عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2012, 10:40 PM
المشاركة 327
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
46- لعبة النسيان محمد برادة المغرب

لعبة النسيان هي رواية لمحمد برادة، صدرت سنة 1987 عن دار الأمان تعتبر من بين أهم أعمال برادة. صنفت في المركز 46 في قائمة أفضل مئة رواية عربية.
موضوعها فقدان إنسان عزيز وغال، وهي الأم، التي تحتل فيه مكانة كبيرة. الرواية تركز على لحظتين مركزيتين في حياة الهادي، الشخصية المحورية في الرواية: الأولى لحظة موت الأمّ: لالّة الغالية، تلك المرأة التي لا تعوّض ولا توصف، والثانية لحظة موت امرأة أخرى هي أول موضوع للحب والشهوة والرغبة المشتعلة: لالة ربيعة. ومناخها النفسي يخيّم عليه التوجّع والتفجّع والضيق والكآبة.

ويمارس الراوي لعبة النسيان، نسيان الآلام والأوجاع، ويدعو إلى استحضار الذكريات والشروع في تشخيص متخيّل للشيء العزيز المفقود والمفتقد.

«لماذا تريد أن تفتح بابا لن يأتيك منه إلا الوجع وصداع الرأس. مع أنك تريد الكتابة عن لعبة النسيان وطرائق تحاشي ما يؤلم النفس"»
نقد

منذ صدورها في طبعتها الأولى سنة 1987، كانت مثار جدل واسع على صفحات الجرائد والمجلات الثقافية ونشرت حولها دراسات جامعية ونقدية كثيرة. وساهم في ذلك اختيارها من طرف وزارة التربية الوطنية المغربية منذ 1995 إلى 2005، لتكون ضمن المؤلفات المقررة على تلاميذ الثانوي.

==

لعبة النسيان لمحمد برادة بين الزمن الضائع والتجريب البوليفوني




- عتـــــــــــبة الجــــــــــــــنـــس:

إن لعبة النسيان هي أول رواية لمحمد برادة، صدرت لأول مرة سنة 1987م عن دار الآمان بالرباط. وقد جنسها الكاتب بعنوان فرعي تعييني"نص روائي". ويعني هذا أن المؤلف رواية مادامت تشخص الذات والموضوع والرواية نفسها. وتتشابك في النص أحداث تخييلية وواقعية متنوعة، وتتناغم تيمات عديدة على إيقاعات درامية حدادية دائرية التركيب إلى جانب تفاعل عدة شخوص رئيسية وثانوية عبر حركية التاريخ وصيرورة الزمن وتناوب الأجيال مابين الاستعمار والاستقلال وما بعد الاستقلال.
وهذه الأحداث المتوجة غير منفصلة عن فضاءاتها الزمكانية التي تنفعل بالشخوص وتفعل فيها ما يمكن أن تفعل تحت ضغوط الجبرية وحتمية الواقع: تأثرا و تأثيرا. ولكن يبقى هذا النص الروائي سيرة ذاتية أو أطبيوغرافيا مادام يرتكز كثيرا على تشخيص الذات ( التذويت)، واستدعاء تاريخها عبر الصيرورة التاريخية، واسترجاع تاريخ الذوات الأخرى المتفاعلة معها؛ وذلك بسبر الموضوع الذي يؤثر فيها.
وخطاب الأطوبيوغرافيا حديث العهد، فقد نظر له الناقد الفرنسي فيليب لوجون. إذ يعرف النص الأوطوبيوغرافي بأنه:" محكي نثري استرجاعي ينصب على الوجود الشخصي لفرد ما، وذلك حينما يتم التركيز أساسا على الحياة الفردية وبالخصوص على تاريخ الشخصية". وهذا التعريف ينطبق إلى حد كبير على نص محمد برادة؛ لأن لعبة النسيان أولا نص سردي نثري ينبني على استرجاع ماضي الشخصية أو الذوات الفردية (الهادي)، في امتدادها الزمني وتعايشها مع الذوات الأخرى سلبا أو إيجابا في مواجهة الموضوع من أجل فهم الحياة الفردية وتاريخها وتفسيرها بما هو خارجي شعوري أو لا شعوري، مع حضور المؤلف المقنع بقناع السارد أو الشخصية ( السارد المشخصن)، كما هو الشأن في الرواية إذ يحضر في صورة ( الهادي) لوجود عدة تماثلات ذهنية ووجدانية واجتماعية بين محمد برادة والهادي ( انتقال الهادي ما بين فاس والرباط والقاهرة وباريس، الدراسة الجامعية، الصحافة، الكتابة السردية كاحتراف....).

- دلالات الروايـــــــــــــــــــــــــة:

تحضر عدة تيمات في هذه الرواية مثل: الحياة والموت والجنس وصراع الذات مع الموضوع والوطن والمكان والطفولة والوطن والنضال والحرية...
ويعتبر الموت أبرز حدث رئيسي في هذه الرواية، فعنه تتفرع الأحداث الدرامية الأخرى وعبره تترابط الإيقاعات والقصص السردية.
ويمكن اعتبار لعبة النسيان رواية استرجاع الزمن الضائع من خلال الشخوص ودورة الحياة والموت عبر الأمكنة والفضاءات المنغلقة والمنفتحة والداخلية والخارجية. وتحضر الأم باعتبارها شخصية رابطة مبئرة ومبأرة، عليها تتجمع الشخوص لتنسج خيوطها السردية لخلق حياتها وموتها. كما أنها تجمع هذه الشخوص لتخلق فيها الحياة والدفء والاستمرارية عبر الصيرورة التاريخية. وهذه الرواية كذلك رواية أجيال ثلاثة مختلفة الطباع والقسمات والرؤى تتحول مع المكان والزمان في تكيفها وصراعها مع الواقع المتميز بين الحماية والاستقلال:

