال يمتلك ولا جاه ولا جمال كما كانت هي ! فعلام إذن كل هذا الود الذي يعتلج

قلبها نحو شاب يفتقر الى أبسط ما تصبو اليه أبسط الفتيات في عمرها ؟! وكان هو يقرأ هذا التساؤل في وجوه

أقرانه في الشارع والمدرسة ، فلا يرد عليهم بالكلام بل كان يُريهم هداياها غالية الثمن ليزدادوا حنقا وغيرة

مُمْضّيْن ! ..لم يبخل عليها بانسكاب عواطفه التي تكدست في حناياه كلما التقاها ، فينثر عليها أكاليل العشق

المضمخ بالحناء ورذاذ النعناع ، لتمتليء رئتاها بعبير حب رفضته بنات الحي قبلها ! ولم تبخل هي الأخرى

بانثيال شلال نسائم الود والورد العابق ، تدفعها نحوه هِزاتُ قلب رهيف تحمله ، غير آبهة بما يمر على خاطرها

من أكوام تهكمات زميلاتها لوما وتقريعا لاختياره حبيبا لها ! فيكون عذرها الدائم لهن بألا معين لها في هذه الدنيا

ولا ناصرغير هذا الشاب الأسمر ( الحِمش) الغيور الذي سوف يحميها من غوائل هذا الزمن التعيس ! إذ ليس

من المعقول أن تضيف الى وَهْنها وعجزها شابا مائعا لا يقوى على الدفاع عن نفسه لو حزَبَ الأمر عليها يوما ما

!..كانت تبدد قلقه بالتطمين بأن لا أحد غيره سيحتل حصن قلبها من الشباب ، وأن قبوله في كلية الطب في بغداد

سيزيدها إصرارا على التمسك برجل ناجح ، تتفاخربه أمام كل اللائمات ! فلا غرو إذن والحالة هذه أن تلتصق

بإنسان داس على كل عقبات عوزه وقبحه ويتمه ، لينتج من إصراره وتحديه مركزا اجتماعيا مرموقا ، ينسى

الناس معه كل تلك الهَنات !..ولم تدخر جهدا للتضحية بما تملك من مدخرات مالية ومصوغات ، لتوفير كل

أسباب نجاح طالب الطب الحمش المفلس ! فاجتهدت بفرح غامر ونكران ذات عجيب ، لتغطية كل احتياجاته ،

من ملابس تليق بمستواه كطالب طب الى مصروف الجيب الى شراء المصادر الطبية غالية الثمن غير مبالية

بكثرة ما تنفق عليه من أموال ، ولا لوعثاء السفرالأسبوعي الى بغداد ، حاملة معها كل الأكلات التي يحبها !

حتى غدا جوابها متكررا كلما شكرها لإعانتها له بقولها مازحة : ( حبيبي هذا كله دَيْن ستدفعه لي من عيادتك إن

شاء الله ) ! ولم يشأ الله سبحانه أن ترى ما كانت ترجوه من حبيبها ! إذ فوجئت - وهي تزوره زيارتها

الأسبوعية المعتادة من بعد ثلاث سنوات دراسة مضت - بخبر اعتقاله من قِبل رجال الأمن في بغداد ! فأصابها

الذهول ليس لخبر اعتقاله بل لسببه ، إذ أخبرتها زميلة له في كليته بأن ( خطيبته !) طالبة الطب التي خطبها قبل

عام ، قد وشت به عند المخابرات التي تنتمي هي اليها ، عبر تسجيل صوتي له بأنه صارحها مطمئنا كزوجة له ،

بأنه منتم ٍ الى حزب معارض للحكومة ! وإنه سيهرب بها الى خارج العراق بعد التخرج لإكمال دراستهما ،

واتمام النضال من هناك لإسقاط النظام !... تنهْنهَ صدرُها ليدفع بالدموع نحو خديها المتورديْن وهي تجتاز

ممرات الكلية ، تاركة اكياس الأكل الذي يحبه على منضدة مفتش الإستعلامات مُردّدة المثل العراقي المعروف (

رضينا بالموت والموت ما رضه بينا ! )