الأجــــــــيال الــــــــــــــثلاثة:

الجيل الثالث الجيل الثاني الجيل الأول
جيل مابعد الاستقلال جيل مابين الاستعمار و الاستقلال جيل الحماية
عزيز- فتاح- نادية سي إبراهيم-لالة نجية- الهدي- الطايع لالة الغالية- سي الطيب- الشريف
وتتضمن رواية لعبة النسيان لمحمد برادة سبعة فصول على النحو التالي:

-1- في البدء كانت الكلمة:
يدور هذا الفصل حول حضور الأم في الدار الكبيرة بفاس وانتقالها إلى الرباط لمساعدة ابنتها التي تزوجها سي إبراهيم في تربية أولادها وتدبير شؤون المنزل وما أحدث وفاتها من أثر على الأبناء والأهل والأقارب و الجيران.

-2- سيد الطيب:
يستنطق هذا الفصل شخصية سيدالطيب العاقر وتناقضاته العديدة، ويحاول تفسيرها بعلل الموضوع ومنسيات الذات. ويرصد الحكي هذه الشخصية في طيبو بتها ودماثة أخلاقها وبعدها الديني والروحي إلى جانب انغماسها في اللذات والشهوات والميل إلى اللهو ولعب الكارطة وتبذير الأموال من أجل التلذذ بمفاتن الجسد.

-3- ما قبل تاريخنا:
يذكر هذا الفصل طفولة الهادي والطايع ومراهقتهما مابين فاس والرباط.


-4- ثم يكبر العالم في أعيننا:

تفكر الرواية في نفسها من خلال فضح اللعبة السردية والحوار مع المتلقي عبر تأسيس ميثاق سردي يشارك فيه المؤلف وراوي الرواة والمتقبل. وتكمن مهمة راوي الرواة في قول الحقيقة والبوح بها وتعرية لاشعور الشخصيات خاصة المشاهد الجنسية الطفولية ( الهادي)، أو الذكورية( واقعة السيد " الضب" الذي اغتصب فتاة المدرسة، وهي ما تزال صغيرة)، كما يتعرض الفصل للزوجين: سي إبراهيم ولالة نجية في تكيفهما مع الواقع وامتدادهما في الحاضر، واستعراض بعض النشرات الإعلامية والإذاعية والصحفية التي أدلى بها راوي الرواة لتشخيص التحولات الطارئة على مغرب الاستقلال وبعد الاستقلال.

-5- قلت وكم يهواك من عاشق:

ينصب هذا الفصل على عدة مشاهد شبقية وجنسية تبين الفلسفة العبثية لشخصية الهادي. هذه الشخصية التي لا تؤمن بالدين وتضعه دائما قاب قوسين، وتعيش حاضرها من خلال اللذة ومغازلة الحياة والثورة على الواقع والتمرد على الكائن.ويستعرض الفصل دفً الأجساد في باريس ( البيضاوية) والقاهرة ومدريد.

-6- زمن آخر:

يعود الهادي إلى فاس لاسترجاع الذكريات والبحث عن الأم في رحيلها ووجودها الحلمي وتأمل المكان وعبقه التاريخي والحضاري. كما يستعرض الفصل الجيل الجديد جيل عزيزوفتاح ونادية عبر حفل زواج عزيز بن سي إبراهيم ولالة نجية، حيث تتغير القيم المثلى وتتحول إلى قيم كمية ومادية، وتبرز كذلك ثورة الشباب على واقع مغرب ما بعد الاستقلال على كافة المستويات. ويشير الفصل إلى صراع راوي الرواة مع المؤلف حول قضايا سياسية واجتماعية لا يريد المؤلف إثباتها لما لها من تأثير سلبي على الراوي وعلى المؤلف نفسه مثل: المناقشة حول سرقة أموال الشعب وتبذير الملايير في الحفلات الخاصة والعامة، وظهور جماعة الملياردية أو التعريض ببعض كبار موظفي الدولة وتصدير فتيات المغرب إلى الخليج أو الخارج لبيع الجسد والحصول على العملة الصعبة والتخفيف من البطالة، ورصد ظاهرة المخدرات وضياع الشباب...
و إذا كان راوي الرواة يتمسك بالسلبي، فإن المؤلف ينصحه بذكر ما هو إيجابي؛ لأن الإيجابيات أكثر من السلبيات. ولكن هذا الحوار بلغ مأزقه عندما لم ينته إلى اتفاق بينهما.

-7- من يذكر منكم أمي:

يحاول الهادي استعادة ذكرى أمه واسترجاع وفاتها من جديد عبر التأملات ليخلق حضورها ويفلسف وجودها، وليتصالح الهادي في الأخير مع الكل، ومع أخيه الطايع الذي قاطعه أمدا طويلا عندما حضر مع أخته ( لالة نجية) وزوجها ( سي إبراهيم) لمواساة الطايع ومشاركته حزنه حول مآل فتاح بسبب نضاله الوطني والحزبي. وكانت " الأم" طيفا حاضرا لجمع الشمل مرة أخرى.